كأنه لم تكف العراق كل أنواع المصائب و العلل و الأمراض التي تهاطلت على شعبه بدءا من عام 1990 و خلال سنوات الحصار الدولي و التي أخطرها مرض الجهل و التجهيل و شيوع الطائفية النتنة و المريضة و ما أتت به مرحلة الإحتلال التي لازالت مستمرة و أفرزت عللا و أمراضا تكفي لإبادة نصف سكان الكرة الأرضية، لتأتي عليه و تهجم على جسده المثخن بالجراح و الندوب الغائرة فايروسات من نوع جديد و مبتكر وهي فايروسات المرض الجديد ( إنفلونزا الخنازير )!! ليكون بديلا موضوعيا ( لإنفلونزا ....) التي تعانيها الطبقة الطائفية الحاكمة الجديدة من أتباع الأحزاب الدينية و الطائفية المعبئة بكل السلالات الجرثومية لنفايات التاريخ و رواياته الخرافية المندرسة!

وغني عن الذكر إن الأمراض السرطانية بكل تشكيلاتها قد أضحى لها مستوطنات دائمة في العراق بفعل سنوات الرصاص و الحروب و الدمار، كما أن أمراض السكري و الغدد قد إرتفع عنانها للسماء، أما الأمراض النفسية و العصبية فهي الموت الصامت الذي يفتت الخلايا العصبية للمجتمع العراقي، أما أمراض المناعة و الدم كالأيدز مثلا فهي السر المطبق المسكوت عنه بالكامل و الذي لا يحاول أحد فتح ملفاته لا من أهل البرلمان و لا من أهل ( سوق الهرج )!و الأسباب عديدة بعضها ديني طائفي للأسف!!.

و تشير الأخبار الواردة من العراق ووفقا لتقارير صحية لم تنشر رسميا بعد بأن هنالك 412 إصابة محققة بإنفلونزا الخنازير المعروفة علميا بفايروس
H1N1
وإن تلك الإصابات هي بين صفوف القوات ألأميركية العاملة في العراق والمنطقة أيضا، و يشير التقرير إلى أن 76% من الإصابات قد حدثت مع الجنود العائدين من إجازاتهم العائلية و إن عدد الإصابات مرشح للتصاعد و الإنتشار في العراق خصوصا و أن القطاع الصحي العراقي يعاني من كارثة حقيقية في ظل إنعدام الخدمات الصحية و الضغط الكبير على المستشفيات و تدهور الحالة الخدمية و ضعف التيار الكهربائي و صعوبة فصل الصيف الذي تحول اليوم لكابوس حقيقي في ظل العودة الميمونة لأمراض خطيرة مثل الكوليرا و الملاريا و حالات الإسهال و جميعها أمراض يتعلق إنتشارها بطبيعة الحالة البيئية التعبانة و إنتشار الأوساخ و القاذورات خصوصا و أن مياه المجاري و بقية المياه الثقيلة الظاهرة للعيان هي التي تطبع السمات العامة للمدن العراقية وحيث فشلت جميع بلديات العراق في التعامل مع ظاهرة التدهور البيئي أو الإلتزام بالحد الأدنى من شروط النظافة، و إذا كان الإنتشار الكبير لإنفلونزا الخنازير بين صفوف القوات ألأمريكية قد يجد له حلا في المستشفيات الميدانية العسكرية التابعة للجيوش الأمريكية فإن إنتشاره بين المواطنين العراقيين في ظل التدهور الخدماتي و الصحي الراهن يشكل أكبر من مشكلة حقيقية خصوصا و أن العجز الحكومي المفجع و الذي حول العراق لدولة فاشلة بإمتياز سيفاقم المأساة و ستكون إنفلونزا الخنازير وباء حقيقيا قد يلغي أو يؤجل محاسبة أهل إنفلونزا الفساد التحاصصي هذا إن كانت هنالك ثمة محاسبة فعلية وحقيقية و ليست مجرد مبادرات للضحك على الذقون كما نعلم و تعلمون!!

إنفلونزا الخنازير الأمريكية الجديدة أضافت للمشهد العراقي أبعادا سوريالية مضافة، فإنتظروا الكوارث التي ستواجهها الحكومة العراقية العاجزة بالشعارات و الإبتسامات و الخطب الحماسية في مضارب ( بني عبس )..!

داود البصري


[email protected]