توالت مؤخرا المؤشرات الإيجابية من القطاع البنكي السعودي، تمثلت في رفع تصنيف الودائع، وارتفاع أرباح البنوك، مع تحسن طفيف لقروض القطاع الخاص، لكن لم تكتمل الصورة بعد عن تجاوز القطاع لتبعات الأزمة المالية.

أحمد عبد الله الرياض:في الأسبوع الماضي قامت وكالة موديز للتصنيف الائتماني برفع التصنيف السيادي لديون المملكة الصادرة بالريال السعودي أو العملات الأجنبية من a1 إلى Aa3 كما قامت كذلك برفع سقف تصنيف الودائع لدى البنوك ،quot;Aa إلى quot; 3 quot;A1quot;مع وضع مستقبلي مستقر . فيما أبقت الوكالة على سقف تصنيف ودائع البنوك بالعملة المحلية وسقف التصنيف للسندات المصدرة داخليا وخارجيا عند Aa3 .

وأوضح لـ quot;إيلافquot; عبد الحميد العمري عضو جمعية الاقتصاد السعودية أن القطاع البنكي أكثر القطاعات الاقتصادية حساسية وأكثرها تعرضا للمخاطر وأي تذبذب يتعرض له ينعكس بشكل فوري على القطاعات الأخرى. وقال العمري إن تقدم البنوك في تصنيف الودائع اعتمد على عدة مؤشرات منها تحصيل الديون ونسبة القروض الطويلة والقصيرة المدى والاحتياطات التي وصلت في البنوك السعودية إلى أكثر من 85% في العام الماضي.

قرار وكالة موديز برفع التصنيف السيادي للمملكة جاء استنادا إلى الأسس الاقتصادية القوية التي يتمتع بها الاقتصاد السعودي والتي مكنته من مواجهة تبعات الأزمة المالية العالمية، وفي هذا الشأن أشار العمري أن التدخل المباشر لمؤسسة النقد كان له الكلمة الفاصلة في هذا الإطار حيث كانت المؤسسة هي الداعم الرئيسي للبنوك لمواجهة أي اهتزازات اقتصادية ناتجة عن الأزمة، من خلال توفيرها للسيولة المالية وضخها للعملات الأجنبية في القطاع البنكي.

وفي هذا الشأن قال العمري إن السياسة المالية تحملت العبء الأكبر في مواجهة الأزمة، لتفادي البنوك أي تأثرات، وأوضح أن تلك السياسة كانت أهم أداة في الحفاظ على استقرار الاقتصاد السعودي، وسط حضور محدود للقطاع البنكي على هذا الصعيد. توقعت وكالة موديز أن تحقق الموازنة العامة للدولة خلال العام المالي 2010 فائضا يضمن للمملكة العودة إلى مسار تخفيض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي والذي تراجع من نسبة تجاوزت 100 بالمائة من الناتج في عام 2001 ، إلى 16 بالمائة في عام 2009.

وربطت الوكالة أي تحسين مستقبلي في التصنيف باستمرارية متانة النظام المالي الحكومي ونجاح برامج الحكومة الاستثمارية في مجال البنية التحتية، تمشيا مع تخصيص الحكومة 400 مليار دولار للإنفاق على البنية التحتية وقطاعات الخدمات، وأوضح العمري أن السياسة المالية في المملكة تؤهل لتنصيف أفضل خاصة مع وجود بنك مركزي قوي متمثلا في مؤسسة النقد وانطلاقا من الإنفاق المالي وصل وقت الأزمة لأكثر من 40 % .

وأظهرت البيانات الشهرية التي تعلنها المؤسسة النقد العربي السعودي أن القروض المقدمة من البنوك السعودية للقطاع الخاص ارتفعت بنسبة 0.2% في يناير الماضي.

من جانبه أوضح العمري أن هذا التغير الطفيف ليس مؤشرا تغير البنوك لسياساتها التحفظية وهو مؤشر مخل لهذا القطاع على حسب وصفه. وقال العمري إن البنوك في المملكة تعاني في أساس من مشكلة التركز في الاقتراض حيث تنحصر عمليات الإقراض على 25 إلى 30 اسما تجاريا يحتكرون النصيب الأكبر قروض الصناديق الأخرى ويسيطرون على المناقصات.

وأظهرت بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي أن أرباح البنوك العاملة في السعودية بلغت خلال شهر يناير الماضي 2010م نحو 2.86 مليار ريال، بنسبة انخفاض تبلغ 20% مقارنة بنفس الشهر من 2009، ورغم الانخفاض فان هذه الأرباح تعد الأعلى، منذ شهر مايو 2009 حيث بلغت في ذلك الشهر 2.88 مليار ريال. وفي هذا الصدد قال رأى العمري أن هذه الأرباح لا تعد دليلا على خروج القطاع البنك من تداعيات الأزمة المالية وأن هذا القطاع كما يعاني من مشكلة احتكار الاقتراض فإنه يواجه مشكلة تتمثل في سيطرة 10 بنوك فقط على نحو 2 تريليون ريال، والتركز البنكي في المملكة هو الأعلى في العالم وأرباحه هي الأضخم عالميا.

وأضاف أن الأرباح في هذه القطاع ناتجة بشكل خاص عن الاحتكار وليست أرباح تنافسية والاقتصاد السعودي يحتاج إلى بنوك متنوعة ومتخصصة، حتى يمكن تقليل المخاطر التي يمكن أن يواجهها هذا القطاع، والمفروض أن تكون البنوك في خدمة الاقتصاد ولكن في المملكة العكس هو القائم. وطبقا للمؤشرات الاقتصادية يعد القطاع المصرفي السعودي يعد أحد القطاعات القليلة في العالم التي حافظت على وضع مستقبلي مستقر، ولكنه يبقى متحفظا ويحتاج إلى مرونة تخرجه من التجمد.