تناول مفهوم الملك والخلافة
محمد الحمامصي من القاهرة: تحمل سلسلة التراث التي تصدر في إطار مكتبة الأسرة (القراءة للجميع) عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عددا من الكتب التراثية المهمة من بينها الكتاب الأشهر لابن الازرق laquo;بدائع السلك في طبائع الملكraquo;، هذا الكتاب الذي وقع في منزلتين متضادتين، فرأى فيه بعضهم، كتاب أدب ووعظ، وليس كتاباً في علم الاجتماع، ولا في علم الأخلاق السياسي، وليس فيه من علم الاجتماع إلا تلخيصه لنظريات ابن خلدون الاجتماعية، وذهب آخرون إلى أن كتاب ابن الأزرق، لا يقل في تكامله ولا في منهجيته عن مقدمة laquo;ابن خلدونraquo; والتي يؤسس فيها هذا الأخير لعلم الاجتماع قبل علماء الغرب بكثير من القرون.
وابن الأزرق هو محمد بن علي بن محمد الأزرق الأصبحي، الغرناطي، الأندلسي، المالكي، اشتهر بابن الأزرق، وصفه مترجموه بأنه فقيه من القضاة مشارك في بعض العلوم. توفي 896 هـ1491م، في مالقة، وبها نشأ ثم تتلمذ على علماء الأندلس في عصره.وقد أسهم ابن الأزرق في الحياة العامة، فكان عالماً بارعاً، وفقيهاً جليلاً، ولي قضاء غربي مالقة في أيام سعد بن علي صاحب الأندلس، ثم قضاء مالقة نفسها من محمد بن سعد، ثم قضاء وادي آش عن أخيه علي بن سعد، ثم قضاء الجماعة بغرناطة. وقد انتقل إلى تلمسان بعد استيلاء الإفرنج على غرناطة. وبعدها هاجر إلى المشرق يستنفر ملوك الأرض لنجدة صاحب غرناطة.
وقد أثرى ابن الأزرق التراث العربي بالعديد من المؤلفات منها: روضة الأعلام بمنزلة العربية من علوم الإسلام، وشفاء الغليل في شرح مختصر الشيخ خليل، كما أنه كتب في الكثير من العلوم ومنها الفقه ونبغ بين أقرانه وحاز مكانة مرموقة بين جموع طالبي العلم وتصدر مجالس العلماء.
والكتاب يتناول مفهوم الملك والخلافة ولوازمها ومسائلها وكل ما يتعلق بالدولة والسياسة والأخلاق والعمران الحضاري.
تتألف العناوين الرئيسة للكتاب: مقدمة أولى: في تقرير ما يوطئ في النظر في الملك عقلاً، وفيها عشرون سابقة، منها السابقة الأولى: إن الاجتماع الإنساني الذي هو عمران العالم ضروري، ومن ثم قال الحكماء: الإنسان مدني بالطبع، مقدمة ثانية: في تمهيد أصول من الكلام في الملك شرعاً وفيها أيضاً عشرون سابقة، ومنها الفاتحة العشرون: حيث يقول إن صلاح السلطان وفساده، صلاح الرعية وفسادها، ففي الحديث: صنفان من أئمتي، إذا صلحا صلح الناس: الأمراء والعلماء.
أما الكتاب الأول فقد جاء تحت عنوان: في حقيقة الملك وسائر أنواع الرئاسات، وسبب وجود ذلك وشرطه، وفيه بابان، الباب الأول في حقيقة الملك وسائر أنواع الرئاسات، وفيه ثلاثة أنظار: أحدها: في حقيقة الملك، الثاني: في حقيقة الخلافة، الثالث: في سائر أنواع الرئاسات. أما الباب الثاني: في سبب الملك وشرطه والنظر في ظرف سبب وجوده، وشرطه، وما به، قضى الله ذلك الشرط وهو الحرب والقتال. أما الكتاب الثاني: فقد جاء في أركان الملك وقواعد مبناه ضرورة وكمالاً، وفيه أيضاً: بابان يتناولان أركان الملك وقواعد مبناه من حيث الضروري والكمالي والأعمال التي تقام بها صورة الملك مثل نصب الوزير وإقامة الشريعة وإعداد الجند وحفظ المال وتكثير العمارة وإقامة العدل وتولية الخطط الدينية وترتيب المراتب السلطانية ولوازم صدور الأفعال على أفضل نظام مثل العقل والعلم والشجاعة والعفة والسخاء والجود والحلم وكظم الغيظ.
