حسين السكاف: رصدت الحكومة العراقية 600 مليار دينار عراقي (500 مليون دولار) مبلغاً لتغطية فعاليات مهرجان quot;بغداد عاصمة الثقافة العربية 2013quot; هذا المشروع الذي أقرّ عام 2004 في اجتماع وزراء الثقافة العرب الذي أقيم في صنعاء، كان من المفترض حسب توصيات الاجتماع العربي أن يكون خلال عام 2009، ولكن، ونزولاً عند رغبة quot;عدم الاستقرار الأمنيquot; تم تأجيله إلى آذار 2013، وعلى ضوء الاستعدادات لهذه المناسبة ومنح الموافقات للمشاريع المقدمة، ظهرت في الأيام القليلة الماضية موجة امتعاض وغضب شديد من قبل بعض
 |
| السينما العراقية تحتفل بحصد أغلب جوائز مهرجان الخليج السينمائي، بعيداً عن أموال ودعم وزارة الثقافة العراقية |
السينمائيين العراقيين، مصدرها quot;لعبة خبيثةquot; كما أطلق عليها البعض، قامت بها دائرة السينما والمسرح التابعة لوزارة الثقافة العراقية، حين منحت هذه الدائرة موافقتها لعدد من الأفلام الروائية القصيرة والطويلة وحددت لها الميزانية الخاصة بالانتاج. ولكن، ودون مقدمات قامت دائرة السينما والمسرح باستبدال السيناريوهات والأسماء الموافق عليها سابقاً بأسماء أخرى لم تقدم سيناريوهاتها بل اقتصرت على تقديم فكرة للفيلم فقط. حدث هذا قبل شهر من الآن، ومنذ ذلك الحين وصيحات الغضب والاستهجان تسيطر على مواقع التواصل الاجتماعي وتزدحم بها أماكن التجمعات الثقافية في العاصمة بغداد...
أكثر الأصوات الغاضبة، كانت تتجه صوب عملية استبدال مخرجين شباب حصدوا العديد من الجوائز العربية والعالمية خلال السنوات القليلة الماضية ndash; سنوات ما بعد الاحتلال - نتيجة مشاركاتهم بالعديد من المهرجانات السينمائية بأفلام تم انتاجها على نفقتهم الخاصة، بأسماء لمخرجين عراقيين quot;كهولquot; ndash; أكثر من سبعين عاماً ndash; كانوا قد أنجزوا العديد من الأفلام التي تصب في خدمة الديكتاتور الزائل، وقد رصدت لهم دائرة السينما والمسرح مبالغ كبيرة لإنتاج أفلام لم يعرف عنها سوى الفكرة، فلا سيناريو واحد من هذه الأفلام قدم إلى الجهة المناحة. ونتيجة لهذا خرجت العديد من الأصوات الغاضبة والمستنكرة لهذا الاستبدال، ووصلت إلى حد الاتهام بمحاولات إعادة quot;ثقافة البعثquot; داخل الجسد الثقافي العراقي مرة أخرى.. المخرج quot;جمال أمينquot; أحد المخرجين المستبعدين من القائمة بعد أن حصل على جميع الموافقات، كان له رأي بهذا: quot; أن توافق وزارة الثقافة على انتاج أفلام سينمائية وبميزانيات ضخمة لمخرجين كانوا أكثر المخرجين علاقة بالنظام السابق، في حين تستبعد سناريوهاتنا الموافق عليها سابقاً لتحل محلها مثل هذه الأفلام، لا يمكن فهم هذا التصرف، إلا كونه محاولة لإعادة quot;الفكر البعثيquot; وهذه مهزلة بكل المقاييس...quot; وقد وجه الدعوة في حديثه إلى لجان البرلمان العراقي المختصة لتسليط الضوء على quot;العفنquot; حسب تعبيره، الذي يحيط بكل مرافق الثقافة العراقية والسينما على وجه الخصوص.
