جنيف: حصل الفنانان العراقيان علي الفتلاوي وواثق العامري على جائزة البرفورمنس السويسرية عن عملهما الحدود، الذي منحته لجنة التحكيم الجائزة في مهرجان البرفورمنس لعام 2011 في جنيف، تقدم للمشاركة عروض لأكثر من 67 فريقا من كل أنحاء المدن السويسرية، اختارت اللجنة بعد اطلاعها على المشاريع المعروضة وفحص ألأشرطة والسيناريوهات، سبعة مجاميع فنية، هي الأكثر كفاءة للمنافسة، فحصل الفنان العراقي علي ألفتلاوي والفنان واثق العامري، على جائزة المهرجان بعد إن قررت اللجنة فوز عملهما (الحدود) وسلمت لهما الجائزة في احتفال رسمي في جنيف يوم الحادي عشر من نوفمبر.
رئيس اللجنة تحدث في كلمة ألقاها أمام جمهور واسع من المهتمين بفن البرفورمنس قال: إن العمل الفائز قدم رؤية مبهرة جعلتنا نشعر بمتعة بصرية غاية في الرقيّ و عبرت الصور التي قدمها العمل عن انسجام ظهر واضحا على النحو الذي منحنا إحساسا بمجموعة آلات مختلفة، سعت بكل جدية وإخلاص لبناء جملة موسيقية، قطعت أنفاس الحاضرين، منذ البداية حتى انتهاء العمل لتستحق التصفيف
و علي الفتلاوي، فنان عراقي يقيم منذ سنين طويلة في مدينة زيورخ، وهو واحد من أهم الفنانين المنشغلين بفن الأداء في أوربا، قدّم على مدى السنوات الماضية أعمالا كثيرة، برفقة الفنان واثق العامري، كلاهما شاركا معا في مهرجان الصين، لفن الأداء والفنون التعبيرية في بكين، ومهرجان لندن الدولي، ومهرجان مونتريال، وبروكسل، وقدمّا عروضا في مدن سويسرية و أوربية كثيرة، يقول عن العمل الذي استحق الفوز بالجائزة: انه عمل برؤية مفتوحة تجعل من مفهوم التفاعل في الفن التعبيري شرطا أساسيا لخلق متعة مشتركة، استفدنا من تفاصيل المكان، الذي تحركنا على أرضيته فكان عنصرا لا يمكن فصل مكونات أرضيته عن نسيج العرض، درسنا السقوف، تفاصيل الجدران، وعمق القاعة، والوضعية التي يمكن إن تكون عليها الكراسي، فجاءت الصور التي شكّلناها، منسجمة مع روح المكان، ومعبرة عن نسيجه، وداخلة في الدلالة الكليّة للعنوان
واثق العامري، قال إن طريقة الشغل في فن الأداء تعتمد على المواد المستخدمة، كعنصر رئيسي في تشكيل الصور كونها علامات يتوقف التفاعل معها، من خلال توظيفها معا، مثل خطوط متفرقة لها نقطة انطلاق واحدة، هذه النقطة، هي العنوان، بما يحمله من دلالا ت تعبيرية، تجعل المتعة ممكنة بين العين، مصدر الخبرة البصرية والأذن التي تسمع من جهة، وبين فضاء العرض
يبدو واضحا من المتابعة للأنشطة الثقافية بشكل عام rsquo; إن فن الأداء البرفومنس، لم يجد له فضاء حقيقيا لتقديم نفسه في الدول العربية، رغم انه هذا الفن هو شكل تعبيري، وجد له منذ عشرات السنين نشاطا ملحوظا في أوربا وأمريكا وحتى في آسيا ثم تطوّر بشكل سريع، على النحو الذي يجعل من إقامة المهرجانات السنوية، تقليدا لكثير من دول أوربا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية
إن هذا الفن هو أداء حي لأشكال متنوعة من الفنون. المفعمة بالحيوية، والثقافة الشعبية، الرقص، الموسيقى، المسرح، الفيديو، والشرائح والصور المجمعة بالحاسوب. ثم انه يمكن لفرد واحد أو عدة أفراد، القيام بتأدية العرض، ويمكن تقديم العرض في أي مكان، في الشارع أو في السوق او حتى فوق سقف سيارة، فن ليس له حدود زمنية. جسم الممثل هو العنصر الأهم الذي يطرح من خلاله الأفكار، هذه الأفكار أيضا لا يمكن تحديدها، يمكن أن تكون سيرة ذاتية، مثلا،أو حتى موضوع سياسي متطرف النزعة. غير إن استخدام المواد العادية المتوّفرة واستخدامها بشكل آني وبدون تخطيط مسبق تجعله فن الحرية بلا منازع، إذ يمكن أن يكون كل شي هو مادة لتشكيل صورة حتى إبرة الخياطة، أو حذاء قديم، أو قطعة خبز كبيرة، كما فعلها علي الفتلاوي وواثق العامري في العرض الذي قدماه في ستوكهولم.
