سعادة غامرة ملأتني بإنعقاد أول مؤتمر لإتحاد أقباط أوربا في النمسا، وسر سعادتي أن الإتحاد لم يمضي علي تأسيسه سوي بضعة أشهر، وثانيا أن منظمي المؤتمر معظمهم ينتمون للجيل الثاني من الحركة القبطية. فالحركة القبطية في المهجر التي أشعلها الراحل العظيم شوقي كراس ومعه الدكتور منير داود في أمريكا والدكتور سليم نجيب في كندا أطال الله في عمرهما، ومعهم عدة أفراد ساعدوهم في ظهور حركتهم للنور، رحل الكثير منهم وتبقي القليل من جيل الرواد. تلك الحركة التي أعاد إشعالها وأعاد لها شبابها الأب الروحي لأقباط المهجر المهندس عدلي أبادير، والتي إعتقد البعض أن بعد رحيل جيل الرواد سوف تنتهي وللأبد. ولكن هيهات لقد عًلم الرواد فأحسنوا التعليم وبعد إن كانوا عشرات أصبح أولادهم في الحركة بالألاف وهاهم جيل التلامذه يثبت للعالم كله إنهم لا يقلون قوة وإصرار وعزيمة عن جيل الرواد ويبرهنون أن الحركة القبطية كنهر الحب الجاري الذي لا ولن ينضب أبدا.


لقد نجح الدكتور عوض شفيق والإستاذ مدحت قلادة ورفاقهم في تجميع صفوف أقباط أوربا في إتحاد واحد لتظهر ثمار الإتحاد في غضون عدة شهور، ولأول مرة في تاريخ مؤتمرات الأقباط يحضر المؤتمر شخصية سياسية بحجم رئيس البرلمان في النمسا ووزير دفاعها السابق ورئيسة مجلس حقوق الإنسان بالنمسا التي صرحت خلال المؤتمر، أنه آن الأوان لأوروبا أن تتوقف عن صمتها إزاء اضطهاد الأقباط فى مصر، وأن عليها أن quot;تحارب من أجل حصول الأقباط على حقوقهم. لقد فاق نجاح التلامذة نجاح الرواد فهنيئا لهؤلاء الرواد العظماء الذين ربوا وغرسوا في قلوب تلاميذهم حب الوطن والإخلاص للقضية القبطية والإصرار علي إستعادة حقوق الأقباط المسلوبه. حقا أن نجاح شباب الأقباط ما كان له أن يتحقق لولا جهود هؤلاء الرواد.


لقد ظهر إتحاد أقباط اوربا في وقت عصيب جدا ألا وهو إقتراب نهاية حكم الرئيس بوش وإقتراب أوباما من الحكم مع تصاعد وتنامي الدور الأوربي وبدأ إهتمام الإتحاد الأوربي بقضايا حقوق الإنسان، في الشرق الأوسط عامة ومصر خاصة وظهر ذلك في بيان البرلمان الأوربي العام المنصرم الذي أدان انتهاك مصر لحقوق الأقباط. فمع تحول الدفة في السياسة الامريكية في صالح الحزب الديمقراطي المعروف عنهم عدم إهتمامهم بالقضايا الخارجية وإفتقادهم للجرأة في التعامل مع القضايا الخارجية وخصوصا مسألة حقوق الإنسان. كان يجب إيجاد جهة أخري يستطيع الأقباط من خلالها توصيل صوتهم للعالم فكانت أوربا هي الأفضل والانسب والأكثر تأثيرا من امريكا في الوقت الحالي وحتي تنتهي فترة حكم الرئيس أوباما ذو الأصول الإسلامية، والتي بلا شك أثرت فيه وفي تقييمه وتعامله مع كافة القضايا وخصوصا حقوق غير المسلمين في بلاد بها غالبية مسلمة.


وكالعادة ومع كل نجاح لأقباط المهجر ينشط الإعلام الوهابي لتشويه صورة الأقباط الذين قاموا بهذا العمل، يساندهم حفنة من نصاري الحكومة واليهوزات، وصدقوني الهجوم يكون بقدر النجاح الذي تحقق قيزيد مع زيادته والعكس صحيح، وكم كان الهجوم عنيفا هذه المرة وهو الذي جعلني أشعر بمدي النجاح الذي حققة إنعقاد المؤتمر. ولكن ما أذهلني هو الهجوم الشخصي الذي تعرض له الأستاذ مدحت قلادة من أحد الصحفيين المغمورين في جريدة الجمهورية والذي لن أذكر اسمه حتي لا أحقق له ما أراده، وللأسف فهو قبطي ولكن quot;أكل العيش المرquot;، ربما لو لم يفعل ذلك لتمت إقالته من العمل. ولأن الرجل ربي تربية العبيد فرضي بالفتات المتساقط من المائدة وتعلم أن يطالب بحقوقه علي طريقة quot; لله يا أسيادناquot; تلك الطرق التي يأبي أن يتبعها مصري حر أصيل كقلادة. والحقيقة فكل واحد حر في الإسلوب الذي يتبعه ولكن الذي ليس هو حر فيه التجريح الشخصي وأن يفرض الإسلوب quot;العبيديquot; علي غيره. أما السيدة جورجيت قليني عضو مجلس الشعب الموقر والتي لا تنكر وجود مشاكل للأقباط وتطالب بحلها من الداخل نقول لهاquot; ما تروحي تحلي ياستي وهو فيه حد ماسككquot;


في النهاية أهنئ جميع الأقباط بنجاح المؤتمر القبطي في فينا وفي إنتظار المزيد من أقباط أوربا وأمريكا وكندا واستراليا وأهنئ الأب الروحي للإتحاد الأستاذ العزيز حنا زكي حنا. وأقول للجميع صدقوني لولا نجاحكم ما كان أحد حتي فكر في مهاجمتكم والذين يهاجمونكم يقدمون لكم خدمة إعلامية عظيمة وجب عليكم أن تشكروهم علي هذه الخدمة. بالإضافة أن كل نقطة حبر أسود تكتب عنكم لتهاجمكم تزرع لكم في قلوب الأقباط والمصريين الشرفاء وروود بيضاء من الحب فهنيئا لكم حب أبناء البلد المخلصين ودعواتهم وصلواتهم من أجلكم وهنيئا لنا إنكم اخواتنا الذين نعتز ونفتخربهم أمام العالم كله.

مدحت عويضة

[email protected]