بشير الماجد، المخرج والممثل الذي حصد العديد من الجوائز، وعلى وجه الخصوص عن دور البطولة في فيلم quot;أحلامquot; للمخرج محمد الدراجي، كان أيضاً من بين الأسماء التي سقطت quot;سهواً ndash; مع سبق الاصرار والترصدquot; من القائمة، تحدث لنا والمرارة تغلف كلماته: quot;يبدو أن وزير الثقافة - وزير الدفاع سابقاً وبالوكالة حالياً - يريد أن يحوّل عنوان المهرجان من بغداد عاصمة الثقافة العربية، إلى quot;بغداد عاصمة البعث العربيةquot; من خلال منح ملايين الدولارات لمخرجي البعث المنحل، وإهمال أفلام لمخرجين صنعوا شأناً للسينما العراقية بعد 2003، وهو يعرف أن هؤلاء المخرجين ndash; الجدد على القائمة - لا يمكن لهم صناعة مشهد سينمائي واحد غير مرتبط بالولاءات!!... سأقف بصلابة ضد كل من يحاول سرقة فرصتي، فأنا أطالب بحقي الذي يسرقه البعثيون الآن، كما سرقوا سنوات عمري في الحروب والسجون سابقاً...quot;
المعروف أن العراق قد حصد العديد من الجوائز السينمائية في العديد من المهرجانات العربية والعالمية، ومنها مهرجان الخليج السينمائي في دورة الخامسة هذا العام، فقد حصل على 10 جوائز من مجموع 15 جائزة، وكان قد حصد 9 جوائز من مجموع 13 جائزة في المهرجان نفسه عام 2010، وكان لهذا صداه المحمود لدى الصحافة ووزارة الثقافة العراقية على وجه الخصوص، رغم أن جميع الأفلام الفائزة قد أنتجت بعيداً عن دعم وزارة الثقافة العراقية ودائرة السينما والمسرح!. من هنا يبدأ المخرج هادي ماهود، الحاصل على أكثر من جائزة، حديثه حول
 |
| مخرجون سقطت أسماءهم quot;سهواًquot; مع سبق الاصرار والترصد |
استبعاده عن القائمة قائلاً: quot;عندما كنا أبطال العرس العراقي في مهرجان الخليج السينمائي لم يكن معنا شفيق المهدي (مدير عام دائرة السينما والمسرح)، ولم نعرف أن هناك شخص اسمه قاسم محمد رئيساً لقسم السينما، كنا شباب اعتمدوا على جهودهم وأموالهم quot;الشحيحةquot; الخاصة واضعين العراق وسمعته الطيبة صوب أعينهم... واليوم، وحين تكون فرصتنا بأيدي هؤلاء، نُستبعد ونُهمَّش بكل همجية وعدم احترام... لا يمكن أن نجد مسمى لهذا التصرف، غير أنه quot;إنقلاب بعثيquot; داخل دائرة السينما والمسرح، ولكننا لن نبقى مكتوفي الأيدي، سنصنع أفلاماً قد تكون فقيرة، لكنها أسمى منهم ومن مشاريعهم التي سوف تفضي وبكل تأكيد إلى الفشل، كونهم لا يرون بهذه المشاريع إلا مصائد للإثراء وليست مشاريع لثقافة تليق ببلد عريق مثل العراق...quot;
الملاحظ أن هناك الكثير من الحقائق التي تشير إلى تناقض كبير بين ما هو معلن من جهة، وما هو معمول به على أرض الواقع من جهة أخرى، قد تذهب بتفكير البعض إلى أن هناك quot;لعبةquot; فساد كبيرة تشوب الاستعدادات للمهرجان، ولا ندري كيف تُصرف مبالغ طائلة لانتاج أفلام سينمائية عديدة، وبغداد لا تمتلك دار عرض سينمائي واحدة؟؟؟ سؤال محير فعلاً، ثم هل هناك الوقت الكافي لانتاج هذه الأفلام ولم يتبقَ على انطلاق المهرجان سوى خمسة أشهر؟ عن هذا تحدث المخرج رعدد مشتت في حديث متلفز له عبر قناة السومرية الفضائية، وهو أحد المخرجين الذين لم تستبعدهم القائمة والذي حصل على موافقة الانتاج لفيلمه، كما أنه من المخرجين الذين لم تنالهم تهمة quot;البعثquot; نظراً لتاريخه المعروف، قال بصراحة تامة: quot;لا يمكن لأي من الأفلام الروائية الطويلة الموافق عليها ضمن هذا المهرجان أن تنجز بشكل نهائي خلال سنة أو عشرة أشهر على أقل تقدير...quot; من هنا يتساءل البعض، هل سينطلق هذا المهرجان حقاً أم تراه سيتبخر ويصبح في عداد المشاريع الوهمية بعد أن تُصرَف جميع الأموال المخصصة له، كما حدث مع مشروع quot;النجف عاصمة الثقافة الإسلاميةquot; الذي ابتلع 500 مليون دولار من أموال الشعب العراقي؟
إشارة... أعلن بهاء الأعرجي، رئيس لجنة النزاهة التابعة لمجلس النواب العراقي (الأحد 23 سبتمبر 2012) خلال مؤتمر صحفي له، عن قائمة بأسماء نواب ومحافظين ومسؤولين نافذين صدرت بحقهم مذكرات اعتقال بتهم التورط بملفات فساد مالي وإداري، وكان من بين المتهمين مدير عام دائرة السينما والمسرح، شفيق المهدي.
رابط الاعلان عن المتهمين بالفساد. http://www.elaph.com/Web/news/2012/9/763568.html?entry=Iraq
التعليقات