إشتد النزاع حول مشروع إصلاح نظام التقاعد في فرنسا في يوم إحتجاجي جديد من التظاهرات جمع يوم السبت بين 825 ألفاً إلى ثلاثة ملايين متظاهر. وفي ظل إضراب يعطل جميع مصافي فرنسا تثار المخاوف من إنقطاع إمدادات الوقود عن المطارات إعتباراً من بداية الأسبوع المقبل.

باريس: للمرة الخامسة منذ بداية أيلول/سبتمبر دعت النقابات الفرنسيين إلى التظاهر إحتجاجا على هذا الإصلاح الذي يثير الإستياء وينص خصوصاً على تأخير سن التقاعد من ستين إلى إثنتين وستين سنة.

وكما في بداية التحرك، انخرطت الحكومة والنقابات في معركة أرقام حول عدد المشاركين في التظاهرات.

وبحسب وزارة الداخلية، فإن حوالى 825 الف شخص ساروا (50 الفا في باريس)، اي ما يمثل quot;ادنى مستوى مشاركةquot; منذ بداية ايلول/سبتمبر.

وقدرت إحدى أبرز نقابتين في فرنسا (سي جي تي) عدد المتظاهرين اليوم بـquot;قرابة ثلاثة ملايينquot; شخص في الشوارع (310 آلاف في العاصمة) وتحدثت عن quot;تصميم كبيرquot; يحدو المتظاهرين.

وبدأ المتظاهرون المسيرات صباحاً في عدة مدن فرنسية مع توقع إنطلاق أكثر من 230 تظاهرة في مختلف أنحاء البلاد. ورغم إصرار الرئيس نيكولا ساركوزي على quot;المضي حتى النهايةquot; في هذا الاصلاح الذي يعتبر من أهم مشاريع نهاية ولايته، نجحت النقابات في حشد المتظاهرين.

وخلال اليوم الاحتجاجي السابق الذي نظم يوم سبت في الثاني من تشرين الاول/اكتوبر، احصت الشرطة في نفس التوقيت 380 الف متظاهر في 150 تظاهرة.

وكانت التعبئة بلغت الثلاثاء حداً قياسياً منذ بداية الاحتجاجات بمشاركة 1,2 مليون متظاهر حسب الشرطة و3,5 ملايين حسب النقابات.

وأعرب برنار تيبوه رئيس نقابة سي.جي.تي السبت عن إرتياحه لأن هذه الحركة quot;بلغت ضخامة غير مسبوقة منذ سنوات عديدةquot;.

كما أثار توقع خروج الآلاف من طلاب الثانوية الذين إلتحقوا هذا الأسبوع بحركة الاحتجاج، إلى الشارع مخاوف من وقوع صدامات مع الشرطة كما حصل أحياناً خلال اليومين الماضيين.

وفي حين ينهي أعضاء مجلس الشيوخ الأربعاء النقاش حول هذا الاصلاح الذي صادقت عليه الجمعية الوطنية، ما انفكت حركة الاحتجاج تشتد في قطاع الطاقة.

ومن جهته أعلن الاتحاد الفرنسي للصناعات النفطية اليوم السبت أن مجمل المصافي الفرنسية الاثنتي عشرة مضربة عن العمل وقد تعطلت عشر منها، ما يثير مخاوف من إنقطاع الوقود.

ودعت وزيرة الاقتصاد كريستين لاغارد الفرنسيين اليوم إلى quot;عدم الهلعquot; نافية quot;إنقطاع إمداداتquot; الوقود.

وأكدت متحدثة لإذاعة quot;آر تي الquot; أن quot;مخزون الوقود يكفي لعدة أسابيعquot;.

وبالفعل، فقد عاد أنبوب النفط الذي يغذي مطاري اورلي ورواسي بباريس بالكيروسين مجدداً إلى الخدمة بشكل كامل، على ما أعلنت اليوم السبت لوكالة فرانس برس الإدارة العامة للطيران المدني وذلك بعد أن أضطربت خدمة الأنبوب بسبب الاضراب في المصافي إحتجاجاً على مشروع إصلاح التقاعد.

وقال المدير العام لادارة الطيران باتريك غانديل quot;استؤنف امداد مطارات باريس بالكيروسين منذ بعد ظهر السبت الامر الذي يبعد تهديد شح الوقود بالنسبة لمطار رواسي-شارل ديغولquot;.

وكانت وزارة البيئة اعلنت في وقت سابق ان الكيروسين قد ينقطع عن المطارات الفرنسية اعتبارا من بداية الاسبوع المقبل، حيث ان quot;خط الانابيب الذي يمد مطاري اورلي ورواسي بالوقود يعمل بشكل متقطعquot;، ولدى مطار رواسي مخزونا من الكيروزين يكفي حتى مساء الاثنين او الثلاثاء فقط.

واقرت شركة توتال أن المئات من محطات البنزين معطلة وأن حركة الإحتجاج quot;تثير مخاوفquot;.

وسمحت الحكومة الخميس بتوزيع قسم من إحتياطي الوقود على المحطات يكفي لتامين الاستهلاك ما بين عشرة الى 12 يوما.

لكنها إستبعدت بشكل قاطع في الوقت الراهن اللجوء الى الاحتياطي الاستراتيجي (نحو 98 يوما من الاستهلاك) المخصص فقط لحالة نشوب ازمة دولية كبيرة.

واخلت قوات الامن صباح السبت مجددا مستودعات وقود من عمالها المضربين ومنها مستودع روان (غرب) بعد ان اخلت اربعة الجمعة.

وأعلن مكسيم دومون من نقابة سي.اف.دي.تي أن سائقي الشاحنات المدعوين الى تعطيل حركة السير بشكل متقطع على تقاطع الطرقات ومستودعات الوقود خلال نهاية الاسبوع، قد يصعدون تحركهم الاثنين مؤكدا quot;انهم يدعون الى تشديد التحركquot;.

كذلك يتواصل الاضراب في قطاع السكة الحديد حيث لم يسير السبت سوى قطارين سريعين من اصل ثلاثة وواحد من اصل اربعة بين كبرى مدن البلاد.

وفي النقل الدولي يسير قطار يوروستار الاوروبي بشكل عادي لكن قطارات تاليس ستلغى اعتبارا من الاحد في الساعة 20,00 ت غ وستقتصر رحلات القطارات السريعة بين مدن فرنسا وبلجيكا على مدينة ليل (شمال).

وقد دعت زعيمة الحزب الاشتراكي المعارض مارتين اوبري هذا الاسبوع الرئيس الى quot;تعليق النقاشquot; البرلماني حول الاصلاح وquot;اعادة النظر كلياquot; في المشروع.

ويطالب أكثر من نصف الفرنسيين (57%) الحكومة بالتفاوض حول الاصلاح الجديد كما أفاد إستطلاع للرأي نشر اليوم السبت.

وقد دعت النقابات إلى يوم إحتجاجي وطني جديد الثلاثاء عشية التصويت في مجلس الشيوخ.