وقد ظهرت بدايات quot;فن الأداء /Performancequot; في عام 1950، حين قدّم quot;جورج ماثيو /Georges Mathieuquot; في مسرح سارة بيرنار في باريس سهرة شعريّة قام في أثنائها برسم لوحة واسعة على المنصّة خلال عشرين دقيقة. كانت هذه هي البداية قدمت بعدها العديد من عروض فن الأداء في فترة الخمسينات، كان من أهم منفذيها quot;جورج ماثيو /Georges Mathieuquot;، quot;جون كاج/John Cagequot; ومجموعة quot;غوتاي /Gutaiquot; الفنيّة اليابانيّة، كازو شيراجا /Kazuo Shiragaquot;.
وأما الولادة quot;الحدثيّة /Happeningquot; فكانت مرتبطة بظهور حركة quot;الفن الشعبي /Pop Artquot; في أميركا، وذلك مع نضوجه في أولى سنوات الستينات كما تطوّر مع quot;الحدثيّة /Happeningquot; وبتناغم فيما بينهما quot;فن البيئة أو الجو أو المحيط /L'art de l'environnementquot; ؛ ومن أهم من قدّم نشاطات فنيّة ضمن اتجاه الحدثيّة في فترة الستينات في الولايات المتحدة الأمريكيّة : quot;أولدنبرغ /Oldenbergquot;، quot;جيم دين /Jim Dinequot;، quot;رد غرومس /Red Groomsquot;، quot;روبرت وايتمان /Robert Whitmanquot;، quot;آلان كابرو /Allan Kaprowquot; وquot;كارول سشنيمان /Carolee Schneemannquot; ؛ كما قدّم بعض الأوروبيّن مثل quot;وولف فوستل /Wolf Vostellquot; أو حتّى اليابانيّن مثل quot;آي ndash; أو /Ay ndash; Oquot; نشاطاتهم في أميركا وكانت تتميّز بدخول السياسة الاجتماعيّة فيها بخلاف الحدثيّات الأمريكيّة.
وأما في أوروبا فكانت النشاطات الاحتفاليّة أو الاستعراضيّة الحدثيّة تتم في فترة الستينات على أيدي مبدعين من أهمهم : ايف كلاين /Yves Kleinquot; في فرنسا ؛ وquot;هيرمان نيتش /Hermann Nitschquot;، quot;غونتر بروس /Gunther Brusquot; وquot;أوتو مويل /Otto Muehlquot; في فينا بالنمسا ؛ وquot;كلوس رينك /Klaus Rinkequot; وquot;جير فان ايلك /Ger Van Elkquot; في هولندا ؛ quot;آدريان هينري /Adrian Henriquot;،
في كتابه فن الأداء والفنون التعبيرية يصف الدكتور . quot;أسعد عرابيquot; هذا الاتجاه الفني موضحا تعاون الفنون فيه : أن طقوس (التجليات التو ليفية)، التي عرفت تحت اسم (البرفورمانس)(Performance)؛ تعتمد بشكل عام على الحدث العابر ألمشهدي، وعلى تحالف شتى الفنون التو ليفية، من مؤثرات صوتية، وضوئية، إلى السينوغرافي، والكوليغرافي، والرقص، والحركات الإيمائية، والديكورات المسرحية، والتصوير ألجداري وإسقاطات الفيديو الخhellip; هذا الاتجاه وليد التعبير الدادائي المشهدي (الاحتفائي) الذي كان يجرب في مسارح (العبث) من أمثال ملهى (فولتير) في (زيوريخ) ما قبل الحرب، ولا شك أنه قد خضع لتأثيرات المسرح التوليفي (من مثال باليه إريك ساتي)، ومسرح برخت الذي كان يعتمد على المبادلة بين الممثلين والمشاهدين. وقد عرفت بدايات (البرفورمانسي) الموسيقي، منذ عام 1962 من خلال جماعة فلوكسيس التي نظمها الأمريكي (ماسيانوس) في ألمانيا تحت عنوان (كونسير من الضجيج)، ثم غلب نشاط الفنان (جوزيف بويز) على المجموعة في دوسلدورف ليرفع الحدود بين التعبير الفني والحياة.
التعليقات