محمد الحمامصي من ابو ظبي: الثورات العربية المشتعلة في العديد من البلدان العربية، وإن لم يشكل في رؤية الكثير من الناشرين المشاركين بمعرض أبوظبي للكتاب في دورته الـ 21 المستمرة حتى 20 من الشهر الجاري، هاجسا أو قلقا، لكن حركتهم خلال الأيام الأولى للمعرض وسعيهم الحثيث لتوقيع وشراء حقوق ملكية فكرية للعديد من الكتب على الجانبين العربي والأجنبي، والاتفاقيات وحركة البيع والشراء على مستوى اللجان الخاصة بالمؤسسات الإماراتية والأجنبية العاملة بالإمارات، وأيضا الإقبال الجماهيري، يحمل مؤشرا مناقضا لما يبدونه.
على أية حال لا نملك إلا رصد ما يقولونه أما ما يتخوفون منه ويرفضون الإفصاح عنه، فلا أظن أن من حقنا الخوض فيه، هم أصحاب الأمر وهذه رؤيتهم.
السيدة منى هنينغ صاحبة دار المنى بالسويد قالت الثورات العربية ستؤدي إلى رفع سقف الحريات وفضاءات الإبداع، ومن ثم سيكون هناك نتاج إبداعي مختلف، الأمر الذي سيغذي صناعة النشر بأعمال متميزة.
وقالت quot;سقف الحرية وانفتاح فضاء الكتاب سيلقي بالكثير من الكتب إلى مزبلة التاريخ وسيصدر كتبا أخرى بروح أخرى تضيف لمسارات الإبداع العربي المهمة في الرواية والشعر والأدبquot;
وأضافت quot;إنني متفائلة بازدهار يصيب صناعة النشر العربية تأليفا وطباعة، إزدهارا يطهر صناعة النشر من هؤلاء الدخلاء الذين لا علاقة لهم بالكتاب وربما لم يفتحوا كتابا واحد في حياتهمquot;.
مدير دار الساقي اللبنانية عصام أبو حمدان رأى أن تأثير الثورات العربية سيظهر مستقبلا وليس في الفترة الحالية، وقد يكون إيجابيا، وقد يكون سلبيا، ورفض كلمة quot;أزمةquot; وقال quot;ليس إلغاء إقامة معرض أو معرضين يشكل أزمةquot;
وأضاف quot;ربما يمكن أن نرصد الآن ملامح هذه التأثيرات والتي منها ارتفاع سقف الحريات، لقد فوجئت الدار بأن المكتبات التونسية تتساءل عن تلك العناوين التي كان يحظر دخولها إلى تونس، مما يعني أن مناخا جديدا من الحرية بدأ في التشكل، وهذا ينطلبق على مصر التي شهدت بعد سقوط النظام صدور الكثير من الكتب التي كانت ممنوعة منها كتب كانت تخص الرئيس وعائلتهquot;.
وأشار أبو حمدان إلى المشكلة الأكبر التي تعاني منها دار الساقي ويأمل أن تحل بتحقيق دولة القانون عربيا quot;إننا نواجه مشكلة السطو والتزوير والقرصنة التي تتم على إصداراتنا ونأمل عندنا تتحقق دولة القانون أن يتم تطبيق قانون حقوق الملكية الفكريةquot;.
ورأى أبوحمدان أن أغلب دور النشر العربية تحد من إصداراتها الآن حتى ترى إلى أين تسير الأوضاع في العالم العربي، وقال quot;خف الطلب على الكتب عربيا لكن الاتفاقيات وعمليات التوزيع تسير وفقا للعادةquot;
وأكد محمد خضر مندوب دار الشروق المصرية أن الأمور لم تتضح بعد، وأن هذا ما يدفع الكثير من الناشرين الصغار إلى القلق، وأضاف quot;الناشرون المصريون تأذوا كثيرا من إلغاء معرض القاهرة، لكن هذا الإلغاء لا يعني أن سوق النشر قد تأثر، وهذا التأثير طفح على السطحquot;.
