أقرّ مجلس الوزراء السعودي في جلسته التي عقدها ظهر الاثنين برئاسة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز خطة التنمية التاسعة التي تغطي الفترة الممتدة من 2010 إلى 2014.

محمد العوفي من الرياض: دخلت السعودية مرحلة جديدة من مرحلة النمو الاقتصادي المتسارع، بعدما أقرّ مجلس وزرائها خطة التنمية التاسعة، التي تستهدف معدل نمو سنويًا عاليًا عند 5.2 % قياسًا بمعدلات النمو المسجلة عالميًا، ورصد 1.444تريليون ريال سعودي، ومعدل إنفاق سنويًا 289 مليار ريال على مدى خمس سنوات مقبلة.

خطة التنمية أعطت مؤشرًا قويًا على تجاوز عقبة توفر الموارد المالية التي تواجه خطط التنمية السابقة، ما جعلها تزيد إنفاقها في الخطة الجديدة بنحو 67% عن إنفاقها في الخطة الثامنة.

إقرار خطة التنمية التاسعة للسعودية
في التفاصيل، أقرّ مجلس الوزراء السعودي في جلسته التي عقدها ظهر الاثنين برئاسة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز خطة التنمية التاسعة التي تغطي الفترة الممتدة من 2010 إلى 2014. ووجّه خادم الحرمين الشريفين أجهزة الدولة كافة بالحرص الشديد على تنفيذ برامجها ومشاريعها وتحقيق أهدافها في مددها الزمنية المحددة، وإعطاء ذلك أولوية قصوى لما له من تأثير مباشر على رفع مستوى معيشة المواطن وتحسين نوعية حياتهم، خاصة في ضوء ما رُصد لها من إنفاق تنموي طموح، بلغ (1444) بليون ريال، تجاوز بنسبة (67%) ما رُصد من إنفاق تنموي خلال خطة التنمية الثامنة.

النصيب الأكبر من هذا الإنفاق خصص لقطاع تنمية الموارد البشرية التي تشمل مختلف قطاعات التعليم والتدريب، وقطاع التنمية الاجتماعية والصحة، إضافة إلى ما رصد لقطاعات الخدمات البلدية، والإسكان، والثقافة، والنقل والاتصالات، وقطاعات أخرى.

ملامح خطة التنمية
إلى ذلك، أكد وزير الاقتصاد والتخطيط خالد القصيبي أن خطة التنمية التاسعة للمملكة أُعدّت وفق رؤية استراتيجية بعيدة المدى غايتها تحقيق التنمية المستدامة، مشيرًا إلى أن الخطة استهدفت في اتجاهاتها العامة، زيادة النمو الاقتصادي، ورفع المستوى المعيشي وتحسين نوعية الحياة للمواطنين، وتحقيق التنمية المتوازنة بين مناطق المملكة، وتنمية الموارد البشرية، وتنويع القاعدة الاقتصادية من حيث مصادر الإنتاج والدخل، ودعم القطاع الخاص.

وأوضح أن من السمات الرئيسة التي تتميز بها هذه الخطة اهتمامها بمعالجة مواضيع تلقي اهتمامًا عالميًا واسعًا، لكونها وثيقة الصلة بترسيخ واستدامة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، تتمثل في قضايا الثقافة، وتعزيز القدرة التنافسية، وتحول الاقتصاد إلى اقتصاد معرفي، وقضايا الشباب والتنمية.

وبيّن أن الخطة تمثل الحلقة الثانية في إطار الاستراتيجية الراهنة بعيدة المدى للاقتصاد السعودي، التي يمتد أفقها الزمني إلى خمسة عشر عامًا مقبلًا، وأن من اهتمامات الخطة الرئيسة مواكبة التطورات التقنية والاقتصادية المتسارعة التي يشهدها العالم في الوقت الحاضر، وذلك من خلال إعطاء عناية خاصة للسياسات والبرامج والمشاريع المتعلقة بإدخال التقنيات الحديثة والابتكار ووسائل المعرفة الجديدة، مستهدفة تحسين الإنتاجية وزيادة الإنتاج في الفعاليات الصناعية والاقتصادية المختلفة، وتطوير وتنمية مهارات القوى العاملة الوطنية، وتوسيع آفاق الثقافة والمعرفة العامة بين المواطنين.

