بين الجدران ِ الأربعة ِ
تنبت ُ واحة ٌ وصحراء.
حياة ٌ نرتديها أمام المرآة
مرآة ٌ مكسورة ٌ على الدوام
جدران ٌ وجدناها تكسو أضلعنا
باللحم الخشب والحلة الرمادية
ماذا نفعل ُ بنا
وماذا نفعل ُ بالجدران؟
أن نحدق َ في السراب ِ
باحثين عن قطرة ماء
ونتأمل في المرآة المكسورة
وجوها ً نمت عليها الطحالب ُ
علنا نبصر ُ واحتنا في الصحراء
التي صارت بيتا ً
من خشب ٍ وهواء.
جدران الأنوثة
* * *
هل الأصابع ُ مغوية ٌ حقا ً
هل يمكن ُ ليد ٍ
عاشت بين الجدران طويلا ً
أن تراود َ نهدا ً
وهل لنهد ٍ مدجج ٍ بالخوف ِ
أن يجرؤ كي يبصر َ الشمس َ
ليرى كم هو النهار ُ جميلا ً؟
أية ُ أنثى تقترف حلما ً
ولا أقول ُ احتلاما ً
فقبائل الذكور شاهرة ٌ سيوفها
التي يقطر ُ منها الصراخ ُ؟
ثمة نوارس ٌ عبر البحار
تطير ُ في سماء ٍ حريرية ٍ
ثمة نساء ٌ بلون ِ الذهب
يسّرن َ في دلال ٍ فوق َ النسيم ِ.
أصغي لصوت التنهدات
يهدل ُ كأصوات البلابل.
أصغي لتلك الموسيقى الوحشية
التي تـُرعد ُ في لحظات الشبق.
أبصرهن يُطلقن َ طيورهن َ
ضحكات ٍ ملونة ً كالزهور
فراشات ٍ ترقص ُ خلف الجدران.
جدران ٌ
* * *
الجدران ُ قد تمل ُ المكوث َ
تنطبق ُ على نفسها كما الخيمة
أو تتكور ُ كالسلحفاة ِ
وتمضي مسافرة ً في الأرض.
الجدران ُ قد تبدو نزقة َ المزاج ِ أحيانا ً
قد تنهار ُ بغتة
لتقول لنا آن لي أن أتدحرج َ
أو أطير َ عارية ً في الفضاء.
حلم ُ رجل
* * *
رجل ٌ يحلم ُ في أن يضع َ الأرض َ
كامرأة ٍ على السرير ِ.
أن يغسل بيديه ِ شعرها
ويدهن َ نهديها بنهر ٍ
يغرس ُ في كل مسامة ٍ منها شجرة َ ياسمين.
رجل ٌ شردته ُ الحروب ُ
يتسكع ُ في حدائق َ من صنع الخيال ِ
يسرق ُ الغيوم َ والبرتقال َ
ينام ُ تحت المطر
يحلم ُ ببلاد ٍ تـُشبه ُ في فتنتها النساء
بامرأة ٍ تـُشبه ُ في طيبتها البلاد
يملأ ُ من أجلها سلة ً من نجوم ٍ
ويهديها قلبه ُ وردة ً
يملأ ُ سمائها بالفراشات ِ والزهور ِ
كي تكبر َ الحدائق في عينيها
كي تختفي القبور ُ
يكبر قمر ُ الرغبات ِ
يوزع ُ الضوء َ في البلاد ِ
كي يملأ َ راحاتنا بالمطر.
أملأ راحة َ يدي بنهد ٍ شبق ٍ
لا يعرف ُ الخوف َ ولا الكسل َ.
نهد ٌ كاسر ٌ كحلم المحروم.
الحلم ُ بالأنوثة
* * *
من يلمس ُ ثوب َ الماء ِ
من يرتدي غيمة ً
أو يسكن ُ ضوء َ القمر ِ الشفاف ِ؟
من يجرؤ أن يكون َ النبع َ
يسفح ُ أحلامه ُ كالدمع ِ
على حجر الماس ِ
يروض ُ شبق َ النار ِ في غصونه ِ
ويترجل ُ من فرس ٍ محلقة ٍ في السماء ِ؟
هي الحرب ُ ترضعُنا حليب َ الشقاء
وتعد ُ لنا أسّرة ً للنوم بلا أحلام ٍ
ووسادة ً بلا حرير.
لـــــــــــــو
* * *
لو نهد ٌ يطل ُ من كوة ِ الكون ِ
نهد ٌ من حجر ٍ ومطر ٍ ونبض ٍ.
من أعماق ِ الليل ِ يشع ُ
كفاكهة ٍ تكبر ُ أمام َ بصر السجين
كحرية ٍ تـُوسع ُ جدران َ الحلم ِ
كمطر القبلات ِ على الشفاه ِ اليابسة ِ.
لو نهد ٌ أرشفه ُ على مهل ٍ
كما يحتاج ُ الغريق ُ الهواء َ
وكما يحتاج ُ الطفل ُ
حنان َ أم ٍ تّودع ُ أهل َ بيتِها.
