إيلاف: في وقت مبكر من المسلسل الكوري "دونا" ينفجر لي وون جون (يانغ سي جونغ) بالضحك عندما تخبره لي دونا (باي سوزي) أنها تحب الأشياء العادية.
وعندما تسأله مستاءة مالذي يضحكك يجيب: "كل ما في الأمر أنك تحبين الأشياء العادية بينما لا يوجد شيء عادي فيك".

صداقة غريبة

ولا يوجد شيء عادي في الأحداث التي سبقت تلك المحادثة أيضًا. حيث ينتقل وون جون، وهو طالب جامعي، إلى منزل مشترك ليكتشف أن إحدى زميلاته في المنزل هي "دونا" مغنية مشهورة في فترة توقف وإبتعاد عن الأضواء، كانت جزء من فرقة البوب ذات الشعبية الكبيرة Dream Sweet.
على الرغم من أن التفاعل بين الاثنين كان ضئيلًا أو معدومًا في البداية - نظرًا لأن دونا تفضل أن تُترك وشانها - لكن تنشأ بين الثنائي صداقة غريبة بعد أن يقوم وون جون بنقلها إلى المستشفى عندما تفقد الوعي امامه.
من المعروف أن حياة وعلاقات الممثلين والمغنين تخضع دائمًا للتدقيق المستمر في كوريا الجنوبية واخطاء او مواقف بسيطة قد تستحيل بسبب مواقع التواصل الإجتماعي والصحف الصفراء الى فضائح كبرى تؤدي الى الغاء الشخصية الشهيرة وإقصائها عن المشهد.
والكثير من أعمال الكوميديا الرومانسية، عالجت موضوعاً متكرراً عن قصة حب بين نجم كبير وشخص من عامة الناس، وما يقابل ذلك من مصاعب تجعل العلاقة مستحيلة، نذكر منها Shooting Stars، وFull House، وSo I Married an Anti-fan، وFan Letter Please، وTouch Your Heart.

لكن وضع مسلسل دونا ببساطة في هذه الخانة من أعمال الكوميديا الرومانسية، سيكون مجحفاً بحقه. ففي جوهره سرد مشوق لقصص الصداقة والرفقة والشفاء وإكتشاف الذات.

عمل يكسر النمطية في شخصياته

وتتميز الدراما المكونة من تسع حلقات بتفاصيل دقيقة ومؤثرة وحزينة، بقدر ما هي مفعمة بالأمل والشعور بالبهجة الصامتة في نفس الوقت.
كما أنه لا يمكن التكهن بردود أفعال شخصياته حتى الثانوية منها. فالمسلسل يكسر النمطية في شخصياته حتى الثانوية منها.
كما يكسر النمطية في مواقف ابطاله فهناك صداقة تنشأ بين إمرأتين، رغم انهما مغرمتان بنفس الشخص، وبدلاً من الكيد والإقتتال للحصول عليه كما جرت العادة، هناك قبول واقعي من الخاسرة لفكرة ان الحب قد ينتهي في اي وقت وان قبول الواقع واخذ الوقت للتعامل معه قد يؤدي لاحقاً لتحول العلاقة الى صداقة سلسة بين جميع الأطراف. وهي لا تغلق بابها في وجه صديقتها عندما تحتاجها رغم انها اخذت حبيبها منها.