القصيبي أشار إلى أن خطة التنمية التاسعة تضمنت التأكيد على أهمية مواصلة التوسع في الاستثمار في مشاريع تطوير البنية الأساسية وصيانتها، وتنمية الموارد البشرية، وتنمية الموارد الطبيعية، وبخاصة الموارد المائية، وفي مشاريع حماية البيئة وتطوير أنظمتها، والاستمرار في تعزيز جهود الإصلاح الاقتصادي والتطوير المؤسسي والإداري، لافتًا إلى أنها رصدت نحو (1444.6) بليون ريال للقطاعات التنموية، وهو ما يزيد بنحو (67%) على ما رصد خلال خطة التنمية الثامنة.

واستأثر قطاع تنمية الموارد البشرية بالنصيب الأكبر (50.6%) من إجمالي المخصصات المعتمدة، وجاء قطاع التنمية الاجتماعية والصحة في المرتبة الثانية إذ حظي بنحو (19%) من إجمالي المخصصات. وبلغت مخصصات كل من قطاع تنمية الموارد الاقتصادية، وقطاع النقل والاتصالات، وقطاع الخدمات البلدية والإسكان، نحو (15.7%) و(7.7%) و(7.0%) على التوالي من إجمالي مخصصات الخطة.

أهداف الخطة
من أبرز أهداف خطة التنمية التاسعة للسعودية تحقيق معدل نمو سنوي متوسط قدره (5.2%) للناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة لعام (1999)، ما يؤدي إلى زيادة متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من 46.2 ألف ريال في عام (2009) إلى نحو 53.2 ألف ريال في عام (2014). وتستهدف الخطة نمو الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الخاص بمعدل سنوي متوسط قدره (6.6%)، والقطاعات غير النفطية بمعدل سنوي متوسط قدره (6.3%)، وإجمالي الاستثمارات بمعدل سنوي متوسط قدره (10.4%).

إضافة إلى زيادة نسبة العمالة الوطنية من إجمالي العمالة من نحو (47.9%) في العام (2009) إلى نحو (53.6%) في العام (2014)، وخفض معدل البطالة في قوة العمل الوطنية من نحو (9.6%) في العام (2009) إلى نحو (5.5%) بنهاية الخطة في العام (2014).

على الصعيد الاجتماعي، تستهدف الخطة تحقيق تطوير كمي ونوعي للخدمات المقدمة للمواطنين في المجالات الصحية، والتعليم والتدريب، وخدمات المياه والكهرباء، والإسكان وغير ذلك من الخدمات الأساسية. وتشمل أهداف الخطة في المجال الصحي، وافتتاح وتشغيل (117) مستشفى، من بينها (32) تخصصية، بطاقة إجمالية (22372) سريرًا، وافتتاح وتشغيل (750) مركز رعاية صحية أولية، و(400) مركز إسعاف.

في مجال التعليم والتدريب تستهدف الخطة الوصول بعدد المدارس إلى (14748) مدرسة ابتدائية، و(8570) مدرسة متوسطة، و(5154) مدرسة ثانوية، ما يرفع الطاقة الاستيعابية للمنظومة المدرسية بنهاية الخطة التاسعة إلى نحو (5.31) ملايين طالب وطالبة. إلى جانب زيادة الطاقة الاستيعابية للجامعات والكليات الحكومية ليصل عدد المتسجلين فيها بنهاية الخطة إلى نحو (1.7) مليون طالب وطالبة. وافتتاح (25) كلية تقنية جديدة، وافتتاح وتجهيز (28) معهدًا تقنيًا عاليًا، و(50) معهدًا مهنيًا صناعيًا.

