عادت أزمة الديون الأوروبية إلى التفاقم مجدداً، بعد مخاوف المحللين من أن تستعين البرتغال وإسبانيا بخطة الإنقاذ.


ترجمة عبد الإله النعيمي: عادت أزمة الديون الأوروبية إلى التفاقم مجددا فيما اعرب محللون عن مخاوفهم من ان تنضم البرتغال وربما اسبانيا الأكبر منها بكثير الى اليونان وايرلندا في الاستغاثة بخطة انقاذ دولية ضخمة. ولكن تكهنات المضاربين بتدخل الصين صاحبة القدرات النقدية الكبيرة لشراء سندات اوروبية مقترنة باشارات اطلقها مسؤولون صينيون الى استمرار بكين في دعم اليورو اتاح ارتفاع سعره في تعاملات يوم الاثنين بعد هبوطه لفترة قصيرة الى ادنى مستوياته منذ اربعة اشهر مقابل الدولار.

ويؤكد رد فعل السوق قوة الصين النقدية التي كانت مجرد الإشارة الى ان اوروبا قد تستنجد بها كافية لتهدئة بعض المستثمرين.

ويأتي هذا في وقت تشهد اوروبا تحركا صينيا يهدف الى تعزيز حضور بكين الدبلوماسي والاقتصادي في القارة. فقد وصل نائب رئيس الوزراء لي كيكيانغ الى لندن لتوقيع صفقات تجارية تزيد قيمتها على 4 مليار دولار. وجاءت هذه العقود في اعقاب زيارات مماثلة الاسبوع الماضي الى برلين ومدريد. فالطلب الصيني يشكل القوة الدافعة لانتعاش الاقتصاد الالماني الذي تتصدره الصادرات. وافادت تقارير صحفية اسبانية ان الصينيين أكدوا للمسؤولين الاسبان انهم سيواصلون شراء مزيد من السندات الحكومية. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن محللين ان شراء هذه السندات يمكن ان يساعد في استعادة ثقة المستثمرين بقدرة اسبانيا على تفادي ما يمكن ان يصبح أكبر عملية انقاذ مالية منذ سنوات.

وكتب السفير الصيني في لندن ليو شياومنغ في صحيفة الديلي تلغراف البريطانية ان الشتاء كان قاسيا على اوروبا لا من حيث غزارة الثلوج التي هطلت بغزارة لم يُعرف نظيرها منذ عقود فحسب بل ايضا بسبب ازمة الديون التي ألمت ببعض البلدان. ولكنه اضاف ان اوروبا الباردة تشعر بدفء النسمة الصينية وان الصين تفعل ما يقوله المثل الصيني عن quot;ارسال الفحم في الأجواء الثلجيةquot;.

وفي يوم الثلاثاء اعلنت اليابان انها تعتزم دعم الجهود الاوروبية لاحتواء ازمة المديونية في منطقة اليورو بحسب موقع بلومبرغ نيوز. وقال وزير المالية الياباني يوشيهيكو نودا ان حكومته تتهيأ لشراء ما يربو على 20 في المئة من اصدار سندات مقبل يهدف الى تمويل خطة انقاذ ايرلندا.

ويسعى المسؤولون الاوروبيون الى تعبئة قدرات الصين ايضا لحل ازمة المديونية. فان وزير مالية البرتغال التي يقول محللون انها على حافة الحاجة الى خطة انقاذ ، توجه الى بكين الشهر الماضي ليطرح سندات بلده المأزومة على القادة الصينيين. وسرت شائعات في العواصم الاوروبية ان الصين قد تتجه نحو شراء نسبة كبيرة من ديون البرتغال عندما تقوم لشبونة بعملية بيع كبيرة لسنداتها يوم الاربعاء. وقال مسؤولون اوروبيون ان هذا سيكون محكا لاختبار وعود بكين بدعم اليورو. فان للصين مصلحة استراتيجية في مثل هذا الدعم لليورو الذي سجل هبوطا حادا مقابل الدولار خلال الاسابيع الماضية بعد المخاوف التي اجتاحت منطقة اليورو بدولها السبع عشرة بسبب ازمة المديونية. ونظرا لارتباط العملة الصينية بالدولار فان هبوط اليورو مقابل الدولار جعل الصادرات الصينية أغلى ثمنا في الاتحاد الاوروبي الذي تزيد تجارته مع الصين حتى على تجارة الولايات المتحدة.

ولكن قلة من المحللين يعتقدون ان قدرات الصين المالية ستتكفل باستعادة ثقة المستثمرين بالبرتغال. وقالت مجلة دير شبيغل الالمانية ومطبوعات اخرى ان البرتغال تواجه ضغوطا من المانيا وفرنسا لكي تقبل بخطة انقاذ قد تصل قيمتها الى 100 مليار دولار. فان الثقة بالبرتغال تراجعت الى مستوى حتى ان المستثمرين اخذوا يطالبون بأسعار فائدة تبلغ نحو 7 في المئة مقابل شراء سنداتها ، وهي نسبة يتفق غالبية المحللين على انها عالية الى درجة تعجيزية.

ولكن الصين قد تكون أكثر عونا لاسبانيا. وقالت صحيفة البايس الاسبانية ان الصين تستعد لشراء سندات حكومية اسبانية بنحو 8 مليارات دولار في اطار مسعى يهدف الى المساعدة في حل ازمة المديونية الاوروبية. ومن المقرر ان تقوم اسبانيا بعملية اصدار سندات كبرى يوم الخميس. ولكن محللين اشاروا الى ان الصين ربما سيتعين عليها ان تشتري من هذه السندات ما يزيد على 8 مليارات دولار لإحداث تأثير ملموس في مزاج السوق.