عبدالجبار العتابي من بغداد:ما زال المخرج السينمائي العراقي هادي ماهود يبحث في الارجاء عن أمل يستطيع من خلاله انتاج فيلمه الروائي الطويل (اقاصي الجنوب)، فهو لا يمتلك القدرة على انتاجه على حسابه الخاص وليس هنالك من يد حكومي تمتد اليه، فظل في بحبوحة صغيرة من الامل يراوح لكنه يرثي لحاله بالسخرية حين يعلم ان وزارة الثقافة العراقية شاركت في احتفال (عيد السينما العراقية) فلا يجد الا ان يقول انه عيد كذبة، كما ان ماهود اشار الى المسؤولين الحكوميين وعدم انتباههم الى السينما الايرانية التي تمثل تطورا واضحا واصبحت تغير وجهة نظر العالم بالبلد.
هادي ماهود سبق له ان تعرض لحادث مروري ادى الى اختلاف كبير في شكله بعد ان اجريت له عدة عمليات جراحية، وكان يقول وهو يمزح (عدت بوجه اخر)، وكان يتحدث بألم عن شؤونه.
يقول ماهود: الفيلم هو (اقاصي الجنوب)، هذا المشروع الذي صار له اكثر من سنتين يراوح في مكانه، الدولة متمثلة برئيس وزرائها اعلن بشكل صريح، وهذا الاعلان موثق،عن دعمه للمشروع، ولكن هذا الدعم لم يتحقق عمليا ذلك لان رئيس الوزراء محاط بمستشارين كونكريتيين، اي شيء يقرره من الممكن ان يغلقونه، وهذا ما حدث حيث انهم اوقفوا هذا المسعى من رئيس الوزراء بدعمه للمشروع، وقد اتصلت شخصيا بمستشاره الاعلامي ياسين مجيد وأبلغني عدم تنفيذ ذلك، والحقيقة ان عدم تنفيذ امر رئيس الوزراء منذ بداية عام 2009 كان ايجابيا بالنسبة لي، فقد منحني فرصة اخرى الى ان اعيد النظر بالمشروع وبالمعالجة والسيناريو وكانت المبادرة الحقيقية من مهرجان الخليج السينمائي ومن مهرجان دبي السينمائي الدولي، فقد استضافوني في ورشة عمل وبأشراف كاتب سيناريو فرنسي معروف هو انطوان دي بوس فأعيد بناء السيناريو بشكل مختلف وورشة العمل / الكتابة التي كنت اديرها انا في العراق توسعت، كان القاص خضير فليح الزيدي وكاتب السيناريو عبد الحسين ماهود، واضيف سعد هدابي الكاتب المبدع الى الفريق فأصبح ما كتب في البداية قصة سميت بأسم خضير وعبد الحسين ثم دخل الفارس الجديد في الكتابة سعد هدابي وانا، فكتبنا سيناريو جديدا، وانا الان مشغول بشكل كامل به، لاشيء يشغلني سواه وانا ليلا ونهارا اعد به وأنحت به نحتا، واكتب (الديكوباج) وأضع مشاريع انتاج وأتصل، ولكن المحزن ان لا استجابة من لدن المسؤولين ويبدو ان قرارهم ثابت وقوي انهم لا يدعمون الثقافة ولا السينما، وانهم غير مهتمين بها.
واضاف: الفيلم ينتظر التمويل، ينتظر ان تؤمن الدولة انني مخرج عراقي ومن حقي ان اعمل فيلم عراقي روائي مثلما انا انتجت بجهدي افلاما كثيرة، فالعمل يتحدث عن العراق من خلال قرية، شخصيات الفيلم هم ضحايا الحرب العراقية الايرانية، الحرب المنسية، انا شاهدت في السنوات الاخيرة في الخارج الكثير من الافلام الايرانية التي تتحدث عن الحرب وكانت بمستوى فني هائل وبمعالجة رهيبة وبأداء مقنع، ولكن كان هناك قصور عند الجانب العراقي في تناول هذه الحرب، فقد انتجت مجموعة افلام في زمن النظام السابق، كانت تردد شعارات ذلك النظام وكانت هذه الافلام تخلو من الصدق والروح الحقيقية الانسانسة، الان.. هذا المشروع الفيلم يتحدث عن تلك الحرب من خلال ضحاياها بطريقة انسانية، يخاطب الجانب الانساني عند الشخصيات الضحايا، هذه الحرب المهمة جدا التي آثارها ما زالت قائمة وهي مؤثرة على كل ما يجري الان.
وتابع ماهود: من العجيب ان اغلب السياسيين الحاليين جاءوا من ايران او هم اصدقاء لايران، وهم لا يعلمون انني في مهرجان دبي السينمائي تسمرت على الكرسي وانا اشاهد فيلم ايراني، خرج الجمهور وبقيت وحدي مذهولا بهذا الفيلم، سياسيونا جاءونا بأشياء متخلفة من ايران ولا يقبلون بأن يكرروا التجربة الايرانية في دعم السينما، السينما الايرانية الان تغير وجهة نظر العالم بأيران من خلال انتزاعها لجوائز مهمة في مهرجانات العالم بأفلام مهمة وبمخرجين ومخرجات، اما نحن لا يمكن ان نستمر بهذا الواقع، انا الان اعمل وحدي، اضطهد اطفالي حتى، انا عاطل عن العمل على الصعيد الحياتي، انا اعتاش على بعض التقارير الاذاعية واتقاضى من هذه الاذاعة الشيء البسيط الذي اقوت به اطفالي، ولكن يفتحون قناة (فتافيت) مثلا انا اشعر بالذنب ان السينما والفيل لا يجعلني اوفر لهم الاشياء التي تشهي العالم في هذا التلفزيون.
وحول الاحتفال بعيد السينما الذي غاب عنه قال ماهود: انا لا اعرف شيئا عن الاحتفال بعيد السينما، انا سمعت به في اليوم التالي ولم يدعني احد وسمعت بعدها انهم منحوني شهادة تقديرية، واعتقد ان الاحتفال هو كذبة يحاولون فيها ان يغطوا على فشلهم، عندما يحضر الاحتفال اثنان من وطلاء وزارة الثقافة ليتحدثوا عن السينما وهي الوزارة اكبر عائق في طريق السينما، وعندي وثائق لفيلمي (في اقاصي الجنوب) اوامر من وزير الثقافة بعدم دعم هذا المشروع، ولديّ نسخ منها تقول ان الوزارة غير قادرة على دعم السينما، الوزارة التي غير قادرة على دعم السينما بالسينما، هذا اولا، وثانيا: احب ان اقول شيئا لاينبغي ان نسكت عنه وهو ان هذه الوزارة بصدد انشاء فضائية في دائرة السينما والمسرح الدائرة التي بنيت وفيها بلاتوهات السينما، بدل ان يعاد اعمارها ونحن ندخل لنعمل افلاما ومسرحا، ذهبوا لاضافة رقم جديد للفضائيات البائسة، فميزانية الوزارة ستذهب الى جيوب هؤلاء القائمين على القناة وعلى الموظفين، ولن تدعم السينما وينبغي ان لا يعاد الاحتفال بهذه الكذبة التي اسمها (يوم السينما العراقية) او (يوم المسرح العراقي).
التعليقات