حول أسباب الإنهيار

لا يسهب المسلسل في عرض الكثير من ذكريات الماضي أو المحادثات الطويلة حول السبب المفاجيء الذي أدى بإبتعاد دونا الإختياري عن الأضواء، وتوقفها عن الحياة المبهرجة للآيدولز. بدلاً من ذلك، يتم إعطاؤنا لمحات – عن شعورها بالانفصال على خشبة المسرح، وتخيل نفسها وهي تغرق، والتخبط أثناء العروض الحية، وسط "فلاشات" سريعة لمشاهد تظهر معاناتها من تنمر بعض أعضاء مجموعتها الموسيقية، والسلوك غير اللائق من المعجبين، وغيرها من منغصات الشهرة.
ليس من الصعب أن نجمع الصورة الكاملة هنا، حيث أن "نظامها البيئي" قد خذلها. لا يوجد سوى القليل من الدعم أو لا يوجد أي دعم ونقص تام في التعاطف من الأشخاص المحيطين بها.
هناك تجاهل مستمر لها عندما تعلن بأنها ليست قادرة على الغناء قبل صعودها الى المسرح في حفل مهم تشارك به فرقتها، وهي المغنية الرئيسية فيها، ولكن يبدو أن لا أحد يستمع إليها أو يُظهر أي اهتمام بمساعدتها في معرفة السبب، لذا تنهار على المسرح، وعقوبة لها على ذلك يقوم مكتشفها ووكيل أعمالها -الذي تحبه من طرف واحد- بإستئجار الطابق الارضي لها في بيت الطلبة المشترك ويتركها هناك ويتجاهل إتصالاتها المستمرة، والدتها إستغلالية وأنانية ولا تفهمها، ودونا وحيدة ولا تمتلك اي اصدقاء بسبب سوء مزاجها.

رحلة الشفاء

لذا عندما تنشأ صداقة بطيئة ولطيفة بين "وون جون" و"دونا"، يبدو أن عالمها قد انفتح. أخيرًا أصبح لديها صديق، شخص تلتقي به لتناول وجبات الطعام، وتتسكع معه. من المؤكد أن هناك قصة حب تلوح في الأفق، لكن هذه اللحظات من الرفقة المريحة والصمت المشترك هي التي تميز المسلسل.

ما يجعل الأمر أفضل هو الطريقة التي يتم بها إدخال دونا بشكل طبيعي إلى الدائرة من قبل زملائها في المنزل فتصبح جزءاً من سهراتهم وتتناول وجبات الطعام معهم وتتلاشى وحدتها شيئاً فشيئاً. ولحسن الحظ، اختار المسلسل عدم المبالغة في الصدمة أو الرهبة من مكانتها وشهرتها، ويلعب هذا القبول السهل دورًا رئيسيًا في رحلتها العلاجية.
في وقت لاحق من المسلسل، لا يمكنك إلا أن تشعر بإحساس النصر عندما تصحح دونا والدتها لأنها أشارت بشكل متعجرف إلى أنه ليس لديها أصدقاء. قد يكون الأصدقاء هنا على الهامش، لكن وجودهم يحدث فرقًا بالنسبة لها.

حب عاصف ولكن!

يعد وون جون جزءًا مهمًا من رحلتها، فالصداقة التي تتحول لحب عاصف بين طالب فقير ونجمة مشهورة تعقد العلاقة، خصوصاً عندما تجد نفسها مجبرة على العودة الى الاضواء بسبب الشروط الجزائية الضخمة التي تهددها بها وكالتها.
وون جون يحاول تشجيعها على اخذ هذه الخطوة فتسأله "هل تسمح لي" فيقول لها بالتأكيد، تبتسم بمرارة من جوابه فهي تعلم إستحالة إستمرار هذه العلاقة حال عودتها الى الأضواء.

تفوق في الأداء

كان إختيار باي سوزي لأداء شخصية دونا مثالي. يبدو أن الدور قد كتب لها، وهي متمكنة منه. إنها مثالية في المسلسل ولا تبذل أي جهد، سواء كان ذلك في كونها ضعيفة ومنهارة، أو في إظهار جانبها المجنون المفعم بالحيوية. هناك حزن ودفء وأمل تعود الحياة إليه على الشاشة.

عزف المسلسل جميع النغمات الصحيحة عاطفيًا، من البداية إلى النهاية، ف "دونا" عمل يفاجئك باستمرار بتفاصيله الدقيقة والناضجة، وهو أمر فشلت العديد من الأعمال الدرامية الكورية هذا العام في تحقيقه.
هناك الكثير مما ستحبه في قصة التحول هذه التي ستظل عالقة في ذهنك لفترة طويلة بعد انتهائها، تكملها أغنيات وموسيقى تصويرية متميزة من المؤكد أنها ستجد مكانًا لها في صدارة العديد من قوائم التشغيل في الأيام القادمة.

"دونا" يتم بثه حاليًا على نتفليكس.