الكويت: استهل المعهد العربي للتخطيط في الكويت عامه العلمي بإصدار عدد جديد من نشرته quot;جسر التنميةquot; بعنوان quot;السياسات المالية المحابية للفقر quot;. وعرض الاصدار لبعض الدراسات البحثية المتوافرة عن طبيعة السياسات الاقتصادية والمالية وعلاقتها بالفقر، مستنتجاً quot;أهمية الاستقرار الاقتصادي والسياسات الاقتصادية التجميعية في تعزيز النموquot;، وquot;ضرورة اتسام هذه السياسات لا سيما المالية منها بمحاباتها للمساواة والفقر من أجل ضمان تخفيضهquot;. وأشار الاصدار الى أن quot;الشواهد تفيد بأن دول الشرق الأوسط وأفريقيا عاجزة أكثر من مناطق العالم الأخرى عن إحداث نمو اقتصادي محابٍ للفقراء، إعتماداً على سياساتها المالية، وهو ما يؤكد ضرورة مراعاة الظروف الأولية لكل دولة، بما في ذلك تاريخها وسمعتها المالية، إلى جانب الوعاء الضريبي واحتياجات الدولة التنموية، مع التسليم بالدور الحاسم للمؤسسات والحوكمة في ضمان تحقيق الأهداف الإنمائية لسياساتهاquot;.

ولاحظ quot;جسر التنميةquot; أن quot;حقبة الثمانينات والتسعينات من القرن الفائت عرفت بالحقبة الضائعة للتنمية، بسبب فشل سياسات الإصلاح الاقتصادي الهادفة الى تحقيق الكفاءة الاقتصادية في تخصيص الموارد في الدول النامية، من أجل تحقيق النمو المأمول، وكان الواقع الإجتماعي سلبياً للغاية خصوصاً في ما يتعلق بالفقرquot;. وأضاف quot;عليه فقد تم صوغ الأهداف الإنمائية للألفية على محورية الإقلال من الفقر، كهدف استراتيجي في رسم السياسات الاقتصادية، ولا سيما المالية منها، التي من شأنها إفادة الفقراء بنسب تفوق استفادة غير الفقراء، وبهذا يكون النمو الاقتصادي محابياً للفقراءquot;.

وتوقع الإصدار quot;أن تؤثر السياسات الاقتصادية التجميعية على الفقر بطرق مباشرة وأخرى غير مباشرة، حيث تتمحور القناة المباشرة على سياسة الإنفاق الحكومي، لا سيما عن طريق العمالة في القطاع العام، إلى جانب التحويلات العينية والنقدية والدعم على السلع والخدمات، أما الطرق غير المباشرة فتشمل الطلب التجميعي على السلع والخدمات والعمالة وسعر الصرف الحقيقي ومعدل التضخمquot;. واعتبر الاصدار الى أن quot;السياسات المالية قد لا تكون قادرة على تغيير نمو الدخل بشكل دائمن وقد يتطلب ذلك عشرين سنة حتى يتحقق، وهو ما لا يتناسب مع الدول ذات الدخل المنخفض لقصر الآفاق الزمنية المرتبطة بضرورة الحد من الفقر بالإضافة إلى عدم اليقين السياسيquot;.

واشار الى أن quot;بعض السياسات المالية الهادفة إلى كبح جماح التضخم تقتضي في أحيان عدة تخفيض العمالة في القطاع العام، وتخفيض التحويلات، وإلغاء الدعم على السلع والخدمات بغرض تخفيض حجم العجز في الموازنة العامة إلى مستويات تكون قابلة للتمويل بواسطة مصادر عادية، لا تترتب عليها ضغوط تضخمية قد يستفيد منها الفقراء في آخر المطافquot;. ولاحظ أن quot;للسياسات المالية تأثيراً يترتب على هيكل الموازنة العامة وليس فقط على مستوى الإنفاق الحكومي، ويقصد بهيكل الموازنة العامة التوزيع النسبي لإجمالي الإنفاق على بنود الإنفاقquot;. وأوضح أن quot;نصيب الإنفاق الحكومي على القطاعات الحكومية كالتعليم والصحة والتغذية قد يزداد على الرغم من انخفاض حجم الإنفاق، وأن انخفاض نصيب الإنفاق على دعم السلع والتحويلات كنسبة من إجمالي الإنفاق قد يعوضه تحسن ملحوظ في نظام استهداف المستفيدين من مثل هذا النوع من الإنفاقquot;. ورأى ان quot;للسياسات الضريبية والنقدية أثراً سلبياً على الطلب التجميعي على السلع والخدمات والعمالة، مما يضر بالإنفاق الاستثماري والاستهلاكي، الأمر الذي قد يتسبب في تراجع النشاط الاقتصادي بما في ذلك خلق فرص العمل، ومن ثم يتسبب في ازدياد الفقرquot;.

وتابع quot;تترتب على بعض السياسات المالية والنقدية معدلات مرتفعة من التضخم، مما يؤدي إلى تآكل في الدخل الحقيقي، الأمر الذي يضر أساساً بالفقراء نظراً الى عدم تكيّف دخولهم الاسمية مع التغيرات في المستوى العام للأسعار. أما في ما يخص سياسة الصرف الهادفة إلى تخفيض سعر الصرف الحقيقي بغرض إعادة تخصيص الموارد في اتجاه إنتاج السلع القابلة للتبادل التجاري فتترتب عنها آثار متعددة قد تكون مضرة أو محابية للفقراءquot;. واضاف أن quot;زيادة العجز المتزامنة مع تخفيف في الضرائب التشويهية تمكّن من تعزيز النمو. في هذه الحالة يبدو أن طريقة تمويل زيادة العجز قد تكون ذات أهمية إذا ما كانت البدائل تنطوي على وقع مختلف على مدخرات القطاع الخاص ومن ثم على قرارات الاستثمارquot;.