تواجه الحكومة الأردنية مشكلات تراكمية، ليست من صنعها، تمثلت في عجز غير مسبوق ومديونية مرتفعة، إضافة إلى مشكلات الفقر والبطالة. ولا تعمل الحكومة في ظروف مثالية، فالأردن يعيش في ظل تداعيات أزمة اقتصادية عالمية، أثرت في دول كبرى وفي اقتصاديات أقوى من الاقتصاد الأردني، كما إن عجز الموازنة كبير، ويحتاج معالجة جادة، حتى لا يترك آثارًا صعبة، علاوة على أن هناك تراجعًا في المساعدات الخارجية.


إيلاف من عمّان: على الرغم من حزمة القرارات والإجراءات التي أعلنتها الحكومة للتعامل مع الظروف الاقتصادية الاستثنائية، ما زالت المسيرات الشعبية السلمية مستمرة في العاصمة الأردنية ومحافظات المملكة المختلفة، وشعارها التنديد بالإجراءات الاقتصادية، ومطالبة بإصلاحات حقيقية، تنقذ البلاد من أزمات حادة ومشكلات معقدة.

كما تشهد المملكة أزمة اقتصادية نتيجة ارتفاعات كبيرة ومتتالية في أسعار الأغذية والنفط والعديد من المواد، علمًا أن الأردن بلد يستورد النسبة الكبرى من احتياجاته، وبسبب ذلك ارتفعت الأسعار في السوق المحلي، حيث فرض التغير في الأسعار العالمية نفسه على السوق.

وتمثلت بالارتفاع الحاد في أسعار السلع الرئيسة، وفي مقدمتها النفط، الذي عمدت الحكومة إلى رفعه تسع مرات في عام واحد إلى أرقام قياسية، بدعوى ارتفاعه عالمياً. ولم تقنع المبررات الحكومية بهذا الإدعاء، فالضرائب المفروضة على هذه السلعة الأساسية، والتي وصلت إلى 40% على بعض المشتقات النفطية، هي السبب الرئيس في هذا الارتفاع الحاد، وخطورة الارتفاع هنا في انعكاسه على سلع وخدمات عديدة دون أن يقابل ذلك زيادة تذكر في الرواتب والأجور.

ويقول مراقبون اقتصاديون إن تراجع الحكومة في الآونة الأخيرة عن بعض الزيادات في بعض المشتقات النفطية غير كاف، فهو لا يشمل كل المشتقات، فقد استثني البنزين أوكتان 95، وكأنه سلعة ترفية، ناسية أو متناسية الآثار الاقتصادية والبيئية المترتبة على التخلي عن استعمال هذا الصنف من الوقود، كما إن نسبة التخفيض لا تمثل قدراً يذكر على فاتورة المستهلك. وتطالب القوى السياسية الحكومة التخلي نهائياً عن أية ضرائب على المشتقات النفطية.

وتؤكد المعارضة أن جيوب المواطنين الخاوية لا يجوز أن تكون المسدد للعجز الناجم من سوء الإدارة والتهاون في المال العام، وفي الوقت نفسه تحذر من زيادة مقبلة على فاتورة الماء والكهرباء والمواصلات.

ويتساءل المواطن العادي quot;كيف ارتفعت المديونية الداخلية والخارجية إلى هذا المستوى القياسي، على الرغم من الانصياع لكل مطالب وشروط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، بالتخلي عن دعم معظم السلع الأساسية، وبيع الشركات والمؤسسات الوطنية، التي كانت تشكل رافداً أساسياً للخزينة. ولم يقتصر الأمر على بيع الشركات والمؤسسات، بل تجاوزها إلى بيع الميناء الوحيد في البلاد بثمن بخس، وبعض أراضي الدولة.

كما تتمثل الأزمة الاقتصادية بالعجز الكبير في الموازنة، الذي أدى إلى تخفيض النفقات الرأسمالية المولدة لفرص العمل، والى وقف التعيينات، كما سيؤدي إلى التوسع في الاقتراض، وبالتالي الانصياع التام لشروط الدائنين والمؤسسات المالية الدولية.

وتؤكد أحزاب المعارضة إن السياسة الاقتصادية التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة من الخصخصة والانحياز لأصحاب الأعمال، وتخفيض الضرائب على البنوك والمؤسسات المالية وزيادتها على المبيعات خلافاً للدستور، تؤكد تماماً فشل هذه السياسة، الأمر الذي يستدعي التخلي عن هذا النهج الاقتصادي، واعتماد سياسة اقتصادية راشدة، بإرادة وطنية، تلبّي مصالح الشعب الأردني، وتنحاز للشرائح الفقيرة والمتوسطة، التي تشكل السواد الأعظم من سكان الأردن.