القاهرة: يؤكد الخبراء الاقتصاديون انخفاضاً واضحاً وملحوظاً في معدلات إنتاجية المواطن المصري، تصل نسبته إلى 50 %، الأمر الذي يهدر مبالغ خيالية وطائلة تبلغ، وفقاً لتوقعاتهم، 20 مليار جنيه (3.4 مليار دولار) في هذا شهر رمضان الكريم.

وقال الرئيس السابق لمركز البحوث الاقتصادية في القاهرة الدكتور حمدي عبدالعظيم، للرؤية الاقتصادية إن laquo;انخفاض الأداء أصبح سمة أساسية لشهر رمضان المعظم، وأكدته دراسات المعدلات الإنتاجية، حيث ظهر أن عدد ساعات العمل خلال أيام الشهر الكريم لا تزيد في أحسن الأحوال على ساعتين، فضلاً عن أن وجود العاملين في الجهاز الإداري للدولة في مكاتبهم يكون شكلياً، وبدون إنجاز حقيقي في الأعمال المسندة إليهمraquo;.

وأرجع عبد العظيم ذلك إلى ما يقوم به الموظفون من سهر متواصل، منذ الإفطار إلى السحور، أمام التليفزيون وذهابهم للعمل متأخرين عن المواعيد المحددة، إضافة إلى انصرافهم من مكاتبهم قبل مواعيد العمل الرسمية، تحسباً لظروف الطريق، والوقت المهدر عند إشارات المرور قبل انطلاق موعد الإفطار. ليس هذا فحسب، بل إن دراسات تتبع الإنتاجية كشفت عن ارتفاع معدلات نسبة الغياب خلال شهر رمضان؛ إلى جانب ضياع وقت العمل في أمور بعيدة كل البعد عن العبادات.

وأضاف عبدالعظيم laquo;بحسبة بسيطة، نجد أن الفاقد في الناتج القومي المصري خلال شهر رمضان يقدر بنحو 20 مليار جنيه، على أساس أن إنتاجية العاملين في السنة تصل إلى 600 مليار جنيه، بواقع 50 مليار جنيه شهرياً، ويحدث هذا في الوقت الذي تتزايد فيه معدلات الإنفاق بشكل كبير، إلى جانب ارتفاع معدلات الاستهلاك من السلع الغذائية والكهرباء والطاقة. أما عن زيادة الواردات خلال شهر رمضان فحدث ولا حرج، حيث تتحمل ميزانية الدولة ما يزيد على 500 مليون جنيه لزيادة الواردات من السلع الاستهلاكية فقط، يضاف إليها 40 مليون جنيه تنفق على استيراد الفوانيس، إضافة إلى 60 مليون جنيه أخرى على الياميشraquo;.

ويؤكد أن فاقد الجهاز الإداري الحكومي خلال شهر رمضان يقدر بنحو 5 مليارات جنيه، على اعتبار أن عدد العاملين في هذا الجهاز يمثل 27.5 % من إجمالي قوة العمل، المقدرة بـ20 مليون عامل على مستوى الدولة.

من جهتها، أشارت مستشار أول السياسات لرئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة في مصر، الدكتورة ضحى عبد الحميد، إلى أن الاقتصاد يتحمل أعباء ضخمة، نتيجة تقاعس العاملين والموظفين في الجهاز الإداري للدولة عن أداء الأعمال الموكلة إليهم على الوجه الأكمل، تذرعاً بالصيام وعدم القدرة على التركيز. هذا في حين يفترض أن تتضاعف الإنتاجية بصورة ملحوظة خلال هذا الشهر، على اعتبار أن الوقت الذي كان يهدر في تناول الأطعمة والمشروبات يجب أن يضاف إلى ساعات العمل الرسمية في الأيام العادية، ولكن ما يحدث هو العكس؛ إذ نفاجأ بأن معدلات الإنتاجية تتراوح ما بين صفر و50 % في أفضل الأحوال، وبحساب المتوسط نجد أن معدلات الإهدار في الناتج القومي الإجمالي خلال شهر رمضان تصل إلى 25 % من الناتج القومي، وستتحملها ميزانية الدولة.

وشددت مستشارة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة على أنه رغم الخسائر، إلا أن أياً من الجهات الرسمية للدولة لم تلفتت لهذا الأمر، ولم تقم بأي دراسات توضح حجم الفاقد من الإنتاجية، تحديداً خلال الشهر الكريم.

وأشارت إلى أن ظاهرة تقاعس الموظفين عن أداء أعمالهم خلال شهر رمضان متعددة، منها على سبيل المثال لا الحصر، عدم الالتزام بمواعيد الحضور والانصراف التي تقررها الحكومة، وانخفاض إنتاجية السيدات إلى أقصى حد ممكن؛ حيث إن الغالبية العظمى منهن ينشغلن بالأمور المنزلية في أوقات العمل الرسمية، وكثيراً ما نجدهن يقمن بتجهيز مستلزمات الإفطار على مكاتبهن، وأيضاً انخفاض معدلات الإنتاج في الشركات والمصانع الحكومية عن نظيرتها في القطاع الخاص.

وأضافت أن ذلك يرجع إلى ضعف الرقابة أو انعدامها في الجهات الحكومية خلال الشهر الكريم، بدعوى أننا في أيام laquo;مباركةraquo;، ولا يجب إهدار ثواب الصيام في توقيع الجزاءات، على خلاف المعمول به في شركات القطاع الخاص التي تحظر ضياع وقت العمل تحت أي ظروف، حتى ولو كان في قضاء العبادات وقراءة القرآن، من منطلق أن العمل عبادة لا يقل في أي حال من الأحوال عن الصلاة والصيام.