التصريحات النارية التي أطلقها الامين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصرالله يوم السبت، أکدت مرة أخرى على حقيقة أن من شب على شئ شاب عليه، وأن حزبا نشأ و تأسس على مبدأ العنف و القوة و يتمتخر بالاسلحة و الصواريخ، لن يکون من السهل و الهين عليه الانصياع لمنطق الحکمة و العقل و يتمکن من أن يعيش تحت سقف الديمقراطية الرحب.


السيد نصرلله، الذي يحظى بجماهيرية عريضة بين العرب من المحيط الى الخليج، والذي يکاد أن يکون شغلا شاغلا للکثير من الاطراف على مختلف الاصعدة، يبدو أنه قد إنتابه نوع من الملل من حالة الدعة و الهدوء التي قضاها منذ إبرام إتفاقية الدوحة التي سيمضي عاما عليها بعد بضعة أيام وانه قد صمم من جديد أن يعود ليصبحquot;مالئ الدنيا و شاغل الناسquot; وان يعيد بالذاکرتين اللبنانية و العربية الى النصاب التي حددها حزبه لمختلف القوى السياسية اللبنانية في السابع من آيار مايو 2008 ويطرح مرة أخرى الظلال الداکنة لقوة و سطوة حزبه قياسا الى الاحزاب الاخرى.


ولئن کانت معظم القوى السياسية اللبنانية تخشى بأس و سطوة هذا الحزب و تعى بشکل أو آخر أن لامناص لها في النهاية سوى الإنصياع لإملائاته غير العادية، فإن هذه الاحزاب(وکافة دول المنطقة و العالم أيضا)تدرك جيدا بأنها في واقع الامر تتحاشى من الاصطدام بقوة إقليمية تقف وراء هذا الحزب، قوة باتت الادارة الامريکية ذاتها تتحسب منها و تحاول حسم الامور معها بطريقة ودية، ناهيك عن مايثار و يشاع خلف الکواليس عن مفاوضات شبه سرية بين الجانبين للإتفاق على جملة أمور قد يکون العرب الخاسر الاکبر فيها.


ان عودة السيد نصرالله لمنطقه الاصلي في إطلاق التهديد و الوعيد وبعث الرسائل الضمنية و المبطنة، قد يکون توقيته متزامنا لتقوية أجندة محددة ربما سيحتاجها ظهيره لمفاوضات ماراثونية عسيرة مع أمريکا اوباما وهو امر قد يکون واردا سيما وان هنالك إشارات قوية على قرب بدء التحضيرات الاساسية لها وان الطرفين سيحتاجان الى مجموعة اوراق ضغط ضد بعضيهما لإستخدامها أثناء جولات المفاوضات، وقطعا فإن حزب الله اللبناني سيکون واحدا من أهم اوراق الضغط التي سيتم إستخدامها ضد واشنطن. لکن واقع الحال أيضا قد لايحتمل بأن يلجأ السيد نصرالله للقفز من فوق الحواجز التي وضعتها إتفاقية الدوحة خصوصا وان شکل ومضمون حالة الاصطفاف الدولي قد تقف موقفاquot;قوياquot;ضد الطرف المغامر من هذه الناحية خصوصا إذا ماکان هذا الطرف هو حزب الله بذاته.
لقد کان يوم السابع من آيار مايو 2008، بمثابة کابوس أذهل اللبنانيين و العرب و العالم وان الجميع يجاهدون لکي ينسوا کافة تفاصيله و مجرياته المؤلمة، لکن الغريب عندما يلجأ السيد نصرالله للتمجيد و التحميد بهذا اليوم الاسود ويلوح بأن هذا التأريخ هو الذي صنع ماقد تلاه من أحداث و إتفاقية الدوحة من ضمنها طبعا!


السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: الى متى سيبقى حزب الله اللبناني و زعيمه مسيران و موجهان لسياق الاحداث و الى متى سيبقى العرب يخشون من حدوث أمور هم يعيشون أجواءها بالفعل؟

نزار جاف