دشّن الخميس أولمجمع صناعي في الأراضي الفلسطينية من قبل وزير الصناعة الفرنسي كريستيان أستروزي الذي تدعم بلاده المشروع. وتمتد المنطقة الصناعية على عشرين هكتارًا جنوب بيت لحم في الضفة الغربية ويطمح من خلاله الشركاء الفلسطينيون والفرنسيون إلى إحداث ما بين 500 إلى ألف منصب عمل.

ملكي سليمان من القدس: وصف خبراء في الاقتصاد أن إنشاء مناطق صناعية في الضفة الغربية تمثل بعدًا استراتيجيًا للدولة الفلسطينية العتيدة نحو تطوير الاقتصاد الوطني الفلسطيني وتنميته، وبأنها تشكّل يومًا مفصليًا، تعكس المرحلة الاقتصادية المهمة ونموذجًا للتعاون بين القطاعين العام والخاص، وتأتي ترجمة لوعود الدول للفلسطينيين على أرض الواقع، في إشارة إلى فرنسا الدولة المبادرة لتمويل ودعم إقامة المنطقة الصناعية في مدينة بيت لحم.

في حين قلل بعض المحللين الاقتصاديين من أهمية هذة المشاريع، سيما إذا أقيمت في المناطق الحدودية المحاذية لإسرائيل لاعتبارات كثيرة، من أهمها أن إسرائيل سوف تتحكم بالبنى التحتية لتلك المشاريع، وتصبح المشاريع الصناعية والاقتصادية الفلسطينية رهينة لمزاج وقرارات القيادات الإسرائيلية، مفضلين أن تقام تلك المشاريع في المناطق المصنفة في مناطق (ج)، التي تسيطر عليها إسرائيل أمنيًا وتديرها السلطة الفلسطينة في الجوانب الحياتية، وخصوصًا في مناطق الأغوار وأريحا وطولكرم وجنين وغيرها من المدن الكبرى، منوهين بأن 60% من أراضي الضفة الغربية على الأقل تقع ضمن تصنيف ج، ولا بد من الاستثمار وإقامة المشاريع فيها.

توظيف 10 آلاف عامل
وفي مدينة بيت لحم المحاذية لمدينة القدس المحتلة، بدء العمل في إقامة منطقة صناعية فلسطينية بتمويل من الحكومة الفرنسية، يساهم فيها أيضًا عددًا من المستثمرين العرب والفلسطييين والأجانب، ومن المتوقع أن تستوعب المنطقة الصناعية الفلسطينية في مراحلها الأخيرة نحو 10 آلاف عامل وفني وموظف، وتقع المنطقة جنوب المدينة، وعلى أرض مستأجرة من الأوقاف الإسلامية تقدّر بـ 200 دونم، ويساهم فيها القطاعان العام والخاص، ويستمر العمل في إقامة المنطقة سنوات متعدّدة، وسيتم رصد ملايين الدولارات لإقامة مشاريع صناعية ومصانع لها علاقة بصناعة الالكترونيات quot;الهاي تكquot; والمنتجات الزراعية والنسيج وغيرها.

وسيتم تسويق تلك المصنوعات والمنتجات إلى خارج فلسطين، على أن يقام معرض دائم لهذه المصنوعات. وتشرف على المناطق الصناعية الفلسطينية هيئة المناطق الصناعية، التي يرأسها وزير الاقتصاد الوطني الحالي د حسن أبو لبده.

بحور: مناطق بعيدة من الحدود
وفي لقاء خاص مع quot;إيلافquot;، رأى وسام بحور المستشار الاقتصادي ومدير عام شركة آيم للاستشارات الإدارية في رام الله أن إقامة مناطق صناعية فلسطينية في مناطق حدودية مع إسرائيل لا تخلو من المغامرة، إذ يمكن لإسرائيل أن تتحكم بهذه المنطقة وبالخدمات التي تصل إليها من ماء وكهرياء وهاتف وغيرها، كذلك يمكن لإسرائيل أن تبادر إلى إغلاق المنطقة في وجه العمال المتوجهين إليها لأبسط الأسباب والمبررات، مشيرًا إلى أنه من الأولى أن تقام هذه المناطق ضمن مناطق ج، التي تشكل 60% من أراضي السلطة الفلسطينية، وتتحكم السلطة فيها بخدمات البنى التحتية كافة، بعكس المناطق الحدودية، وبخاصة في ظل استمرار تردي الأوضاع السياسية والجمود في العملية التفاوضية بين إسرائيل والفلسطييين.

وأشار بحور إلى ضرورة التوجه لإقامة مناطق صناعية في مناطق الأغوار وطولكرم وجنين ورام الله، منوهًا بأن إقامة مناطق صناعية مشتركة ستكون أخطر وأكثر مجازفة للفلسطييين، مستشهدًا بالمناطق الصناعية المشتركة في قطاع غزة، مثل منطقة أيرز وكارني، التي سارعت إسرائيل إلى إغلاقها على الفور، بمجرد اندلاع انتفاضة الأقصى، وبالتالي حرمت آلاف العمال الغزيين من العمل فيها، ناهيك عن توقف تدفق المنتجات إلى داخل قطاع غزة.

ولفت بحور إلى أن المنطقة الصناعية في مدينة بيت لحم ستركز على الصناعة التي لها علاقة بالتكنولوجيا، والتي سيتم تصديرها إلى خارج الوطن، وخلص إلى القول إنه في مثل هكذا أمور يجب على الفلسطينيين ألا يعتمدوا على حسن نوايا إسرائيل، لأنها مشاريع استثمارية، وتكلف أموالاً كثيرة، وفي حال إقامتها في الأماكن المناسبة لها، ستحقق إيرادات مادية، وزيادة دخل المواطن الفلسطيني، كما ستساهم في تنمية وتطوير الاقتصاد المحلي الفلسطيني، كخطوة أولى نحو الاعتماد على الذات.

وزير الاقتصاد: مشاريع استراتيجية
من جانبه، أكد د حسن أبو لبدة وزير الاقتصاد الوطني ورئيس مجلس إدارة هيئة المناطق الصناعية الفلسطينية أن الحكومة الفلسطينية تعقد آمالاً كبيرة على مشروع منطقة بيت لحم الصناعية، لكونه مشروعًا استراتيجيًا، يؤمّن ألف فرصة عمل، وفي استقطاب رؤوس الأموال الفلسطينية والعربية والأجنبية لإنشاء صناعات محددة، تستخدم للتصدير الخارجي، وهذا سيعود بالنفع على الاقتصاد الوطني الفلسطيني.

أما د. سمير حزبون رئيس الغرفة التجارية في مدينة بيت لحم فأوضح أنها المرة الأولى التي تنفّذ فيها مناطق صناعية، بعد الوعود التي قطعتها الدول على نفسها، مشيرًا إلى أن المنطقة الصناعية تحتاج إلى إنشاء معرض كبير ودائم للصناعات الفلسطينية، من شأنها أن تسهم في تعزيز هذه الصناعات من جهة، والعمل على مساعدة المدينة من الناحية الاقتصادية، كما ودعا حزبون فرنسا الداعمة للمشروع إلى المساعدة على تسويق المنتجات وتسهيل تحركاتهم، معتبرًا أن ذلك سيساهم في دعم الاقتصاد الفلسطيني وتطويره أيضًا.