طلال سلامة من برن: طال الارتياب وعلامات التساؤل، اللذين أصابا محرك التقدم الاقتصادي في الدول الصناعية، سوق العمل السويسرية. ومنذ مطلع عام 2010، اتجهت مؤشرات سوق العمل إلى أرضية سلبية تحمل معها أولى إشارات التشاؤم حول مصير آلاف العمال في سويسرا.
واعتماداً على مؤشر التوظيف الوطني، الذي هبط من ثلاث نقاط، في شهر يوليو (تموز) المنصرم، إلى ناقص 4.5 نقطة، في الشهر الماضي لا يسع المراقبون إلا الاستنتاج بأن موجات تجنيد الموظفين الجديدة ستنحسر في الشهور المقبلة، وربما قد تتوقف كلياً شهورًا عدة. وسيكون القطاع السياحي من بين أكثر القطاعات تضرراً في العام الحالي، بما أن فرص نجاته من أنياب وحش الخسائر المالية، الذي مني بها، على نحو ثقيل، منذ مطلع العام، أي منذ أن بدأت قوة الفرنك السويسري تحلق في السماء، ستكون شبه معدومة.

في ما يتعلق بوضع الشركات، الصغيرة والمتوسطة الحجم، يفيدنا المراقبون أن ما يجري معها، منذ الربيع الفائت، من توظيف داخلياً وخارجياً، يصطدم بمطبات مشتقة من الأوضاع الأوروبية خصوصاً. كما إن مؤشر التوظيف، لدى هذه الشركات، سيتراجع من ناقص أربع نقاط إلى ناقص خمسة في الشهور الثلاثة المقبلة. لذلك، فإن فرص التوظيف لديها غير واردة بتاتاً لغاية نهاية العام. بالنسبة إلى الشركات العملاقة، فإنها لا تزال قادرة على عرض وظائف جديدة بصرف النظر عن ملف الربحية لديها.

في سياق متصل، تشير الخبيرة نادين بينزبيرغر لصحيفة quot;إيلافquot; إلى أن سوق العمل السويسرية انشطرت خلال العام الحالي إلى قسمين. فقطاعات الصناعة والبناء والتجارة والمصارف ترزح تحت وطأة الأزمة المالية. آلياً، فإنها تلجأ إلى تسريح الموظفين وفتح الأبواب أمام عدد محدود جداً من الموظفين الجدد من أصحاب الكفاءات العليا. ولا يعود ذلك إلى أسباب موسمية، إنما لقلة الطلبات من الخارج. على صعيد الشركات الصغيرة، فإنها قد تضطر إلى تسريح حوالى 25 % من الموظفين.

علاوة على ذلك، ما زالت قطاعات التأمين والخدمات صامدة. لا بل تتوقع هذه الخبيرة أن تزداد نسبة التوظيف داخلها في العام المقبل، ولو بصورة متواضعة. واللافت في الأمر أن الأزمة ضربت قطاع الأبحاث الصيدلانية. على سبيل المثال، قامت نوفارتيس، رغم أنها جنت أرباحاً ببلايين الفرنكات السويسرية في الربع المالي الأخير، بتسريح حوالى 300 باحثاً أخيرًا.