إلى شاعر لا زال يبكي على الأطلال
لِمَ البُـكاءُ علـى الماضي ولم تَـزَلِ
تحـيا وتسرح في الدّـنيا بلا كَـلَـلِ
فما نحيـبُـكَ يَشفي ما رُزِئـتَ بـهِ
فكفكفِ الدَّمـعَ واغلِقْ صفحَةَ السَّفَـلِ
أأنتَ تـبكي علـى ما نِلتَ منْ نِعَـمٍ
ماذا عن اليُـتْـمِ والإمـلاقِ والثَّكَـل ِ؟
لا تَـنـدُبُـنَّ زماناً عشتَ في رَغَـدٍ
بُحـبوحةُ العيشِ قد تُـودي إلى الأجلِ
واحـمَدْ إلهَـكَ أنَّ اللِّصَّ يحـكمُـهمْ
لولا اللصوصُ لكنتَ اليـومَ في زُحَلِ
فقد جَنـيْـتُـمْ على شعبٍ برُمَّـتـهِ
فصـارَ عاقـلُهُ يخشى من الخَـبَـلِ
وقد لَهَـوتُمْ وكـان البَغْـيُ دَيْدنَـكُمْ
لمْ تفهموا غيـرَ حبِّ المـالِ والحُلَـلِ
ورُحـتُـمُ تمسحونَ النَّعـلَ بالقـُبَـلِ
حتّى انتهى الوطنُ المنكوبُ في الوَحلِ
زرعتُمُ الشَّـرَّ، فاجْـنوا من حصادِكُمُ
مُـرَّ الثِّمـارِ ، ولا تشكـوا من العللِ
وصُغـتُـمُ الشِّعـرَ والتقريظَ للجُّـعَلِ
وكان همِّـكُـمُ في النـائـلِ الجَّـزِلِ
ومُـذْ فخَرتُـمْ بمجدٍ شِـيدَ مـنْ جُثثٍ
ساد العـراقَ ظلامٌ حـالـكٌ أزلـي
أذقـتُـمُ الشعبَ إرهابـاً ومَسكَـنَةً
فراح يستنجدُ الأوهـامَ فـي وجَـلِ
أأنتَ تبكـيهِ حقّـاً؟ بئسَ من دجَـل
أمْ أنت تبكي ليـالي المدح والنَّـفَـلِ*
لقد أتـتْـكمْ ذئـابُ الغاب لاهـثةً
عطشى، ولكنّها تـنأى عـن الوشلِ
تمتـصّ كلَّ دم فـي الصّبح والطَّفَلِ**
ولا تُـفـرّق بيـن الشّاة والجَّمَـلِ
وسَلَّـحـوا كلَّ مَعـتـوهٍ ومُبتـذَلِ
فحطَّـموا كلَّ من يصبـو إلى أمـلِ
وإنَّ منـهمْ شيـاطـينـاً مُـبرمَجةً
تُلقّـِن الغُفْـلَ ألوانـاً من الدَّجـلِ
وقيل هيّا لصوصَ الأرضِ فاقْـتَسِموا
خزائنَ الوطـنِ المسلوبِ فـي عَجَلِ
وراحَ كلٌّ من الأحزاب مُـنْهمِـكاً
في الصّيد يرقص نشوانـاً من الجَّذلِ
الشرُّ قائدهـمْ والنَّهـبُ رائِـدُهُـمْ
والغدرُ ديدَنُـهُمْ في القـول والعـملِ
وحسبُهـمْ من رجال الدّيـن أنَّهُـمُ
أصلُ البلاء الذي أفـنى ولمْ يَـزَلِ
وقد نَشـرتُمْ خبيثَ الدّاءِ في وطـنٍ
فَـراحَ يحصُـدُ أرواحـاً بلا مَهلِ
فهل ظنـنـتمْ بأنَّ الدَّهـرَ يُسعِـفُـكمْ؟
الدَّهرُ لا يُسعِفُ الخوّاضَ في الخطَلِ
هيهاتَ ترجِـعُ أيّامٌ لكـمْ غَبَـرتْ
الأنسُ ولّـى ولا عَـودٌ لمرتَحِـلِ
* النَّفل : العطاء
** الطَّـفَـل : وقت الغروب