كذلك الكتاب الثالث الذي جاء: فيما يطالب به السلطان تشييداً لأركان الملك تأسيساً لقواعده، ويشتمل على مقدمة وبابين، و يتناولان ما يجب أن يقوم به السلطان من أجل تشييد أركان الملك وتأسيس قواعده مثل حفظ الدين وإقامة حدوده وتنفيذ الأحكام، ثم جوامع ما تقوم به السياسة المطلوبة سواء في سياسة السلطان التي تنقسم إلى سياسته للرعية وسياسته للأمور العارضة مثل الجهاد والشدائد والنوازل وسياسته للخاصة مثل الوزراء.
وفي الكتاب الرابع يتناول عوائق الملك وعوارضه حيث العوائق هي حصول النعم والترف والمذلة والانفراد بالمجد والحجاب الواقع بين السلطان والرعية وتطرق الخلل إلى العصبية والمال، وقسم الى بابين الاول laquo;في عوائقه المانعة من دوامه، والثاني في عوارضه اللاحقة لوجوده..
وقد تحدث ابن الأزرق في هذا الكتاب عن أمور كثيرة منها: الغضب باعتباره أحد الأمور المهمة الطبيعية من لوازم الملك ولكن هنا من حيث دلالة التباعد عنه بتركه ليتباعد عنه غضب الله سبحانه وتعالي، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سأل رسول الله صلي الله عليه وسلم: ما يمنعني من غضب الله عز وجل؟قال: لا تغضب، لذا فإن حقيقة الغضب غليان دم القلب، قال الغزالي: ومتى اشتدت ناره أعمت صاحبها وأصمته، فإذا وعظ لم يسمع، وإن استضاء بنور عقله لم يقدر علي أن يطفئ به نار غضبه، كما أن لإفراط الغضب آثارا قبيحة علي صاحبها.
ومما جاء في الكتاب أن الحجاج بن يوسف الثّقفي وفد على عبد الملك بن مروان، ومعه إبراهيم بن طلحة. وكان الحجاج لما وَلِي الحرمين بعد قتل عبد الله بن الزبير، استحضر إبراهيم بن طلحة فقرّ به وأعظم منزلتَه رغم صلته بابن الزبير، فلم تزل تلك حالة عنده حتى خرج به إلى الخليفة عبد الملك بن مروان، فخرج معه مُعادِلا له، لا يقصّر له في برّ ولا إكرام.rlm; rlm; فلما حضرا باب عبد الملك، دخل الحجاج، فما ألقى السلام حتى قال: rlm; rlm; قدمتُ عليك يا أمير المؤمنين برجل الحجاز وأسده، لم أر له بالحجاز نظيرا في الفضل والأدب والمروءة وحسن المذهب، مع قرابة الرحم، ووجوب الحق، وما بلوتُ منه من الطاعة والنصيحة، وهو إبراهيم بن طلحة، وقد أحضرتُه ببابك ليَسْهُلَ عليه إذنُك. rlm; rlm; قال عبد الملك: rlm; rlm; أَذْكَرْتَنا رحما قريبةً وحقا واجبا. يا غلام! ائذن له. rlm; rlm; فلما دخل إبراهيم أدناه الخليفةُ حتى أجلسه على فراشه، ثم قال له: rlm; rlm; يا ابن طلحة، إن أبا محمد (الحجاج) أذكرنا ما لم نزل نعرفك به من الفضل والأدب وحسن المؤازرة. فلا تدعنّ حاجة في خاصتك وعامتك إلا ذكرتَها. rlm; rlm; فقال ابن طلحة: rlm; rlm; يا أمير المؤمنين، إن أولى الحوائج ما كان لك ولجماعة المسلمين فيه نصيحة. وعندي نصيحة لا أجد بُدّا من ذكرها، ولا أقدر على ذلك إلا ونحن بمفردنا. rlm; rlm; فقال عبد الملك: rlm; rlm; دون أبي محمد؟! rlm; rlm; قال: دون أبي محمد. rlm; rlm; فقال عبد الملك للحجاج: rlm; rlm; قُم يا أبا محمد. rlm; rlm; فلما خرج الحجاج، قال الخليفة: rlm; rlm; قل نصيحتك يا ابن طلحة. rlm; rlm; فقال: rlm; rlm; يا أمير المؤمنين، عمدت إلى الحجاج في تغطرسه وتعجرفه وبُعْده عن الحق