الشواطىء الملتهبة لليّل والنهار

لم تكن ذبائح. لا تقدمات حصاد. لا شفاعة ولا مغفرة بانتظارنا
لكننا بعد أن انخسفت الأرض وتصدعت السماء
رفعنا زهرة صلواتنا الى فكرة ايماننا العظيمة.
هل تستمر التحولات في الطبيعة الى ما لانهاية؟
هل شرارة العالم دائمة التنفس الى الأبد؟
هل يعود التحول الى ذاته أم يسير دائماً صوب الرابية المفتوحة للزمان؟
هل تُضيء جذوة المعرفة في أرض وحدتها
أم تركز رايتها في الظلمة العميقة للكائن
وفي المبدأ العضوي للحياة؟
تغيرات عظيمة في الشواطىء الملتهبة لليل والنهار
والبحر هو الطينة التي انبثقت منها أغنية الانسان.
ليست المعرفة الرغبة في اللذة والسطوة
ولا السرور القليل الذي يضيء وحشة اللحظات.
نشيد فنارات الريح ودفء الأقمار المنسدلة في ظهيرة الحِداد
والزبرجد الأزلي في مياه العالم، هو ما يظللُ الماهية الرخوة
للانسان العاري الواقف في باب اللاوجود، بانتظار قناديل حلم العودة
المرصعة عيونها بعقيق المطلق.

انسان شقائق النعمان

في سنبلة نومي المتورمة وفي العثرات المتقلبة للطريق ومكان العمل
وعلى الحافة الحادة للهاوية
يلزمني الكثير من الحرص على ادامة النسمة الضجرة لحياتي.
من الولادة الى النهاية
يد الانسان المقطوعة، وحديقته التي بلا ثمار
وأسراره المتطايرة عبر ممرات صقيع العالم
تلزمهُ أن يحافظ على اللحظة الحرجة التي يدشن فيها موته.
انسان الفوضى والاندثار المستسلم للرماد
والبروق المتضادة.
انسان شقائق النعمان
والدم في نسغ الوردة.
من أجل أخوة الانسان
من أجل محبته
أتخلى عن كل محصول تثمرهُ نار حياتي
وآملُ الامداد الدائم للمعونة الى كل الجنس البشري.
لا أود رؤية السأم والخوف في وجه الانسان
ولا البرد في الجذور الضعيفة لشرارة حياته.
أضحي بنفسي من أجل الانسان الوحيد في كهف أحزانه
وأتخلى بلحظة جوهرية عن قنديلي الأخير لقلبه النبيل.
انسان المحبة
الانسان الجميل
انسان الطبيعة وشفرتها الأبدية في ازاحته والتضحية به.


كلما نرمي حصاة في البحر

أمطار عظيمة تحيطُ الأقاليم المتصدعة للأرض
من أجل الحرارة الهائلة للطوفان
من أجل العروق المجنحة لذهب أسرارنا
والأقراص العالية لعسل الغفران الإلهي.
يا كلمة الرحمة المرجوة
كلمة المحار الذي يملأ شظف شواطئنا بالمعاطف والخبز
كلمة الفولاذ في أنهار تسبيحتنا الأخيرة في الصدوع العميقة لليل الايمان.
صرخاتنا الايروسية
لا معيار لايماضات نيرانها في عطش الخليقة
وها اننا كلما نرمي حصاة في البحر
نسمع تأوهات اناث طيور القطرس
ويستجوبنا النمر في الظلمة الغريبة للسجن
وتصعد الأنفاس في وميض المدخنة.
الآن خمدت اللحظة المتوثبة لنضارة شعاع شموسنا
وثبّتت نفسها حجارة الجرح
في الشواطىء الضارية لليل غربتنا.

التجمدات المتراصة لفراغ حيواتنا

تنظرُ أفعى الارادة الينا من خلال نافذة جحرها وتدعونا
الى أن نتلمس رائحة أسماك موتنا ذات السهام المسننة
لكننا غفونا على المرثاة الرطبة لتقدمنا في السن
مع الشيوخ المنبطحين في أرض اللارغبة
ورأينا الجثث الطافية للغيوم والطيور في سماء الأنهار.
هل تدفىء شجرة صنوبر النسيان التي تمدُّ أذرعها صوب
الممالح العظيمة للهفاتنا، الصرخات المرتجعة للغرقى
في ساعات الفجر؟
الآن ndash; أضأنا مصابيح النعمة في لحظة الولادة
وسلّطنا الصقور على التغضنات التي تبطىء حركة موتنا.
لماذا لا تنسحب اللاطمأنينة مع النغمات التي تضمر نفسها
في التجمدات المتراصة لفراغ حيواتنا؟
هل نبقى نعجز دائماً في مأوى رغباتنا عن ترويض
ارتجافة الخوف عند الطائر الوسنان في شجرة التفاح؟

15 / 2 / 2008 مالمو


* شاعر من العراق يقيم في السويد
[email protected]