تحت عنوان مسيحيو العراق: بين التخلي العربي والاجندة الكوردية، نشر الاستاذ سليمان يوسف يوسف مقالة في موقع ايلاف لا ادري باي تصنيف اصفها غير انها تخلط الامور والاحداث بغير اسبابها. فعنون المقالة المثير ينبي بان مسيحيي العراق خاضعين لاجندة مرسومة من قبل الكورد، وان العرب حماة المسيحيين والمدافعيين الصلدين عنهم قد تخلوا عنهم في الاونة الاخيرة عراة ضعفاء يرسم مستقبلهم من قبل اجندة كوردية عدائية. واذا يبتداء الكاتب المقالة بقصة السيدة ريتا عزيز فهو يقع في المطب الاول، فريتا تعرضت الى ما تعرضت له في مناطق عربية وبايدي منظمات اسلامية عربية. واذا كان الكاتب قد صورة القصة كمحنة لكل مسيحي العراق، لانها تلخص مأساتهم في العراق الذي يقول عنه العراق الفدرالي وبصورة تهكمية، فان الكاتب يرمي الى منح سبب الفوضى الى دخول القوات الامريكية وتحرير العراق من صدام وزبانيته. ويمنح لهذا الدخول الذي يسميه الغزو التسبب في ايقاظ الصراع الطائفي والنزعات العرقية وتهديد مستقبل العراق بحرب اهلية. من هنا نود ان نقول للاستاذ الكاتب ان توصيف الوضع المعروف ومنح اسباب غير الاسباب الحقيقية لما يحدث في العراق هي عملية مغالطة ان لم تكن تغطية للسبب الحقيقي والذي هو تمكن فئة معينة من السيطرة على العراق ومنذ تاسيسه وابعاد كل الفئات الاخرى من المشاركة في صنع قرار بلدها، ما لم تكن خاضعة تماما لمصالح الفئة القابضة على زمام السلطة.فمذبحة الاشوريين معروفة الاسباب والدوافع، وضرب الحركة المطلبية الكوردية منذ الاربعينيات معروف، وعمليات السحل والقتل المتبادل وتدمير ممتلكات الدولة وتهجير مئات الالاف من العراقيين بضمنهم فئات من ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري، والشيعة العرب والكورد الفيلية الى ايران بحجة اصلهم الايراني، ودكتاتورية السلطة، وعمليات تدمير الاف القرى الكوردية والاشوري، كل ذلك وغيره لم يكن سببا كافيا لكي يهدد مستقبل العراق الموحد؟!


هناك من يحاول ان يكون استاذا على الجميع عندما يربط مصير الكلدان السريان الاشوريين والازيدية والمندائيين والشبك بمصير الدولة العراقية، هذه الدولة التي لم تحترم يوما وجود هذه الاقليات منذ تاسيسها ولحد الان، فالدولة هي التي دمرت البنى التحتية لهذه الاقليات وقد ذكرنا بعضها، والبعض الاخر نود ان نذكر بها وهي ان العراقيين كلهم كانوا يعرفون عن بابلو نيرودا ولوركا وهمنغواي ودستوفيسكي وهيغو ولكن هؤلاء العراقيين لم يعرفوا عن ميشائيل لازار وعن يوسف قليتا اوتوما اودو او مئات الشعراء والادباء من ابناء شعبنا او ابناء الاقليات الاخرى وخصوصا من كتب بلغته الام. لا بل طال امر تغيبهم حتى في بعض تاريخهم فالفترة المسيحية المزدهرة ثقافيا وعلميا في المدن التي هي ضمن العراق او كانت ضمن التاثير او خاضعة لتوجهات ادارية وسياسية وثقافية لقيادات كانت تتخذ من مدن تقع في العراق الحالي مقرا لها كجامعات اوروهي ونصيبين وجيندي شابور والدير الكبير وعشرات المؤلفين والكتاب والفلاسفة لم يتم ذكرهم ولم ينوه عنهم وكان العراق كان ابان الامبراطوريات القديمة وبعث مرة اخرىة ابان الغزو العربي الاسلامي.. وقد تعرضت باقي الاقليات لعمليات اضطهاد مبرمنج ومنها تغيبها من مناهج التعليم وتغييب التعليم بلغاتها وعدم الاعتراف بوجودها ولعل عملية الاحصاء السكاني لعام 1977 خير مثال عندما تم الضغط على الجميع لخيار اما عربي او كوردي للتسجيل في حقل القومية. وعند ذكرالكاتب لتعرض شعبنا للارهاب من قبل تنظيمات ارهابية يذكر الامر وكان الارهاب وليد صدفة ما وليس كعملية ناتجة عن واقع تربوي سياسي. ان الارهابيين هم نتاج تربية الدولة التي قسمت مواطنيها حسب الولاءات الطائفية والعشائرية والدينية والقومية، فعائلة رئيس النظام كانت الاولى في كل شئ، بالثروات والمناصب والبروز الاعلامي، وهي الاقرب لمجال القرار السياسي، ومن ثم عشيرة الرئيس ويلها اهل قريته ومحافظته، ومن ثم الحزبيين السنة وان كان فيها بعض الشيعة ومسيحي واحد فهؤلاء كانوا من مستلزمات تكملة الصورة، فهذا المسيحي لم يرفع صوته معترضا عندما تم فرض تدريس تفسير القران على جميع الطلبة من السنة الرابعة ومافوق. الذي اعترض كانت الشبيبة القومية وبالاخص تلامذة المدارس من مختلف المراحل واعضاء لجان الشبيبة الاشورية. ان الحملة الايمانية التي قادها النظام خلقت من مجرمين عتاة ارهابيين دينيين، حينما اخرجت من السجون كل من تخطت علومه او حفظه لمدى معين من سور القران الكريم، فخريجو السجون المؤمنين الجدد غيروا مهنتهم من السرقة والقتل والاغتصاب الى اغتصاب المجتمع برمته.