نهد ٌ وديع ٌ كبيت ٍ على نهر ٍ
كنهر ٍ ينام ُ في حضن ِ قرية ٍ
كقرية ٍ أشجارها صبايا
يلعبن َ مع الريح ِ.
عنقود ُ عنب ٍ حلو نهدُها
تفاحة ٌ من فاكهة لبنان
نهد ٌ عذب ٌ كقبلات
امرأة ٍ داهمها الحنان ُ
تلك المرأة ُ الحلم ُ.
* * *
نهد ٌ وقلب ٌ
* * *
مابين نهد ٍ ونهد
كوكب ٌ وصحارى ممتلئة ٌ بعشاق ٍ منسيين َ.
مابين نهدِها والقلب ِ
مياه ٌ سرية ٌ تنساب ُ في الظلام ِ
مابين النهد ِ واليد ِ
إستسلام ٌ وحرب ٌ ودم ٌ
وقمر ٌ مسفوح ٌ على السرير
مابينهما كالمسافة ِ مابين البصر والعين.
* * *
لا القمر ُ ولا الضوء ُ الأبيض
لا الليل ُ ولا شمسه ُ السوداء
ولا الصباحات المكتنزة ِ بالإعاجيب ِ
لا المطر ُ المتساقط ُ من القصائد ِ
أو الضفائر ِ الذهبية ِ
لا النجوم ُ الغارقة ُ في الماء ِ
لا الماء ُ المتدفق ُ من صخرة ٍ
أو قلب ِ مجنون ٍ
لا شيء يضاهي نهدا ً بازغا ً
من أعماق ِ فكرة ٍ نامت في الرأس ِ
ملايين َ من السنوات ِ.
نهد ٌ بحواس ٍ متعددة ٍ
أراضيه ُ..
أمشي فوق صخورها الحريرية ِ
كما لو كنت ُ أسير ُ على حافة ِ
شلال ٍ من نبيذ ٍ
كما لو كنت ُ أقطف ُ البرق َ من الدالية
* * *
غربة ٌ وإنتحار ٌ
هل تنتحر ُ الجدران ُ
أم السجين ُ القابع ُ خلف َ الجدران ِ؟
ينتحر ُ الغريب ُ في كل لحظة ٍ
دون أن يسفح َ
ولو قطرة ً من ماء ٍ.
حرب ٌ
* * *
حرب ٌ تخوضنا في هدوء ٍ.
تندلع ُ الحرب ُ في الرأس ِ
تتكسر ُ الأفكار ُ على الأفكار
وتتكدس ُ الأحلام ُ مضرجة ً بالدمع ِ
على سفوح ِ الندم ِ.
لا أب ٌ للحرب ِ ولا أم ٌ
لكنها عارية ٌ وكاسرة ٌ تنهض ُ من قبرها
لتحصد َ البراعم َ التي تنمو
في تضاريس ِ كل قلب ٍ.
لتقطف َ لذة َ حب ٍ مغّتصب ٍ
ولتسفك َ دم َ الأشجار ِ
وكبرياء َ النخلة ِ الباسقة.
هي الحرب ُ تتبرج ُ كعاهرة ٍ
تكسو جسدها بثوب ٍ
من أرواح القتلى
وتطل ُ بقامتها الممشوقة ِ
كي تطالب َ بالثأر
من وردة ٍ مضرجة ٍ بالضوء.
* * *
القاتل ُ
* * *
القاتل ُ ببدلته ِ الصحراوية ِ
ولثامه ِ البدوي ونظرته ِ الفاحصة ِ.
القاتل ُ بعد أن مزق َ القصائد َ
كما مزق َ خريطة َ الوطن.
القاتل ُ في لحظته ِ الأخيرة ِ
دس َ رأسه ُ في الورقة ِ البريئة ِ
وراح َ ينثر ُ فوقها الأسرار َ.
القاتل ُ ود ّ في لحظته ِ تلك
لو يختبأ ُ بين طيات ِ لحم ِ أنثاه ُ
لو تضمه ُ بين نهديها
أو يضيع ُ في خصلات ِ شعرها الطويل.
لو..
لكن عينيها الواسعتان ِ
تخافان من طيش ِ مسدسه ِ
ونظرته ِ الذئبية ِ
فأحتمى بلثامه ِ البدوي
وقصاصات ِ شِعر ٍ ممزقة ٍ
وفضل َ أن تحويه حفرة ٌ
حتى لو كانت لكلب ٍ شارد ٍ
أو فأر ٍ.
القاتل ُ..
في اللحظات ِ الأخيرة ِ
ود ّ من كل قلبه ِ
لو كان نملة ً تسعى في الأرض
قانعة ً بحبة ٍ من زؤان.
* * *
جدران ٌ
* * *
جدران ٌ تحتمي بجدران ٍ
جدران ٌ فارهة ٌ لا تحتويها سوى الجدران
أين تمضي الفصول ُ عطلتها إذن؟
شاعر من العراق يعيش في كاليفورنيا
[email protected]
التعليقات