وقال خضر quot;بشكل عام سوق الكتاب تتراجع ومعارض الكتب أيضا تتراجع، لكن دعنا نقولها صراحة أن الناشر الجيد صاحب الرؤية والرسالة الذي ينتقي عناوينه ومؤلفيه وفنانيه وموضوعاته لن يتأثر بل إن الظرف الراهن يفتح له أفقا أوسع في حرية إصدار الموضوعات والعناوين الشائكة، إن ما يجري الآن عربيا من ثورات هنا وهناك سوف يؤثر فقط في عمل تجار الكتب ودخلاء المهنة الذين أتوقع انسحابهمquot;.
ويتفق مدير دار الحوار السورية نشوان حسن مع الآراء السابقة مؤكدا أن التأثير لم يخرج عن إلغاء بعض المعارض وانشغال جمهور القراء عن متابعة الإصدارات الجديدة نتيجة متابعته لتطورات الثورة هنا وهناك.
ويتوقع نشوان حسن أن تحدث الثورات العربية انفتاحا في مناخ الحرية والوعي والإدراك العربي، وزوال العديد من الرقابات العربية على الكتاب، ومن ثم تنهض صناعة الكتاب، quot;سوف يتجه القراء إلى متابعة الجديد المنفتح والجرئ والمتمرد، ويقبلون على الشراء والقراءة ومن ثم تحقيق طفرة أتوقع أن تكون مهمة، وهي ليست ببعيدة عناquot;.
الناشر المصري محمد البعلي مدير دار صفصافة للنشر توقع أن تؤثر الثورات العربية والتغييرات السياسية المتلاحقة في المنطقة على صناعة النشر، quot;حيث يبدو في الأفق مسار تحول كبير لدى القراء من الأدب إلى الكتب السياسية، وبالتالي من المرجح أن يتجه الناشرون إلى هذه الكتب محاولين اللحاق بهذا التوجه العام، كذلك فقد دخل إلى الساحة العامة في مصر جيل جديد قرر التوقف على التعامل مع مستقبل بلاده كمتفرج وشارك في صنع هذا المستقبل، ويحاول هذا الجيل الآن تعميق معارفه بالواقع السياسي وعمقه التاريخي ومستقبل التحولات التي تتفاعل في المجتمع المصري حتى يستطيعوا تكوين وجهة نظر واضحة حول الواقع والمستقبل وتحديد كيفية مشاركتهم في صنع هذا المستقبل، وجزء من هذه العملية متعلق بسوق الكتب فهي إحدى الوسائل الهامة لتوصيل الافكار إلى هؤلاء الشبابquot;.
وأكد ظهور أسماء جديدة في قائمة أعلى المبيعات، مع تصدر العديد من الوجوه الشابة للأحداث خاصة في مصر التي لعب فيها الشباب الدور الرئيسي في الثورة، وقال quot;برزت أسماء وسط الكتاب من الجيل الشاب ومن ذوي الافكار الحديثة لتتصدر مقالاتهم الصفحات الأولى من الصحف إضافة لتواجدهم المكثف في القنوات التلفزيونية مثل الدكتور عمرو حمزاويquot;.
وأضاف quot;ما سبق يمكن عده من التأثيرات الايجابية ولكن يمكننا كذلك توقع سيل من الكتب حول الاحداث بعناوين من شاكلة quot;كنت في ميدان التحريرquot; quot;يوميات من الميدانquot; إلخ.. دون مضمون متميز او كتابة متأنية تبقى للزمن. وبالنسبة لحركة المبيعات فقد لاحظت بالفعل ارتفاعا سريعا في مبيعات عدد من الكتب السياسية التي أصدرناها قبل الثورة مباشرة استعدادا لدورة معرض القاهرة للكتاب للعام 2011 والتي ألغيت بسبب توتر الاوضاع الأمنية والسياسية، ومنها كتاب حول آفاق الانتخابات الرئاسية المقبلة بعنوان quot;الطريق إلى قصر العروبةquot; وقد صدر في الاسبوع الأول من العام 2011 باعتباره عام الانتخابات الرئاسية في كافة الاحوال، وكتاب آخر عن العلاقة بين الشرطة والمواطنين بعنوان quot;إغراء السلطة المطلقةquot; وهو بالاساس بحث فائز بجائزة أحمد بهاء الدين للباحثين الشباب، ونتوقع ان يستمر الاقبال الكبير على الكتب السياسية خلال الشهور المقبلة وأن يتزايد مع تصاعد جدل لافكار السياسية على الساحتين المصرية والعربيةquot;.