ايلاف: صدر كتاب سين..! للشاعرة والاعلامية سعدية مفرح عن الدار العربية للعلوم ناشرون 2011 يتكون الكتاب من ثلاث فصول، الفصل الأول: عن الشعر والذاكرة وعلل الروح، الفصل الثاني: في مدينة على هدب طفل: لم أغادر لأعود، الفصل الثالث: في شظايا أدبية: على هامش الصمت أكتب. تقول مفرح في مقدمة كتابها: أما هذا الكتاب فهو أجابة بعد إجابة على أسئلة نبشت من قاع روحي الكثير مما تراكم فيه، وساعدتني على مواصلة رحلتي القديمة والمستمرة في سبيل اكتشافي لذاتي.
وفكرة الكتاب نبعت من حوار طويل، أجراه معي أعضاء منتدى quot;مدينة على هدب طفلquot; على الانترنت، وفقا لآلية تطلبت مني أن أجلس كل يوم، لعدة ساعات وعلى مدى أكثر من شهر، أمام شاشة الحاسوب لأجيب بشكل كتابي مباشر على الأسئلة التي كان يضعها أعضاء المنتدى تباعاً. وقد وفرت لي تلك التجربة التي كانت جديدة بالنسبة لي قوة إضافية في مجابهة وهني الشخصي أمام جبروت السؤال وسطوته، فعلى الرغم من تعلقي بعلامة السؤال دائماً، وشغفي برسمها في نهايات الجمل كلما آن لفضولي أن يمد رأسه بين الكلمات الكثيرة إلا أنني كنت أشعر بالنقص والعجز أمام تلك القوة الكاملة الكامنة وراء تلك العلامة المعقوفة على فيض من الدهشة، والمنحنية بجمالية أخاذة على المزيد من الاحتمالات الغامضة.
ولم يكن أمامي سوى التصدي لها بمحاولاتِ دؤوبٍ في نحت ما أعتبره إجابات محتملة، ولا إجابة نهائية على أي سؤال وجدت نفسي أقف أمامه في يوم ما.
تبقى الأسئلة مفتوحة وبالتالي يظل كل الكلام الممكن مجرد احتمال للإجابات المنتظرة.
في لقائي مع أعضاء منتدى quot;مدينة على هدب طفلquot;، فكرت أن أجمع ما تشتت من مقابلات صحفية أجريت معي على مدى سنوات طويلة، فأضمها إلى لقاء المدينة وأصدرها في كتاب واحد، لكنني عدلت عن الفكرة لاحقاً، عندما اكتشفت الكم الهائل من تلك المقابلات، وحاجتي لفرزها فرزا دقيقا قبل أن أُقدم على خطوة نشرها في كتاب أو كتب، والأهم أن لقاء quot;مدينة على هدب طفلquot; بعدد السائلين فيه وتنوعه واستمراريته اليومية المباشرة، وسجاليته الحميمة وجدليته أحيانا، يختلف عن بقية اللقاءات الصحفية بطبيعتها التقليدية وتحضيراتها المسبقة، وكل هذا جعلني أؤجل تنفيذ فكرة إصدار كتاب أو كتب للقاءات الصحفية حتى وقت آخر أكون فيه أكثر قدرة على تقديم تلك المادة الكلامية المتصاعدة عبر أجوبة وأسئلة بصيغة تحقق لي الحد الأدنى من الرضى على الأقل.
لكن جذوة الفكرة الأولى التي نبعت من لقاء منتدى quot;مدينة على هدب طفلquot; بقيت مشتعلة في بوتقة المشاريع المؤجلة على الرغم من مرور عدة سنوات عليها، حتى جاء لقاء جديد مشابه لذلك اللقاء القديم أجراه معي منتدى انترنتي آخر، هو منتدى quot;شظايا أدبيةquot;، فرأيت أن أجمع اللقاءين المتشابهين في الفكرة العامة والمنبثتين في فضاء الانترنت المفتوح دائماً ضمن كتاب واحد أحقق فيه جزء من حلمي القديم بإصدار كتاب يعتمد في مادته الأساسية على الأسئلة.
وها هو الكتاب وقد استوى على عرش واسع من أسئلة ذاتية قديمة، تتجدد باستمرار حول الشعر والذاكرة وعلل الروح، خصصت لها الفصل الأول. أما الأسئلة المنتشية بدهشة الأجوبة، فقد توزعت على فصلين تفصل بينهما ست سنوات تقريباً، اختلفتْ فيها بعض الإجابات عن نفس الأسئلة، كما اكتشفتُ وأنا أراجع مسودة الكتاب قبل إعداده للنشر، وإن بقيت النكهة واحدة دائما تحت سقف الشعر وحده.
ولا أريد أن أنهي هذه المقدمة قبل أن أشكر أهل الأسئلة الذين شاركوني في صناعة هذا الكتاب في المنتديين، واستقبلوا توجسي في فضاءاتهم المفتوحة بالكثير من المحبة التي تجلت في ترحيب عالٍ احتفظتُ به بين تضاريس قلبي وإن حذفته من سياق الحوارين، خجلا مما لا أستحقه من كلمات موغلة في المديح غالباً، لتبقى الأسئلة وحدها كما تستحق.
هاهو quot;سينquot; إذن.. يكتمل بجيم مفترض، ولا جيم نهائية حتى الآن.