يشدّد الخبير الاقتصادي الجزائري البارز quot;عبد الرحمان مبتولquot; على أنّ ارتفاع أسعار النفط ليس له تأثير على الوضع الاجتماعي في بلاده، رغم ضخامة ما ترصده الدولة لمواطنيها كل عام، ويستدل بتقاضي 70% من الموظفين لرواتب زهيدة تقل عن المائتي يورو.


الجزائر: في تصريحات خاصة بـquot;إيلافquot;، يتوقع الخبر الاقتصادي عبدالرحمان مبتول أن تتسع احتمالية ثورة الجزائريين ما لم يتدارك القائمون، مركّزا على أنّ العام 2030 سيكون مفصليا تبعا لنضوب النفط في البلاد حينئذ وتضاعف عدد السكان المحليين، ما ينذر بتكرار السيناريو التونسي بشكل أشدّ في الجزائر.

إذا كانت الجزائر استفادت من ارتفاع أسعار المحروقات لتحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي نسبيا، إلا أنّ الدكتور quot;عبد الرحمان مبتولquot; في تحليله لثنائية النفط والوضع المعيشي في الجزائر، يرسم صورة سوداوية يفسرها بلغة الأرقام وبتجربة 30 سنة من العمل في مجال المحروقات.

ويشير الخبير المعروف دوليا، أنّه من الناحية النظرية فإنّ الجزائر التي تسيطر المحروقات على 98 بالمائة من إيراداتها العامة، تدفع عشرة بالمائة دوريا - ما يمثل خمسة عشر مليار دولار كل عام - لتغطية الحاجيات الاجتماعية لمواطنيها، وهو مخصص هام، لكنه يفتقد إلى العقلانية.

وبمنظر مبتول، يتسبب سوء التسيير وتفاقم الفساد في تبديد الرافد الكبير من الإنفاق العمومي، ما يجعل المرصود بلا أثر ملموس على الحياة الاجتماعية التي تشهد ترديا واضحا جرّاء اتساع رقعة الفقر وانتشار البطالة (الحكومة تحصرها في 10.2 بالمائة، فيما ترفعها هيئات غير رسمية إلى 25 بالمائة).

ويتساءل د/مبتول:quot;أين ذهبت أرباح الجزائر النفطية والتي زادت عن الأربعمائة مليار دولار في التسع سنوات المنصرمة؟quot;، معتبرا أنّ ذلك يشكّل أمّ التناقضات في مجتمع قوامه 36 مليون نسمة، 70 بالمائة من موظفيه يتقاضون أقل من مائتي يورو في الشهر ما يجعل الجزائر ضمن دائرة البلدان المنفردة بهزال الدخل الفردي، بالرغم من تصنيف الجزائر إلى جانب الدول النفطية على غرار البحرين والكويت والإمارات التي يتمحور معدل الدخل الفردي فيها بأكثر من تسعة آلاف يورو.

ويبرز محدثنا أنّ 80 بالمائة من الرواتب الهزيلة لموظفيه، تمتصها المواد الأساسية الفاحشة الغلاء، والتي تميزت بزيادات مثيرة في أسعارها بفعل التضخم وسيطرة السوق الموازية، وسط غياب رؤية سياسية واقتصادية ناجعة، فالجزائر تواجه مشكل التوزيع غير المتكافئ للدخل الوطني، ناهيك على تفشي البطالة، الأمية، تدني مستوى المعيشة، ضعف القدرة الشرائية، الحرمان في المناطق الريفية وضعف الخدمات الصحية، علما أنّ مؤشر التنمية البشرية الأممي صنّف الجزائر في المؤخرة بين 173 بلدا.

ولا يفهم مبتول كيف لبلد أنفق 150 مليار دولار منذ 2005 وسيصل إلى 436 مليار دولار العام 2014، لا يزال عاجزا عن إحداث الوثبة المأمولة من مواطنيه، في وقت تتباهى الحكومة الجزائرية بتحكمها في التوجهات الاقتصادية والمالية العامة، وتحقيقها معدل نمو بـ4 %، رغم أنّ أي بلد بإمكانات الجزائر المالية يمكنه تحقيق أكثر من النسبة المحققة بكثير، وذاك مردود رأسا إلى عدم إرساء قواعد الحكم الراشد والكفاءة بما يتماشى مع التحولات الاقتصادية العالمية ويخلق الثروة الدائمة، على حد تعبير مبتول.

وإذ يشدد الخبير الاقتصادي الجزائري على حتمية تغيير بلاده لسياساتها الاقتصادية والاجتماعية والخروج من اقتصاد الريع إلى اقتصاد خارج المحروقات، فإنّه يحذر من أنّ تجاهل ذلك ستؤول الأمور إلى منعرج أخطر بعد عشريتين من الآن، حينما لن يكون هناك نفط في الجزائر، فكيف تسد السلطات وقتذاك دون نفط، حاجيات مجتمعها المرشح لأن يستوعب 50 مليون نسمة بحلول العام 2030.

وينبّه مبتول:quot;من الخطأ الانسياق وراء تحليلات عبثية لما حصل مؤخرا في الجزائر، لأنّ الأزمة غير منحصرة في الزيت والسكر، بل تتعلق بثورة على البطالة والفساد وتنامي الرشوةquot;، والرهان ينبغي أن يقوم - بحسب مبتول ndash; على تنشيط آلة الإنتاج والإنتاجية التي لا تزال الأضعف في المنطقة المتوسطية، مع أنّ الجزائر تكدّس 155 مليار دولار في خزائنها، ورغم هذه الوفرة المالية، إلاّ أنّ النتائج لم تظهر على أرض الواقع.

وتعدّ نظرة مبتول متقاطعة مع quot;عبد المجيد عطارquot; وزير الطاقة الجزائري الأسبق بشأن شبح quot;نفاذ البترولquot; في آفاق العام 2030، إذ أكّد عطار لـquot;إيلافquot; قبل فترة، صعوبة اكتشاف حقول نفطية جديدة، بحكم أنّ الأخيرة صارت نادرة، ويجب البحث عليها في البحار وعلى عمق يفوق 2000 متر، مثلما حصل قبل فترة في مدينة برازيليا.