اذا ان محالوة تصوير ان الاقيات حضت بحماية الدولة العراقية هو امر بعيد عن الواقع، فالاقليات لم تحضى في يوم من الايام بحماية ما، كل ما في الامر ان ما تعرضت له هذه الاقليات في السابق، بقى مكتوما وغير مبرز في الاعلام او تم تخطية على اساس مبداء سيادة الدولة على شعبها وارضها.


نعم هناك منظمات ارهابية سنية وهناك توجه شيعي لاستئصال الغير المسلمين من مناطقهم في البصرة وبعض بغداد كمثال، الا انه لحد علمي لم نرى منظمات ارهابية كوردية، كل ما قيل من قبل السيد النجيفي لم يتم التاكد منه، وكل ذلك بقى ضمن حملة الاتهامات المتبادلة بين الكورد والسيد النجفي وحلفاءه، وهذا لا يعني ان الكورد قاطبة لهم توجه لقبول الاخر، لا ولكن بكل المقايسس لم نلاحظ وجود منظمات ارهابية كوردية تعمل لاستئصال المسيحيين او المندائيين او الشبك والازيدية الذان يعتبران على نطاق واسع او بغالبية انهم كورد من الناحية القومية ولكنهم يؤمنون بدين او بمذهب اخر، عدا منظمة مرتبطة بالقاعدة.


واذا كنا نتفق مع الكاتب حول استهداف ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري، وتقديمه الشهداء الكثر في هذه المعمعة التي يعيشها العراق، واذا كنا نحمل الحكومات العراقية المتعاقية والقوى السياسية العراقية بغالبيتها مسؤولية ما يتعرض له ابناء شعبنا، لان لا الحكومة العراقية ارتقت الى مستوى المسؤولية الوطنية لوقف مثل هذا الاستنزاف الدائم لمكون اصيل واساسي في العراق، ولا الاحزاب السياسية الكبيرة وقفت موفا حازما من استهداف ابناء الاقليات الدينية والقومية. كان على هذه الاحزاب ان ترتقي الى مستوى العمل المباشر اعلاميا وتنظيميا وسياسيا لوقف الاستهدافات التي اساسها تصفية او اوازلة مكون من مكونات الشعب العراقي، وان لا تكتفي ببيانات الاستنكار المتكررة والمملة. ان حالة الانفلات التي يعيشها العراق والعراقيين هي نتيجة لزوال الشعور الوطني الحقيقي، الرابط الذي يربط بين المواطنين، لان العراق بالحقية كان منذ تاسيسه كبلد عام 1921 يعتبر من حصة طرف واحد، ان استشراء ظاهرة العنف وان لم تكن غريبة عن العراقيين او المناطق التي يتكون منها العراق الحالي، الا ان استمرارها رغم التمدن والرقي وارتفاع نسبة التعليم لهو مثار تساؤل كبير، عن العلة التي تجعل العراقيين مستعدين لهذا التحارب لحد افناء الاخر.


