إعداد عبدالاله مجيد: ندب عازف الكمان البريطاني المعروف نايجل كندي حال الموسيقى الكلاسيكية متهما القائمين عليها بعدم تقدير ارث الموسيقار الالماني يوهان سبستيان باخ حق قدره. وحمل كندي على بعض نظرائه من عازفي الكمان قائلا انهم حين يعزفون اعمال باخ يحيلونه الى quot;غيتو نخبوي بلا روحquot; في حين يحول البعض الآخر quot;قطعا فلسفية رائعةquot; من موسيقى باخ الى quot;قطع استعراضية ضحلةquot;. وانتقد الفنان البريطاني الموسيقيين قال انهم quot;تعلموا طريقة تقنية واحدة ويعزفون بطريقة تقنية واحدةquot;.
وكتب كندي الذي كان من تلاميذ عازف الكمان الشهير يهودي منوهين في برنامج الحلفة التي احياها في لندن مؤخرا quot;ان اربع نوتات نغمية من منوهين تساوي أكثر من الف نوتة من عازفينا الأحياءquot;. واضاف quot;ان باخ يتكلم من خلال كمان منوهينquot;.
والمعروف عن كندي الذي يعتبر من اكبر عازفي الكمان في العالم اليوم انه كثيرا ما يغني خارج السرب. ففي عام 2008 مثلا حمل على قادة الفرق السيمفونية بوصفهم نرجسيين يهمهم المال والسمعة أكثر مما يهمهم بناء علاقة موسيقية بينهم وبين الفرقة التي يقودونها. وذهب الفنان البريطاني الى حد التشكيك في جدوى وجود مايسترو متسائلا quot;لماذا يريد احدهم ان يقف وبيده عصا في حين انه يستطيع ان يعزف على آلة موسيقية بدلا من ذلك؟quot;
وصب كندي جام غضبه بصفة خاصة على هزالة الأداء المعاصر لأعمال باخ الذي يقول انه اداء بلا عاطفة وبلا حرارة وبلا ديناميكية. كما حمل على التأويلات التي تُسمى quot;اصيلةquot; في عزف موسيقى باخ باستخدام آلات موسيقية تنتمي الى الفترة التي عاش فيها المويقار الالماني لإعادة انتاج اصوات يقول كندي ان المؤلفين الموسيقيين الأوائل كانوا سيعدونها رتيبة في حركتها كثور الناعور.
ونقلت صحيفة الغارديان عن كندي quot;ان اخصائيين يدفعون باخ الى غيتو يشعر كثيرون معه بأن موسيقى باخ موسيقى رياضية وتقنية بحتةquot;. وقال انه يرى من واجبه ان يُبقي باخ في التيار العام ويقدم موسيقاه بجوهرها العاطفي وليست مجردة منه.
وانتقد كندي في برنامج حفله الموسيقي الأخير صفة quot;الأصالةquot; التي يطلقها بعض الفنانين على عزفهم اعمال باخ قائلا ان ذلك يعبر عن quot;عجرفة لا تُصدقquot;. وكتب متسائلا كيف يمكن ان توصف الموسيقى بالأصالة إذا جُردت من العاطفة وجرى تحويلها الى تكنيك يدغدغ ذات العازف. وشجب كندي ايضا استخدام آلات موسيقية من الفترة التاريخية التي عاشها الموسيقار.
وكما هو متوقع فان تعليقات كندي اللاذعة اثارت ردود فعل ساخطة من بعض الذين استهدفهم بانتقاداته. ورفض مايكل غارفي رئيس اكاديمية الموسيقى القديمة التي تدير واحدة من اكبر الفرق الموسيقية التي تعزف بآلات تاريخية ، اتهام كندي بأن هذه الفرق تعزف بلا روح. وقال ان فرقته قدمت حفلات موسيقية تتقد عاطفة. واشار الى نجاح حفلة الفرقة في استراليا حيث عزفت اعمالا من تأليف باخ امام 1700 شخص وقفوا لها تحية في ختام الحفلة. وقال غارفي ان رد فعل كهذا ما كان ليصدر من الجمهور لو كان الأداء أكاديميا مملا.
ووجه كندي انتقادات لا تقل عنفا الى عازفي الكمان من مدرسة نيويورك واسعة النفوذ بإدارة ايفان غالاميان الذي اتهمه كندي بالتضحية بروح العمل لصالح الأداء التقني المحكَم. كما انتقد عازفي باخ الروس المعاصرين قائلا ان الاحساس بالداخل التأملي الذي يعتبر من عناصر موسيقى باخ يضيع في اداء الفنانين الروس الأنسب لموسيقار استعراضي مثل باغانيني.
واكد كندي ان استاذه منوهين يبقى هو المعيار الذي يُقاس به أداء الآخرين مشيرا الى ان منوهين عزف باخ بمستوى روحي رائع حين كان لم يزل في سن المراهقة.