إهداء لسيد الكلام.....

على حد الصدفة كان
هكذا يكن..

وترى ذلك حَسْناً فيكون
فرفقا بالروح حين تجيء وتروح في مدارات الكلام.
حين تداعب تباريحك ذكرى تؤنس القلب، وتفوح عطراً ينعش الغياب فترتد عاصفة من حنين.
صادفته في غيم الصمت عابراً
قالت: الغريب رش نداه في بقائها ومضى...
بكت بين راحتيه ولم يدركها
وداعب ظلَّها مرة بوجعه، فأورقت نعاساً خفيفاً في وجْدِه
ومن فرط دهشتها،
قالت:
على ضفتي الخيل تمشي
- علي مهلِ-
فتمنحك رحابةً من ألقٍ
ـــــــــــــــــــــ
قالت همسا -دون لغة ndash;
يوم سيعلن الحمام سري الصغير ليدخلنا طقس الغواية
يوم سيخبرك الهديل بأن سيدة الماء تدَّخر لك فرحاً خفيفاً من تعب العاشقين
ليشكل حِسَّنا الطازج فنعرج في الحكاية.
للخيول في صهيلها حنين من دفء، وأُمنيات،
تُدْنِيك قاب قوسين أو أدنى
وفي حضرته اكتمال الياسمين يخبئ بين رنوتِه حقولا من فرح.
هكذا كان
هكذا فليكن
وترى ذلك حَسْناً
فيكون

*************
يرتجف الكلام وهو سيد الكلام
فتشتعل المسافات التي تفصل عاشقيين
ليصيرني أسئلة من رماد
وبخجلِ المفرداتِ همست:
سأدَّخرُ لك طمأنينة تشكل ظلالك في الروح مطراً،
وعلى راحتى
أنْبِتكَ صفصافة وفراشات وقوس قزح
فحين ندخل متاهات الدهشة،
تشعل شهوة الكتابة فينا
أَنسَي كلَّ ما عداك فيربحك الكلام ويرسمني ظّل القصيدة
هكذا كان
هكذا فليكن
وترى ذلك حَسْناً
فيكون

*************
يا سيد الكلم
لستُ سوى رجع صوت
تُنادي...
فيرتد صدى
ومن فرط دهشتها...
يأتيك تمرُّئي ظلال في صورتك
لأَنكَ السماءُ وأنا امتزاجُ الألوانِ في الماء.
أقبلتُ
فقلتَ لها:
أخافُ المسافاتِ والبعيدَ والمدائن..
تعجبت...
فتململت البلاد من بعيدك
فبات وجعاً ممتداً من النهر الي الكلام
وصار السكوت اشتهاءً كثيفاً لا يُحتمل
تنهض البلابلُ لترحل من الروح وفي السماوات تختبئ ُ،
و يتراءى خلف صَمْتِك زرقتها...
تعتلى صفحة الماء وتمشي رويدا..رويدا
وحين يرهف الحس بدمي تمارسُ أُلوهيتك مهرولاً
تتركُ لي:
وقعَ التمنى وفرطَ الدهشةِ وطعمَ الأُمسيات البعيدة
هكذا كان
هكذا فليكن
وترى ذلك حَسْناً
فيكون

***************
يا صاحبي هل اخطأتُ حين قلتُ تصهرُنا التفاصيل
فنغدو واحد تشظى فدار في فُلْك صاحبه ndash; أرضاً وسماء-
وأَنا الروح تفيأت ظلالها
وانت رجع الصوت في المدى...
والمسافات يطويها ندى صباحياَ
فتنتشي نهاراً بلون الهوى.
يا سيد الكلم...
آيدهشك انحناءات الوجد في وجه اللقاء
لِمَ يباغتني السكات في زاوية فانزلق إلي الفراغ؟
لِمَ تدنيني من الغموض، فتقصيني في خوفك،لينثرني مفردات في مسافات تعيق الرؤية؟
ما الذي يؤرق تعبك حين أمرُ بإسمك
- وعلي عجل-
تنسدل من روحي؟
ناديتَ
فأقبلتُ
ويا للغرابة تندهش...
ياسيدُ الكَلِمْ
إمنح مدارك شهوة الاجتياز
وأطلق للخيل عنان عاشقين انتهيا توا في التعب


**************
قالت له:
لصباحات الخريف ضوء طويل
و أفق من حليب
وبيوت من موج يلون النهار
فيقطر الصبح عشباً من براح
لصباحات الخريف ضوء ندي
يجتاز السماء
فأمنح خيولك أجنحة للطيران
فأنا في أنتظار ذاك المساء
وصد صمتك كي لا يقتاد وجعي لا تغريك الهزيمة،
لايزال متسع من نهار لتعيق الصمت عن مراوحة المكان
وأسرج بوجلك على فرس
يحملني في مدنك ليعيد تلُّون الفراغ في هوامش دهشتك
وأمنح بقائك متسعاً من الفرح
كي لا تتأرجح المسافة بين الموت و الانحناءات.
هكذا كان
هكذا فليكن
ولأرى ذلك حَسْناً
فيكون

*****************
يا سيد البعيد
قد يتسع الرحيل لموت الكلام
فأى لغة قد تتسعنى حين يتملكني الحنين اليك
أتخاف من تعب يمنحني ظلالاً من قصيدة؟
أتخشى صدى وجعي في المسافات وانتقاص الخوف من البنفسج والفراشات؟
بيني وبينك حين تغادرني تعب بطول النهر
ودروب باشتهاء البلاد
بيني وبينك بقاء الارتباكات
وشلال من عاديات المنفى
لا يزال هنالك متسع
فتسلل إلي عبر نافذتي الضيقة وأنسج من القمح حقولاً من الحياة
وأرسم بيتاً من ذاكرة الأُمنيات
لا يزال هنالك مبتدأً لتمحي صدأ ما تعتاده من تفاصيل تؤرق صباحاتك
وسِر في دمى رائحة من خبز نُضئ بها خريفاً يعيد بهاءَ المشهد.
هكذا كان..
هكذا يكن..
فلنرى ذلك

شباط/فبراير 2010
كاتبة فلسطينية مقيمة في القاهرة
[email protected]