لا ادري وامام السرد اعلاه متى كان عرب العراق مهتمين او حماة المسيحيين؟ لكي يعاتبهم الكاتب لتخليهم عن المسيحيين؟ واذا كنا ننظر الى العرب بمختلف مذاهبهم كعراقيين اشقاء في الوطنية فمن المفروض ان ننظر الى الكورد بنفس الصفة، لو كان لدينا ادراك للمفاهيم الوطنية. ولكن الظاهر ان الكاتب تاخذه نظرته السلبية تجاه الاكراد وبشكل عام الى تجريدهم من وطنيتهم العراقية، وهم المكون الثاني في العراق من ناحية العدد والمكون الاقوى من الناحية السياسية والاكثرة قدرة على الانفتاح على العالم دون هواجس دينية. وهذه الحالة نرى عكسها لدى اغلب التنظيمات السياسية العربية سواء الشيعية وهي بغالبيتها دينية او السنية الدينية منها او القومية العروبية، التي تنظر للعالم الخارجي كتهديدج لها وبالاخص لدينها.


يظل الكاتب يردد الاجندة الكوردية دون ان يوضح لنا ما هي الاجندة تلك لكي نتحاشاها، ونعتقد ان المسألة هي ترويج خطاب سياسي ديماغوجي اكثر مما هو ترويج معلومات وتنبيهات لمنعنا من الوقوع في مطبات معينة.


لقد كان مطلب المنطقة الامنة ضرورية في اعوام 2005 و2006،ولو كان قد تحقق في حينها لكانت لنا الان قوة سياسية وامنية يمكن ان تكون ضمن الحسابات السياسية للعراق بكل مكوناته. ولكانت هذه المنطقة اللبنة الاساسية لمنطقة الحكم الذاتي، الا ان المقترح رفض من قبل البعض لمصالح سياسية انتخابية انية والبعض الاخر رفضه سيرا على نهجه القديم في التملق للعرب العراقيين وبالاخص للسنة. وها هو شعبنا لا يزال يدفع اثمان كل ذلك، بحجة حماية العراق الموحد وكان الاقرار بالحكم ذاتي لابناء شعبنا هو الذي يهدد وحدة العراق، ونحن نقول ان اقرار الحكم الذاتي لشعبنا يرسخ الوحدة الوطنية لانها ستكون مبنية على خيارات وعلى الكرامة والحرية، وليس على الغصب. اليوم وهو ليس متاخرا جدا، بات مطلوبا ان نتخذ موقفا سياسيا نابعا من مصالح شعبنا، وهذا الامر لا يهدد وحدة العراق، والا لكان استيلاء السنة على السلطة كل هذه الاعوام اكثر تهديا لوحدة العراق، وتكالب الاحزاب الطائفية والقومية على توزيع المغانم هو اكبر تهديد لوحدة العراق والاقرار القانوني بحق انشاء الاقاليم الفدرالية هو المهدد الحقيقي لوحدة العراق، وليس مطالبتنا بحق مشورع هو المهدد لوحدة العراق. من حق الكورد ان يعملوا ما يروه صالحا لشعبهم، لا بل ان القيادة الكوردية اثبتت انها الاكثر حصافة وقدرة على التحاور والنقاش للوصول الى الحلول المنشودة، وكانت القيادة الكوردية بمستوى المسؤولية حينما شرعت ابواب المنطقة لكل المظطهدين وبالاخص الصابئة المندائيين وابناء شعبنا للعودة الى مناطقهم التاريخية وفتحها للمجال للقيام بنشاط اعمار وتنموي وخير لمساعدتهم.