وقُربه من الباطل. فولّيته الحرمين، وهما ما هما، وبهما من بهما من المهاجرين والأنصار، والموالي البررة الأخيار، يطأهم بالعسف، ويسومهم بالظلم والخسف، ويحكم فيهم بغير السُّنّة، بعد الذي كان من سفك دمائهم، وما انتهك من حُرمهم. فاعزِله يا أمير المؤمنين حتى لا تكون بينك وبين نبيك يوم القيامة خصومة. rlm; rlm; فبُهِت عبدُ الملك لكلامه، ثم قال: rlm; rlm; كذبت! وقد ظنّ الحجاجُ بك الخير وأطنب في مدحك والثناء عليك وقد يُظَنُّ الخير بغير أهله. قم عني فإنك أنت الكاذب المائن الخائن! rlm; rlm; فقام ابن طلحة لا يعرف لنفسه طريقا. فما خرج من الباب حتى لحقه رجلٌ صاح بالحرس: rlm; rlm; احبسوا هذا! rlm; rlm; وقيل للحجاج: أمير المؤمنين يطلبك. rlm; rlm; ومكث ابن طلحة مليّا من النهار لا يشك أن الخليفة والحجاج في أمره. ثم خرج الآذن فقال له: rlm; rlm; ادخل يا ابن طلحة. rlm; rlm; فلما أراد الدخول على عبد الملك، إذا بالحجاج يلقاه عند الباب وهو خارج من عنده. فما رآه الحجاج حتى عانقه وقبّل ما بين عينيه، وقال له: rlm; rlm; قد جزى الله المتواخين بفضل تواصلهم، فجزاك الله عني أفضل الجزاء، ولن أنسى لك هذا الجميل ما حييت. rlm; rlm; ثم مضى وطلحة يقول في نفسه: rlm; rlm; يهزأ بي وربّ الكعبة. rlm; rlm; فلما دخل على عبد الملك، بدأه الخليفة بقوله: rlm; rlm; قد عزلتُ الحجاج عن الحرمين وولّيتُه العراق وفارس معا. ولم أشأ أن أفْسِدَ مودّتَه لك وأخيب ظنَّه فيك، فأخبرته أنك أنت الذي دعوتني إلى توليته عليهما لفضله وحزمه وحكمته. فاخرج معه إن شئت وأخلِصْ له الودّ والنصيحة فإنك غيرُ ذامٍّ لصحبته. rlm;
واختتم ابن الأزرق الكتاب بخاتمة أطلق عليها: (مسكه الختام) في سيرة النبي صلي الله عليه وسلم في تقدم أن أحدا لم يبلغ كمال الاعتدال في أصول الأخلاق وفروعها مبلغ النبي صلي الله عليه وسلم، ومقتضى ذلك مع طلب الاقتداء به أن سيرته صلي الله علي وسلم في سياسة الدين والدنيا هي السيرة الجامعة لمحاسن الشيم ومكارم الأخلاق.
وابن الأزرق هو محمد بن علي بن محمد الأزرق الأصبحي، الغرناطي، الأندلسي، المالكي، اشتهر بابن الأزرق، وصفه مترجموه بأنه فقيه من القضاة مشارك في بعض العلوم. توفي 896 هـ1491م، في مالقة، وبها نشأ ثم تتلمذ على علماء الأندلس في عصره.وقد أسهم ابن الأزرق في الحياة العامة، فكان عالماً بارعاً، وفقيهاً جليلاً، ولي قضاء غربي مالقة في أيام سعد بن علي صاحب الأندلس، ثم قضاء مالقة نفسها من محمد بن سعد، ثم قضاء وادي آش عن أخيه علي بن سعد، ثم قضاء الجماعة بغرناطة. وقد انتقل إلى تلمسان بعد استيلاء الإفرنج على غرناطة. وبعدها هاجر إلى المشرق يستنفر ملوك الأرض لنجدة صاحب غرناطة.
وقد أثرى ابن الأزرق التراث العربي بالعديد من المؤلفات منها: روضة الأعلام بمنزلة العربية من علوم الإسلام، وشفاء الغليل في شرح مختصر الشيخ خليل، كما أنه كتب في الكثير من العلوم ومنها الفقه ونبغ بين أقرانه وحاز مكانة مرموقة بين جموع طالبي العلم وتصدر مجالس العلماء.
والكتاب يتناول مفهوم الملك والخلافة ولوازمها ومسائلها وكل ما يتعلق بالدولة والسياسة والأخلاق والعمران الحضاري.
