الحمد لله الذي أعاد المياه النقية اللبنانية الى مجاريها. انتصر لبنان على اعدائه، انتصرت الديمقراطية على ثقافة الجهل واللهث وراء الزعماء بطريقة عمياء خالصة. الحمد لله الذي أظهر الحق وأبطل الباطل، فازت قوى 14 آذار التي استحقت الفوز على الذين يضمرون للبنان كل شيئ الا الخير. فازت القوى المدعومة من العالم أجمع، ومن الأشقاء العرب، أقول الأشقاء العرب الذين ساعدوا وجاهدوا ودعموا لبنان الحر الديمقراطي في ظل مخططات اقليمية كانت تضمر للبنان وباتت معروفة لدى القاصي والداني.
فازت القوى التي ما كانت لتنشأ وتثور الا بعد ان شهد لبنان الزلزال الأكبر.. زلزال 14 شباط 2005 وما تبعه من هزات أرضية ارتدادية فتكت بأكثر من 15 مسؤولا ونائبا ومئات المواطنين اللبنانيين. انه لأمر مضحك ان يطل أمين عام حزب الله أمس ويقول انها أغلبية نيابية وليست اغلبية شعبية، وصناديق الاقتراع ما زالت لم تقفل بعد!!!
يريد ان يخفي الحقيقة في أسرع وقت ممكن والناس ما زالت تحاول مسح اللون الأزرق عن ابهامها اثر التصويت والاقتراع قبل يوم واحد من خطابه. انه لأمر مضحك ان نتجاهل خيار اكثر من نصف الشعب الليناني ونمحو ارادته لنقول انكم لستم الا اصواتا وليس عددا كبيرا وهائلا وقف وراء الصناديق حتى تداخلت الأكتاف بالأكتاف وكأنه يوم quot;الحشر quot; كما وصفته احدى السيدات اللواتي أصرين على الوقوف في الصف الذي تعدى طوله جدار الفصل العنصري في دولة فلسطين المحتلة.
طل علينا زعيم بيروت النائب سعد الحريري بخطاب النصر الهادئ، وليت الجميع يتبعون أسلوب النصر هذا، دون رفع الأصابع والتهديد والوعيد من دون ان يكون لهم قوة سياسية يتمتعون فيها حتى يتمكنوا من اثبات وجودهم بطريقة مشرفة وحضارية بعيدا عن القاء التهم والتحريض المذهبي وشحن الشعوب التي لم يعد أمامها الا طاعة quot;الكبارquot; الذين يتمترسون بشعوبهم وجمهورهم ويضعونه دائما في المرصاد. وحين يرون انهم ضعفاء سياسيا يلجأون الى ما يدعون انه سلاح quot;الدفاعquot; عن لبنان، حيث ان الكلمة الأصدق هنا هي سلاح الدفاع في قلب لبنان. دافع هذا السلاح عن لبنان حين دمرت اسرائيل مدنا باكملها وقتلت المئات، اليس كذلك؟
السؤال الأبرز هنا: ماذا لو فازت قوى 8 آذار في انتخابات الأحد؟ الجواب: سوف ينقلب لبنان الحر رأسا على عقب: سيطرة ايرانية، سرقة اموال الشعب لتحقيق مصالح استراتيجية، زيادة الديون المتراكمة أصلا منذ العهد السوري، لبنان= ميدان لاستعراض العضلات الايرانية وصواريخ رعد المشؤومة، وداعا لطاولة الحوار المهترئة أصلا، اسكات الآراء والمتكلمين والصحافيين وسياسيي الرأي الآخر، ثقافة الموت والشؤم التي دمرت لبنان دمارا هائلا عام 2006، تهديد ووعيد وتحويل الدولة اللبنانية الى مزرعة ينهش فيها الوظائف من هم ابعد عن الكفاءة كما بعد المشرق عن المغرب، يأكل فيها الزعماء التابعون الأخضر واليابس من كل حدب وصوب، وداعا للسياحة والازدهار والتطور والحضارة والاقتصاد وكل ما يمت الى الحياة بصلة... وبئس المصير.
هكذا كاد لبنان ان يصبح لولا كرامة أهله وهنا أحيي بكل ضمير الشعب المسيحي الذي استفاق وانتفض على ما يسمى بظاهرة quot;زعامة عون الخرافيةquot; وقال كلمته الرنانة التي اوقفت كل مكائد ايران وسوريا المحاكة ضد quot;صديقهمquot; لبنان، كما هي غزة صديقتهم اللدود. يا لها من صدمة حجمت الذين يتطاولون على كل شيء في لبنان، الرئاسة والمقامات الدينية والدستور والقانون وحرمات البيوت والمنازل واملاك مواطنيهم ودولتهم وجامعاتهم وحكوماتهم و و و و...الخ..لن اكمل لأنني لن اصل الى نهاية حتى صباح الغد.
هنيئا لك يا لبنان على ما شهدت من حضارة كادت تدفن في أنقاض ما دفن من حريات ومشاريع حريرية كادت تحول لبنان الى بلد من العالم الأول، لكن الأقدار شاءت ان تموت ويدعي من حرض عليه وخرج من السجن مؤخرا انه يستحق ان يكون وزيرا للعدل، ناسيا ما عاناه الشعب في عهد ادارته لمؤسسة الأمن العام في لبنان، من قمع وتعذيب وإفقار وتهديد ووعيد كان ثمنها ان يدفع 4 سنوات من عمره في حجرة لا تزيد عن بضعة أمتار.
هنيئا للبنان الديمقراطية، ديمقراطية التعبير وليس الصمت خوفا، ديمقراطية السلام وليس الحرب ثمنا لتهديدات الآخرين على أرضنا، ديمقراطية الحياة وليس ثقافة الموت والانتقام والحقد، ديمقراطية الاعمار وليس اعادة الاعمار، ديمقراطية الاقتراع وليس الاستفتاء، ديمقراطية التعددية وليس التوتاليتارية، ديمقراطية الحرية وليس السجن الكبير، والصغير أيضا، ديمقراطية احترام الدساتير وليس اقفال مجالس النواب وتعطيل المشاريع، ديمقراطية المساعدة وليس الخراب في وجه المواطنين انفسهم واحتلال الارزاق وتهجير المثقفين واليد العاملة الى المجهول.
هنيئا للبنان هذه التجربة الكبيرة التي انقذتنا جميعا من مآرب الآخرين الذين ادعوا انهم يعملون لمصلحة بلدهم والواقع انهم يكرهون بلدهم وحكوماتهم ويحقدون عليها كل الحقد. اقول لهم ابقوا حاقدين لعلكم تبصرون النور يوما، رغم ان الحقد لا يؤدي الا الى ظلمة النفس التي تحرق أصحابها ومالكيها حرقة لا يستفيقون منها الا عند فوات الأوان.
غدير غزيري
التعليقات