كان لي أن أنتصر
لمرة وحيدة
صدفة
حين عثرت على ظلي شاردًا
في شوارع
تشبه الصحراء.

كان لي أن أتقدم في العمر أكثر
ولو من باب الخيال
وأن أُجلس أحفادي حولي
أقص عليهم
الحكايات الطويلة عن الهجرة، والبحار، والمنافي
والقدس، وحصار غزة
والقصائد المحشوة بالرصاص
والأخرى المحشوة بالفراغ
أستلقي على ظهر حواسي جميعا
من شدة الضحك
حين أتذكر طفولتي الضائعة
وتبولي اللا إرادي على قصاصات الصحف
والأوراق التي نسيها أبي
على الحصيرة الصغيرة
التي أمضيت سنوات نعاسي الأولي عليها.

كان لي أن أراجع مساء اليوم طبيب الأسنان
وأن أتلكأ في المتجر العائلي الفاخر
هائما في تموج النهود
وراء عباءات النساء السوداء
كان لي أن أذهب للمطعم
أو للمقهى المجاور
أو لشقة جارنا الصحفي
أو لزيارة صديقي الروائي في المستشفى
أو للتوقيع في كشف الموظفين بعد نهاية الدوام
أو للورشة البعيدة للسؤال عن سيارتي المنهكة
أو للجلوس على دكة خشبية مهملة
في حديقة العُزّاب
لكنني نسيت تماما
أن الوقت لا يسعف
وأن ثمة غيمة ممطرة
قد تعوقني تماما
عن المشي في شوارع
مازالت بلدية المدينة تملأها
بحفريات مصطنعة.

كان لي أن أبيع حصتي من الألقاب
طوال إقامتي على الأرض
فأنا لست أميرا
ولا أود أن أكون صاحبا للسمو أو للهبوط
ولست شيخا أو صاحب عظمة أو فخامة أو معالي أو سعادة
لست طبالا أو حائكا للخطب
ولا قارئا لفناجين الوجهاء الأشاوس
إنما أنا في حقيقة الأمر
مجرد خادم فقير
أتكسب بعرق جبيني
في حضرة الكلمات.

****