أمال الهلالي من تونس: جمهور غفير من أهل الصحافة والأدب والسينما حضروا خصيصا لملاقاة الروائي والسينمائي الأفغاني عتيق رحيمي الذي حل ضيفا مبجلا على معرض تونس الدولي للكتاب في دورته السابعة والعشرون.
عتيق تحدث عن طفولته في كابول بكل شجن وعن ذكريات الحرب الأهلية في أفغانستان وعن وبطش حركة طالبان التي عانى منها الأمرين والتي استلهم منها جل روائع أفلامه quot;الأرض والرمادquot; quot;الف بيت من الأحلام والرعبquot; وquot;العودة الخياليةquot; والتي كتبها جميعا باللغة الفارسية.
وتعد آخر أعماله quot;صخرة الصبرquot; أو quot;سيغني سابورquot; والمتوجة بجائزةquot;غونكورquot; اعرق الجوائز الأدبية الفرنسية سنة 2007 أكثر تميزا وتمردا في الأسلوب الروائي والمضمون وهي مقتبسة عن فيلم وثائقي أنجزه الكاتب حول مقتل الشاعرة الأفغانية ناديا انومان على يد زوجها سنة 2005 ليحاول بعدها الانتحار وكان لقاء رحيمي مع زوج القاتلة في السجن فوجده في حالة غيبوبة وهنا تساءل لو أن الشاعرة القتيلة هي التي تقف مكانه مالذي يمكن أن تقوله لزوجها القاتل؟؟ ومن هنا ولدت فكرة quot;صخرة الصبرquot; المستوحاة من أسطورة في المثيولوجيا الفارسية حيث تعد هاته الصخرة ملاذا ومتنفسا لمن يتعرض لمحنة ويعجزعن البوح بها لغيره من الناس ليبث شكواه وألمه للصخرة التي تمتص جزءا من آلامه وهمومه.
quot;صخرة الصبرquot; التي تحدث رحيمي عن تفاصيلها خلال اللقاء تعد أولعمل أدبي يكتبه رحيمي بغير لغته الأم وتحديدا باللغة الفرنسية مبينا أن تغيير لغة الكتابة هو شكل من أشكال الإفلات من وطأة المحظور الثقافي الأفغاني لاسيما الألفاظ الجنسية لذلك أراد أن يكتب بلغة بديلة تذهب به بعيدا عن كل الممنوعات وتلقي بالمعايير والضوابط الأخلاقية عرض الحائط فجاءت روايته الفرنسية موغلة في الجنس بعيدة عن أساليب التورية والرمزية المألوفة عند كتاب بلده مضيفا في ذات السياق:quot; منذ زمن غير بعيد كنت أحس بكل بساطة أن لغتي الأم هي الرابط الروحي الوحيد الذي يجمعني بابي وأمي ويذكرني بجذوري الأفغانية لكن بعد 2002 وسقوط طالبان والتي تلتها عودتي لمسقط راسي كابول صدمت من حجم الدمار الذي خلفته الحرب و أحسست باني عاجز تماما عن الكتابة بلغتي الأم وبأنه من الضروري أن أجد لغة بديلةquot;. وعن ارتباط جل كتاباته بالواقع السياسي الذي تعيشه بلاده أكد رحيمي بأنه متورط سياسيا رغما عنه قائلاquot; جئت من بلد يعيش حالة حراك سياسي كبير وعانا كثيرا وقاتل ضد حركة طالبان بالتالي أنا مسيّس بالفطرة وكما قال الكاتب الفرنسي البير كامو كلمة رائعة للغاية quot;الكاتب ليس ملتزما بقضية بل هو غارق فيهاquot; اعتقد أن فعل الكتابة في حد ذاته هو فعل سياسي الكتابة بالنسبة لي هي تجربة حياتية وكي تكتب يجب أن تكون متأثرا بحدث ماquot;.
وبخصوص مدى تفاعل الأفغانيين مع جرأة ما يكتبه ابن بلدهم تحدث قائلاquot;أفغانستان شهدت تطورا حضاريا ملحوظا منذ سقوط نظام طالبان فهناك ستار أكاديمي أفغانية وأشاهد عبر التلفزيون عشرات من شباب يشاركون بكل حماس فيها كذلك هناك مسلسلات تلفزية وهناك أمر مذهل يحدث شمال كابول حيث وجدت قاعات وصالونات حلاقة وتجميل خاصة بتجميل النساء والأعراس فلا يجب علينا أن نضع كل الأفغانيين في صف طالبانquot;.
لقاء الجمهور بالروائي الأفغاني كان أكثر من ممتع وجاءت مداخلته باللغة الفرنسية وبلهجة متقطعة في نطق الحروف الفرنسية لتختم بعرض سينمائي لشريطهquot;أرض ورمادquot; والتي قام بتحويلها الى رواية سنة.
التصوير بكاميرا كاتبة التقرير.