مطلة على نصف الخليج العربي جنوبا ومن الشمال لها طلة اخرى على بحر قزوين لاتقل اهمية عن الاولى.. انها الجارة ايران التي البس الخميني حكمها جلباب الاسلام منذ عام 1979، ذلك اللاعب المشاكس جدا في منطقة الشرق الاوسط على موعد مع الانتخابات الرئاسية العاشرة التي تقام في 12 حزيران الجاري.

دورة انتخابية تستحوذ على اهتمام اعلامي وسياسي اقليمي ودولي بامتياز في ظل ظروف استثنائية جدا سواء اكانت على الصعيد الداخلي في ايران او على الصعيد الاقليمي والدولي خصوصا فيما يتعلق بازمة الملف النووي الايراني وكذلك الازمة الاقتصادية العالمية التي القت بظلالها على الجميع.

الكل يريد ان يعرف الى ان تتجه بوصلة الشعب الايراني؟ نحو الاصلاحيين ام نحو المحافظين؟ ومع ان السياسيات الاستراتيجية في دولة مثل ايران هي ليست بيد الرئيس فقط، لكن هذا الاخير لن يكون ذا صلاحيات شرفية بكل تاكيد والجميع يعرف الفرق الشاسع بين محمد خاتمي واحمدي نجاد.

واذا ما جاءت بعض الفترات بجماعات حاكمة في الضفة الايرانية جعلت العنصرية اساسا مهما في سياساتها مع العرب كامتداد لصراع تاريخي في سالف الازمان بين العرب والاكاسرة الطغاة.. ففي نفس الوقت جاءت في مقابل ذلك سنوات جمر في الضفة الاخرى اثارت نارا تحت الرماد اضفت على الايرانيين صورة مشوهة جدا حتى اصبحوا فايروسات ملوثة في المنطقة وجعلت التعامل معهم ضرب من المحال او في خانة التمرد على الثوابت الوطنية.

هذه وغيرها اسباب كثيرة جعلت الفجوة كبيرة بين الجيرة العربية الايرانية ولا اقول الفارسية فقط لان ايران عبارة عن كوكتيل للقوميات الموزعة على الاقاليم، فايران تضم اكثر من عشرة قوميات موزعة على اقاليم ومناطق مترامية الاطراف.

الايرانيون اعتادوا كثيرا على النغمة الملكية التي هي ايضا رغم لعبتها الصعبة ما فارقت الثورات صفحاتها فكان العهد القاجاري شاهدا حقيقيا على واحدة من اولى الثورات الدستورية في المنطقة وهي ثورة المشروطة ( الثورة الدستورية 1906 ) في عهد ناصر الدين شاه، حيث كانت الغاية في تلك الفترة هي خلق نوع من الملكية الدستورية بغية تضييق الخناق على انفلات الملوك.

وبعد تلك الفترة بدات محاولات للالتفاف على هذه الحركة فاسقطت الدولة القاجارية وجاءت الدولة البهلوية المشحونة بالعنصرية.. ثم تلتها ثورة الخميني الشهيرة في مرحلة كانت تمثل ذروة اشتعال الحرب الباردة التي لا تقبل بوجود المحايدين.

وهكذا لاقت صعوبة كبيرة في خلق التوازن خصوصا وان الثورة بشرت بتصدير نفسها كفكر نضالي على الصعيد السياسي ضد الحكومات الدكتاتورية في المحيط الشرق اوسطي، وهذا ما خلق حول ايران حزام خانق ادى الى استثمار غباء صدام حسين من قبل دول المنطقة وبعض البلدان الكبرى فاشتعلت حدود العراق الملتهبة وزرعت اسفينا من الفرقة بين ضفتي الخليج لا زال حتى هذه اللحضة يلقي بظلاله على العلاقات العربية الايرانية حيث يحذر البعض من هلال شيعي واخرون من سيطرة الايرانيين على العراق.. او غير ذلك من المخاوف.

الثورة الايرانية رغم انها كانت ثورة عمائم وشعارات اسلامية الا انها حملت في نواتها بعض ملامح الديمقراطية بشكل واضح رغم ان تلك الفترة لم تكن تتفهم قيام دولة اسلامية على مبدا الانتخابات في وقت كانت الجيرة الايرانية عبارة عن بلدان تبشر بالعلمانية لكنها تغيّب الانتخابات بشكل معلن.

الا ان المشكلة الازلية التي كانت ولازالت تعاني منها الانتخابات الايرانية هي الشروط الصارمة التي يضعها مجلس صيانة الدستور والتي تمثل عقبة كؤود في وجه الدماء الجديدة التي تمثل ضرورة ملحة للحالة الايرانية، فمجلس صيانة الدستور لم يصادق الا على اربعة مرشحين لرئاسة الجمهورية بينما وصل عدد المرشحين إلى 475 مرشحا!لذلك فالدميقراطية في ايران لازالت تمشي بساق مقطوعة.

جمال الخرسان
كاتب عراقي
[email protected]