تتألف العناوين الرئيسة للكتاب: مقدمة أولى: في تقرير ما يوطئ في النظر في الملك عقلاً، وفيها عشرون سابقة، منها السابقة الأولى: إن الاجتماع الإنساني الذي هو عمران العالم ضروري، ومن ثم قال الحكماء: الإنسان مدني بالطبع، مقدمة ثانية: في تمهيد أصول من الكلام في الملك شرعاً وفيها أيضاً عشرون سابقة، ومنها الفاتحة العشرون: حيث يقول إن صلاح السلطان وفساده، صلاح الرعية وفسادها، ففي الحديث: صنفان من أئمتي، إذا صلحا صلح الناس: الأمراء والعلماء.
أما الكتاب الأول فقد جاء تحت عنوان: في حقيقة الملك وسائر أنواع الرئاسات، وسبب وجود ذلك وشرطه، وفيه بابان، الباب الأول في حقيقة الملك وسائر أنواع الرئاسات، وفيه ثلاثة أنظار: أحدها: في حقيقة الملك، الثاني: في حقيقة الخلافة، الثالث: في سائر أنواع الرئاسات. أما الباب الثاني: في سبب الملك وشرطه والنظر في ظرف سبب وجوده، وشرطه، وما به، قضى الله ذلك الشرط وهو الحرب والقتال. أما الكتاب الثاني: فقد جاء في أركان الملك وقواعد مبناه ضرورة وكمالاً، وفيه أيضاً: بابان يتناولان أركان الملك وقواعد مبناه من حيث الضروري والكمالي والأعمال التي تقام بها صورة الملك مثل نصب الوزير وإقامة الشريعة وإعداد الجند وحفظ المال وتكثير العمارة وإقامة العدل وتولية الخطط الدينية وترتيب المراتب السلطانية ولوازم صدور الأفعال على أفضل نظام مثل العقل والعلم والشجاعة والعفة والسخاء والجود والحلم وكظم الغيظ.
كذلك الكتاب الثالث الذي جاء: فيما يطالب به السلطان تشييداً لأركان الملك تأسيساً لقواعده، ويشتمل على مقدمة وبابين، و يتناولان ما يجب أن يقوم به السلطان من أجل تشييد أركان الملك وتأسيس قواعده مثل حفظ الدين وإقامة حدوده وتنفيذ الأحكام، ثم جوامع ما تقوم به السياسة المطلوبة سواء في سياسة السلطان التي تنقسم إلى سياسته للرعية وسياسته للأمور العارضة مثل الجهاد والشدائد والنوازل وسياسته للخاصة مثل الوزراء.
وفي الكتاب الرابع يتناول عوائق الملك وعوارضه حيث العوائق هي حصول النعم والترف والمذلة والانفراد بالمجد والحجاب الواقع بين السلطان والرعية وتطرق الخلل إلى العصبية والمال، وقسم الى بابين الاول laquo;في عوائقه المانعة من دوامه، والثاني في عوارضه اللاحقة لوجوده..
وقد تحدث ابن الأزرق في هذا الكتاب عن أمور كثيرة منها: الغضب باعتباره أحد الأمور المهمة الطبيعية من لوازم الملك ولكن هنا من حيث دلالة التباعد عنه بتركه ليتباعد عنه غضب الله سبحانه وتعالي، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سأل رسول الله صلي الله عليه وسلم: ما يمنعني من غضب الله عز وجل؟قال: لا تغضب، لذا فإن حقيقة الغضب غليان دم القلب، قال الغزالي: ومتى اشتدت ناره أعمت صاحبها وأصمته، فإذا وعظ لم يسمع، وإن استضاء بنور عقله لم يقدر علي أن يطفئ به نار غضبه، كما أن لإفراط الغضب آثارا قبيحة علي صاحبها.