واليوم اثبتت القيادة الكوردية انها الاكثر حصافة حينما اقرت لشعبنا الكوتة البرلمانية بصفتنا القومية الامر الذي يبدوا انه لا يسر الكاتب رغم رفعه الشعارات القومية الاشورية، فهل نستغل المسألة لتحقيق ذلك في الدستور العراقي ايضا؟ وهل سنعمل من اجل ترسيخ ما تحقق في دستور اقليم كوردستان على الارض، وزيادة الحقوق وتطويرها، ام سنعمل على تشديد حروبنا الداخلية على التسمية والقيادة من اجل ضياع ما تحقق؟


يظل البعض يتغنى ويروج لسهل نينوى وكان المنطقة هي بيد شعبنا، وهو الذي يديرها ويحفظ فيها على ذاته، متناسين ان هذه المنطقة تضم خليطا من الكلدان السريان الاشوريين، والشبك والازيدية والكرد المسلمين والعرب، كما ان المنطقة تعرضت لحملة تعريب مستمرة ابان زمن النظام السابق، والمنطقة الان هي تابعة لمحافظة نينوى وتسير بتجيهاتها في كل الامور، ثقافيا وسياسيا وتنمويا، فعلى ماذا يتباكى البعص ويقول ان الكورد يريدون الاستحواذ على سهل نينوى؟ وهم يمثلون ثقلا معتبرا فيه من خلال الازيدية وبعض الشبك. بالطبع لا نتوقع حدوث مجابهات عسكرية او حرب الجبهات بين العرب والكورد، واذا كان سهل نينوى هو منطقة بين الطرفين فهو يضم الطرفين ككل مناطق التماس التي تمتد لاكثر من الف كيلومتر لا يشكل منها سهل نينوى الا اربعين كيلومتر كاكبر احتمال. وبغض النظر عن ان حكومة الاقليم ساعدت المسيحيين ام قامت بواجبها تجاه مواطنيها حيث الغالبية هم من ابناء الاقليم وتواجدوا في المدن مثل بغداد والموصل والبصر بعد عام 1961 باعداد كبيرة، الا ان المحير في الامر هو ان القيام بالواجب يعتبر استمالة لتحقيق اجندة، وعدم القيام باي واجب تجاه ولو كمواطنبين عراقيين، يعتبر خيانة، فهل هناك موقف بين الموقفين كان يجب ان تقفها قيادة الاقليم لكي يرضى عنها البعض، ومع الاسف لا ينيرنا الكاتب عن ماهية الموقف المطلوب وقوفه؟


يدرك الكاتب ويدرك الجميع ان وجود شعبنا بغالبيته العددية هو في محافظة دهوك ومن ثم نينوى واخيرا اربيل، اما تواجده في المحافظات الاخرى فقد زال او كاد ان يزول بعد ان كانت مدن الجنوب والوسط في القرون الوسطى مسكونه بهم، وما الوجود الحالي الا نزوحا من المحافظات الثلاثة التي مر ذكرها. وبالتالي فان هناك رابط مصير يربط بين شعبنا الكلداني السرياني الاشوري والكورد، ورابط الجوار الجغرافي الذي لايمكن فصله، حيث تتداخل القرى بعضها ببعض لحد يصعب فصلها. وعليه فانه من المفروض تنمية وجودنا ودعمه في هذه المحافظات التي نمتلك فيها اراضي عائدة لابنماء شعبنا ونملك نوع من الارتباط الوجداني بالارض، وان اقرار اقليم كوردستان بحقنا في الحكم الذاتي يعتبر تطورا ايجابيا علينا استثماره، لالحاق بقية مناطق تواجد شعبنا بالاقليم لاسباب منطقية ووجيهة، ولعل اولها ان يتم لم شعبنا في منطقة ادارية سياسة قانونية واحدة، وثانيا زيادة ثقل شعبنا الديمغرافي في الاقليم وصولا الى ترسيخ سياسيات معينة والضغط على الاقليم لترسيخ سياسيات محددة في العراق، ومنهات تطوير النظام السياسي الى نظام علماني كامل، والسبب الاخير ان منطقة سهل نينوى وكما ذكرت سابقا ليست تحت ادارتنا ولا نمثل الثقل الذي يجعل الاخرين يدورن في فلكه، بل ان عرب محافظة نينوى يحاولون فرض املاءاتهم على المنطقة، وبالتالي فالمنطقة ليست ملكا صافيا لنا وهي لا ترتقي الى مستوى تجمعاتنا السكانية في اقليم كوردستان في كل المجالات، فعلام البكاء على سهل نينوى والخوف من انضمامه الى اقليم كوردستان؟ بالاضافة الى ان اقسام من منطقة سهل نينوى هي بحكم المنظمة الى اقليم كوردستان وخاصة قضاء الشيخان وناحية القوش ومنطقة بعشيقة حيزاني فهل ان تقسيم السهل ايضا بين محافظة نينوى واقليم كوردستان يحقق شيئا من امانينا الغير المفهومة؟

[email protected]