أما في مجال خدمات المياه والكهرباء فتستهدف الخطة زيادة الطاقة الفعلية السنوية لمحطات تحلية المياه المالحة من نحو (1048) مليون متر مكعب عام (2009) إلى نحو (2070) مليون متر مكعب عام (2014)، وتنفيذ حوالي (15) ألف كيلومتر من شبكات مياه الشرب، ونحو (600) ألف توصيلة مياه منزلية، وتنفيذ حوالى (12) ألف كيلومتر من شبكات الصرف الصحي، ونحو (700) ألف توصيلة صرف صحي منزلية. إضافة إلى استكمال شبكات توزيع كهربائية لخدمة (1.3) مليون مشترك جديد، منهم (1.1) مليون مشترك سكني.

وفي مجال الإسكان تستهدف إنشاء مليون وحدة سكنية بوساطة القطاعين العام والخاص لمواكبة (80%) من حجم الطلب المتوقع على الإسكان خلال سنوات الخطة، موزعة على مناطق المملكة المختلفة. وتوفير نحو (266) مليون متر مربع من الأراضي لإقامة المشروعات السكنية المتوقع تنفيذها خلال مدة الخطة.

توقعات بتجاوز مستوى الإنفاق 100% عن الخطة الثامنة
في سياق متصل، أوضح عضو مجلس الشورى الدكتور زين العابدين بري في اتصال هاتفي مع quot;إيلافquot; أن رصد مبلغ بهذا الحجم يعطي مؤشرًا كبيرًا على أن السعودية تجاوزت العقبة الرئيسة للنمو الاقتصادي وهو توفر الموارد المالية، التي يرى أنها العقبة الرئيسة التي تواجه أي خطة تنمية في العالم.

وأضاف أن خطة التنمية تصطدم دائمًا بعدد من العقبات من أبرزها توفر الموارد المالية أولًا، ووجود العنصر البشري القادر على التنفيذ ثانيًا، مشيرًا إلى أن أي خطة تنمية في العالم تواجه عقبات عند التنفيذ. وأكد أن مقدار زيادة الإنفاق في خطة التنمية التاسعة التي أقرها مجلس الوزراء اليوم يزيد 67% عما رصد من إنفاق تنموي في خطة التنمية الثامنة، وأن متوسط الإنفاق السنوي في هذه الخطة يقدر 289 مليار ريال، مشيرًا إلى أن هذه التقديرات متواضعة بعض الشيء، وأنه يعتقد أن الإنفاق على خطة التنمية التاسعة سيتجاوز 100% عند مقارنته في ما أنفق في خطة التنمية الثامنة، وربما أكثر.

وأرجع ذلك إلى أن الإنفاق في ميزانية العام الماضي والعام الجاري 2010 كان عند 540 مليار ريال ، بمعنى أن الإنفاق السنوي في العامين الماضيين يتجاوز التقديرات للأعوام المقبلة والمقدر بـ 289 مليار ريال، مشيرًا إلى أن الاستمرار في ذلك المستوى من الإنفاق يجعل الإنفاق السنوي يتجاوز التقديرات بشكل كبير.

وأوضح بري أن الإنفاق الحقيقي سيتضح بعد نهاية خطة التنمية التاسعة أي بعد خمس سنوات وقتها سيتضح، ما إذا تم تجاوز الإنفاق التقديري من عدمه، مشيرًا إلى أن الخطة ستحقق مقدار نمو سنوي في الناتج الإجمالي 5.2 % بالأسعار الثابتة، مشيرًا إلى أن هذا المعدل من النمو عالٍ جدًا، وأنه في حال تجاوز الإنفاق المستويات التقديرية 289 مليار ريال ستحقق السعودية معدل نمو أعلى من هذا المعدل.

وحول تفعيل الرقابة لتحقيق أهداف خطة التنمية أكد أن الرقابة موجودة، ولكن هناك عقبات تواجه عملية التنفيذ، ويفترض أن لدى كل قطاع من القطاعات الحكومية خططًا طموحة وموجودة ضمن خطة التنمية التي أقرها مجلس الوزراء السعودي اليوم، إلى جانب أنه يجب أن يوجد في خطة كل جهة ما يتعلق بالعقبات وما هي المشاكل والصعوبات التي تواجهها، وأن تجيب الخطة على ذلك.