ومما جاء في الكتاب أن الحجاج بن يوسف الثّقفي وفد على عبد الملك بن مروان، ومعه إبراهيم بن طلحة. وكان الحجاج لما وَلِي الحرمين بعد قتل عبد الله بن الزبير، استحضر إبراهيم بن طلحة فقرّ به وأعظم منزلتَه رغم صلته بابن الزبير، فلم تزل تلك حالة عنده حتى خرج به إلى الخليفة عبد الملك بن مروان، فخرج معه مُعادِلا له، لا يقصّر له في برّ ولا إكرام.rlm; rlm; فلما حضرا باب عبد الملك، دخل الحجاج، فما ألقى السلام حتى قال: rlm; rlm; قدمتُ عليك يا أمير المؤمنين برجل الحجاز وأسده، لم أر له بالحجاز نظيرا في الفضل والأدب والمروءة وحسن المذهب، مع قرابة الرحم، ووجوب الحق، وما بلوتُ منه من الطاعة والنصيحة، وهو إبراهيم بن طلحة، وقد أحضرتُه ببابك ليَسْهُلَ عليه إذنُك. rlm; rlm; قال عبد الملك: rlm; rlm; أَذْكَرْتَنا رحما قريبةً وحقا واجبا. يا غلام! ائذن له. rlm; rlm; فلما دخل إبراهيم أدناه الخليفةُ حتى أجلسه على فراشه، ثم قال له: rlm; rlm; يا ابن طلحة، إن أبا محمد (الحجاج) أذكرنا ما لم نزل نعرفك به من الفضل والأدب وحسن المؤازرة. فلا تدعنّ حاجة في خاصتك وعامتك إلا ذكرتَها. rlm; rlm; فقال ابن طلحة: rlm; rlm; يا أمير المؤمنين، إن أولى الحوائج ما كان لك ولجماعة المسلمين فيه نصيحة. وعندي نصيحة لا أجد بُدّا من ذكرها، ولا أقدر على ذلك إلا ونحن بمفردنا. rlm; rlm; فقال عبد الملك: rlm; rlm; دون أبي محمد؟! rlm; rlm; قال: دون أبي محمد. rlm; rlm; فقال عبد الملك للحجاج: rlm; rlm; قُم يا أبا محمد. rlm; rlm; فلما خرج الحجاج، قال الخليفة: rlm; rlm; قل نصيحتك يا ابن طلحة. rlm; rlm; فقال: rlm; rlm; يا أمير المؤمنين، عمدت إلى الحجاج في تغطرسه وتعجرفه وبُعْده عن الحق وقُربه من الباطل. فولّيته الحرمين، وهما ما هما، وبهما من بهما من المهاجرين والأنصار، والموالي البررة الأخيار، يطأهم بالعسف، ويسومهم بالظلم والخسف، ويحكم فيهم بغير السُّنّة، بعد الذي كان من سفك دمائهم، وما انتهك من حُرمهم. فاعزِله يا أمير المؤمنين حتى لا تكون بينك وبين نبيك يوم القيامة خصومة. rlm; rlm; فبُهِت عبدُ الملك لكلامه، ثم قال: rlm; rlm; كذبت! وقد ظنّ الحجاجُ بك الخير وأطنب في مدحك والثناء عليك وقد يُظَنُّ الخير بغير أهله. قم عني فإنك أنت الكاذب المائن الخائن! rlm; rlm; فقام ابن طلحة لا يعرف لنفسه طريقا. فما خرج من الباب حتى لحقه رجلٌ صاح بالحرس: rlm; rlm; احبسوا هذا! rlm; rlm; وقيل للحجاج: أمير المؤمنين يطلبك. rlm; rlm; ومكث ابن طلحة مليّا من النهار لا يشك أن الخليفة والحجاج في أمره. ثم خرج الآذن فقال له: rlm; rlm; ادخل يا ابن طلحة. rlm; rlm; فلما أراد الدخول على عبد الملك، إذا بالحجاج يلقاه عند الباب وهو خارج من عنده. فما رآه الحجاج حتى عانقه وقبّل ما بين عينيه، وقال له: rlm; rlm; قد جزى الله المتواخين بفضل تواصلهم، فجزاك الله عني أفضل الجزاء، ولن أنسى لك هذا الجميل ما حييت. rlm; rlm; ثم مضى وطلحة يقول في نفسه: rlm; rlm; يهزأ بي وربّ الكعبة. rlm; rlm; فلما دخل على عبد الملك، بدأه الخليفة بقوله: rlm; rlm; قد عزلتُ الحجاج عن الحرمين وولّيتُه العراق وفارس معا. ولم أشأ أن أفْسِدَ مودّتَه لك وأخيب ظنَّه فيك، فأخبرته أنك أنت الذي دعوتني إلى توليته عليهما لفضله وحزمه وحكمته. فاخرج معه إن شئت وأخلِصْ له الودّ والنصيحة فإنك غيرُ ذامٍّ لصحبته. rlm;
واختتم ابن الأزرق الكتاب بخاتمة أطلق عليها: (مسكه الختام) في سيرة النبي صلي الله عليه وسلم في تقدم أن أحدا لم يبلغ كمال الاعتدال في أصول الأخلاق وفروعها مبلغ النبي صلي الله عليه وسلم، ومقتضى ذلك مع طلب الاقتداء به أن سيرته صلي الله علي وسلم في سياسة الدين والدنيا هي السيرة الجامعة لمحاسن الشيم ومكارم الأخلاق.
التعليقات