ان اجمل ما في مشهد العرس الديمقراطي الذي تشهده کوردستان هذه الايام ضمن الحملة الانتخابية لانتخاب برلمانها ورئيسها يوم السبت القادم،هو حالة الهلع التي تعيشها قيادتي الحزبين الکورديين الکبيرين الاتحاد الوطني الکوردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال الطالباني ورئيس الاقليم مسعود البارزاني، وذلك بسبب ظهور منافسين جديين لهم لاول مرة في تاريخ التجربة الديمقراطية التي يعيشها اقليم کوردستان منذ اوائل التسعينات من القرن المنصرم.

فبالرغم من ان غالبية التوقعات تصب لصالح فوز الحزبين الکبيرين،وهي توقعات وجيهة بلا شك لاسباب عدة ومنها وقوف قيادتين تاريخيتين کبيرتين، بکل ما لهما وما عليهما، على راس الحزبين، فضلا عن تربعهما على امکانات مالية واعلامية هائلة، وهذا امر حيوي في اي عملية انتخابية، فان الاستنفار الحاد والعارم في صفوف هذين الحزبين من قمة الهرم والى الاسفل في هذه الحملة الانتخابية يثير الکثير من الاستغراب لدى العديدين عن سبب کل هذا الاستنفار وهذا الهلع في هذه الحملة الغير متکافئة اصلا والمعلومة الفائز مسبقا..!!

فناهيك عن المفاجئات والتي هي دائما واردة في اية انتخابات، يواجه الحزبان الکوريان منذ تقاسمهما السلطة وقيادة العملية السياسية،منذ عقد ونيف،واقعا جديدا يتمثل في ولادة معارضة برلمانية جدية في البرلمان القادم لکوردستان،هذا امر مر المذاق لمن مارس السلطة لسنين عديدة من دون ان يختبر التعايش مع المعارضة، التي ستعمل على مراقبتها ومسائلتها واستدعائها ومحاسبيها الامر الذي لا يتمناه من لم يتعوده.

ان اختياري لکلمة الهلع لوصف حالة الحزبين الکورديين في الحملة الانتخابية الجارية في کوردستان ليست في الحقيقة للاساءة لهذين الحزبين ولم يکن سلبي المنال البة، لا بل وعلى العکس اردت من ذلك التشديد والتاکيد على سحر الديمقراطية وعظمتها حيث تعمل على تنمية الوعي لدى الحاکم والمحکوم عندما يقبلا بها کعقد لالية التعامل فيما بينهما. فهاهو مسعود البارزاني ينزل من قصره العالي في سري رش ليجول المدن والقصبات الکوردية، وکذلك الرئيس الطالباني الذي يکاد لم يترك بقعة من کوردستان وزارها ليروجا لقائمتهما الانتخابية، شأنهما شأن الاخرين، الامر الذي لم تشهده البلاد من قبل.

انها نقطة مضيئة تسجل لصالح زعيمي الحزبين الکورديين بقبولهما واختيارهما التحدي الديمقراطي رغم المرحلة الحساسة التي يمر بها الاقليم، وهو قرار شجاع وحکيم بحق. وهي نقطة مضيئة ايضا لصالح قائمة التغيير وقائمة الاصلاح اللتان ساهمتا في اعطاء التجربة الديمقراطية الکوردستانية زخما جديدا وقويا في الاتجاه الصحيح في طريق بناء الديمقراطية الحقيقية.

انه لمن الاهمية بمکان ان تحترم کل الاطراف وعودها بالقبول الحضاري لنتائج الانتخابات، والتحضير للتعايش الحضاري بين الحکم والمعارضة، الامر الذي من شأنه ان يرسخ مجتمع المؤسسات ودولة القانون وتحقيق الازدهار والرفاهية لعموم ابناء الشعب.

ان ما تشهده کوردستان اليوم من اجواء انتخابية محمومة يشارك فيها الکل بلا استثناء، هو دليل على ان ديمقراطية کوردستان سليمة..وبخير.

آسوس جمال قادر
mailto:[email protected]