فيما تسعى اوروبا الى احتواء أزمتها المالية الجديدة أخذت تظهر بوادر شرخ تبين انقسام منطقة اليورو الى مستويين اقتصاديين أو حتى ثلاثة مستويات تهدد بتفاقم المشكلة وزيادتها تعقيدا.


واشنطن: اعترف مسؤول كبير في الاتحاد الاوروبي لأول مرة بنشوء منطقة يورو ذات مسارين ، مسار تنطلق فيه المانيا مسرعة فيما تعاني بلدان مثقلة بالديون على اطراف القارة من وطأة الركود على مسار ابطأ. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مفوض الشؤون الاقتصادية والنقدية اولي رين اعترافه بوجود ثنائية في اوروبا مشيرا الى ان المانيا نهضت بقوة من الأزمة المالية والركود الاقتصادي بنمو الصادرات نموا كبيرا ترك آثاره على الطلب الداخلي ايضا. وعلى النقيض من ذلك فان ايرلندا وبعض البلدان في جنوب اوروبا quot;واجهت صعوبات كبيرةquot; ، على حد وصفه.

ويقول مسؤولون اوروبيون آخرون ان ما يزيد الوضع تعقيدا وجود مجموعة ثالثة من الاقتصادات تضم فرنسا وايطاليا ، لم تتأثر كثيرا بالركود لأنها ليست شديدة الاعتماد على التجارة العالمية ولكنها لهذا السبب لم تسترد عافيتها كما ينبغي بعد انتعاش التجارة.كانت هناك دائما فوارق اقتصادية كبيرة بين شمال منطقة اليورو وجنوبها. ولكن بعض الاقتصاديين يرون الآن ان هذه الفوارق التي فاقمتها صدمات الأزمة المالية ، تهدد الآن مستقبل اليورو نفسه.

في غضون ذلك كان رد فعل اسواق المال سلبيا على العموم إزاء الخطة التي أُقرت لانقاذ ايرلندا بقيمة 85 مليار يورو أو 111.2 مليار دولار واعلان قواعد جديدة للتعامل مع الأزمات المالية في منطقة اليورو بعد عام 2013. وكان مسؤولو الاتحاد الاوروبي يأملون بأن تبدد خطة الانقاذ واجراءات التحرك مستقبلا مخاوف الأسواق من خطر انتشار العدوى الى بلدان أخرى مثقلة بالديون في منطقة اليورو مثل اسبانيا والبرتغال.وبخلاف ايسلندا التي خرجت من أزمتها المالية باجراءات منها خفض قيمة العملة لزيادة الصادرات فان بلدانا في منطقة اليورو مثل اليونان والبرتغال وايرلندا لا تستطيع ان تستخدم خفض قيمة العملة وسيلة لتحفيز النمو. وهذا يجعل آفاق افلاتها من ازمة الديون تبدو قاتمة لأن التخفيضات المطلوبة للسيطرة على عجز الميزانية تكبح النمو ايضا.

ولكن مسؤولي الاتحاد الاوروبي لا يتفقون مع هذا التحليل رغم اعترافهم بالتحدي الناجم عن تفاوت الأداء الاقتصادي لبلدان منطقة اليورو. إذ من المتوقع ان يبلغ اجمالي النمو الاقتصادي في منطقة اليورو 1.5 في المئة العام المقبل وهي نسبة تقل بعض الشيء عن معدل النمو المتوقع في عام 2010 ، وان يبلغ 1.8 في المئة عام 2012. ولكن التفاوت في الأداء تفاوت صارخ في جملة مؤشرات منها نسبة المديونية الى اجمالي الناتج المحلي وانخفاض اجمالي الناتج المحلي العام المقبل بنسبة 3 في المئة في اليونان و1 في المئة في البرتغال ونموه بنسبة تقل عن 1 في المئة في ايرلندا واكثر من ضعف هذه النسبة في المانيا.وقال مسؤول اوروبي ان الصورة توحي بوجود منطقة يورو ذات ثلاثة مسارات وليس مسارين.

يراهن الاتحاد الاوروبي على ان يكون انتعاش الاقتصاد الالماني القاطرة التي تجر وراءها بقية اقتصادات اليورو وخاصة بتنامي الطلب الداخلي فيها. ومن شأن هذا ان يسهم في حل قضية اختلال التوازن التجاري في منطقة اليورو بخفض الفائض التجاري الالماني. ولكن اقتصاديين يشكون في حدوث ذلك متوقعين ان تحقق المانيا معدل نمو مدفوعا بالصادرات ولكن ليس بالقدر الذي تفترضه المفوضية الاوروبية. وهم يرون ان من السابق لأوانه التعويل على انطلاق الطلب الداخلي في المانيا.وقال سايمون تلفورد من مركز الاصلاح الاوروبي ان هذا قد يعني سرعتين للنمو وسرعتين بطيئتين. فهو قد يعني نموا اقتصاديا ضعيفا في عموم منطقة اليورو وركودا اقتصاديا وانكماش المديونية في الأطراف.