التغيير الحكومي في اليونان وإيطاليا لمواجهة الأزمة الاقتصادية والمالية، جاء دور إسبانيا التي تستعد لانتخاب اليمين غداً الأحد، وهي تعاني من نسبة بطالة قياسية ومهددة بالانكماش. ووعد اليمين نزولاً عند ضغط الأسواق المالية القوي، بمزيد من التضحيات للنهوض بالاقتصاد.


عواصم- وكالات: يُتوقع أن يقود زعيم الحزب الشعبي ماريانو راخوي (56 سنة) الحكومة بعد الانتخابات التشريعية المقررة غداً، مستفيداً من اقتراع عقابي ضد الاشتراكيين الذين يتولون الحكم منذ العام 2004، من ناخبين نفد صبرهم من أزمة من دون نهاية خلّفت نحو خمسة ملايين عاطل من العمل. ولم تترك الحملة الانتخابية غير المشوّقة، أي فرصة للمرشح الاشتراكي الفريدو بيريث روبلكابا (60 سنة) وزير الداخلية السابق في حكومة خوسيه لويس رودريغث ثاباتيرو. وتوقعت الاستطلاعات الأخيرة، فوز اليمين بالغالبية المطلقة في البرلمان بفارق تاريخي. لكن يُستبعد أن يفلت الإسبان المستاؤون من حكومة فرضت عليهم إجراءات تقشفية ثقيلة، في الشهور المقبلة من خطة تقشف جديدة.وأعلن راخوي، الذي يقضي برنامجه بإجراءات ادخار للنهوض بالأموال العامة، ضرورة laquo;اجراء اقتطاعات في كل الموازناتraquo; باستثناء رواتب التقاعد.

ايطاليا

وفي إيطاليا، فاز رئيس الوزراء الجديد ماريو مونتي بسهولة خلال تصويت على الثقة في برنامج حكومته الجديدة في مجلس النواب أمس. وحصل على دعم 556 نائباً في مقابل 61. وسبق لحكومته غير المنتخبة المؤلفة من متخصصين مهنيين الفوز بثقة مجلس الشيوخ أول من أمس، بموافقة 281 صوتاً في مقابل اعتراض 25 صوتاً. وعرض مونتي على البرلمان الخطوط العريضة لحزمة من أولويات الإصلاح لدعم المالية العامة وزيادة قدرة ايطاليا على المنافسة، والقضاء على أزمة ديون حادة تهدد منطقة اليورو. وكشف عن إصلاحات كاسحة للخروج من الأزمة، واعتبر أن الإيطاليين laquo;يواجهون حال طوارئ خطيرةraquo;.

واعتبر عضو مجلس البنك المركزي الأوروبي لورينزو بيني سماغي، أن البرنامج الذي وضعته الحكومة الإيطالية الجديدة laquo;يعكس حقيقة حاجة نمو الاقتصاد إلى إصلاحات جذريةraquo;. وأوضح في تصريح إلى الصحافيين، أن إيطاليا laquo;تحتاج إلى تغيير أساليبها الاقتصادية لتحقق النموraquo;، ورأى أنه laquo;التحدي الأكبر، وهو ما يتضمنه برنامج الحكومة الجديدةraquo;.

وأظهر استطلاع للرأي، أن 4 إيطاليين من أصل عشرة laquo;قلقون جداًraquo; من احتمال فقدان وظائفهم. فيما استبعدت غالبيتهم laquo;الخروج من الأزمة قريباًraquo;. وأفادت وكالة الأنباء الإيطالية، بأن التقرير الصادر عن مرصد إيطالي متخصص بالشركات، بيّن أن laquo;42 في المئة من الإيطاليين يخشون جدياً على وظائفهم، فيما كانت النسبة 27 في المئة في حزيران (يونيو) الماضيraquo;. وفي حين استبعد laquo;96 في المئة من المشاركين laquo;انتهاء الأزمة قريباًraquo;، توقع 49 في المئة أن laquo;يزداد الوضع الاقتصادي لأسرهم سوءاً العام المقبلraquo;. واعتبر المرصد أن الاستطلاع laquo;رسالة إلى الحكومة الجديدةraquo;، وحضّها على laquo;التحرك بسرعةraquo;.

اليونان

وفي اليونان، جابت تظاهرات احتجاج الشوارع، شارك فيها 50 ألف يوناني، تمثل الاختبار الأول لحكومة الوحدة الوطنية الجديدة التي يرأسها شخص غير منتخب، والتي يجب عليها فرض خفض الإنفاق وزيادة الضرائب لتجنّب الإفلاس. ولم تخلُ التظاهرات من الغاز المسيل للدموع أطلقته الشرطة على متظاهرين يقرعون الطبول ويحملون أعلاماً حمراً، ويرددون هتافات تطالب بخروج البنك الدولي وصندوق النقد من البلد. وأمل وزير المال اليوناني افانغيلوس فنيزيلوس، أن laquo;تُقرّ موازنة عام 2012، التي تؤكد التزام الحكومة إجراءات التقشف قبل عقد قمة الاتحاد الأوروبي في التاسع من كانون الأول (ديسمبر) المقبلraquo;. واستبعد laquo;الحاجة إلى أي إجراءات جديدة أكثر من تلك التي وافقت عليها الحكومة الاشتراكية السابقة، على رغم عدم تنفيذ إصلاحات كثيرة تواجه احتجاجات شعبية حاشدةraquo;.

ميركل: أوقات عصيبة

وفي المواقف الأوروبية والدولية من أزمة الديون والمساعي الواجب اتخاذها، أجرت المستشارة الألمانية انغيلا مركل محادثات أمس، مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في برلين على خلفية توترات حول كيفية استعادة الاستقرار بمواجهة أزمة ديون أوروبا. وكانت مركل وكاميرون، تعارضا أخيراً حول كيفية تحرّك أوروبا، إذ تعاني القارة ما وصفته مركل laquo;بأكثر أوقاتها العصيبة ربما منذ الحرب العالمية الثانيةraquo;.

وسعى وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي في مقابلة مع صحيفة laquo;فانيننشال تايمزraquo; البريطانية، إلى laquo;تهدئة المخاوف البريطانية من دعوة برلين إلى تغيير محدود في المعاهدات الذي يسمح بتعزيز صلاحيات الرقابة المالية الأوروبيةraquo;. وأكد laquo;عدم اللجوء إلى أي تعديلات على المعاهدة الأوروبية، وتقتصر على بلدان منطقة اليورو الـ 17 ، إلا كملاذ أخيرraquo;، مقللاًً من المخاوف من تحول الاتحاد الاوروبي الى تجمع طبقي يميز بين البلدان المتبنية لليورو على حساب بلدان الاتحاد التي لم تستبدل عملاتها لتُهمّش بعدها. وفي بروكسيل، لم يتحدث كاميرون بعد اجتماعه مع رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو ورئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي. لكن بياناً صادراً عن مكتب باروزو، أوضح أن الزعماء laquo;اتفقوا على الحاجة إلى اتخاذ فعل حاسم لضمان استقرار نطاق اليورو وتسريع إجراءات تنشيط النمو والتوظيفraquo;. ولفت إلى أن الزعماء laquo;شددوا على الأهمية المحورية لمزيد من الدفع في اتجاه تطوير السوق الموحدةraquo;.

موازنة الاتحاد الاوروبي

إلى ذلك، سعت حكومات بلدان الاتحاد الأوروبي الـ 27 والبرلمان الأوروبي، إلى إقرار موازنة للاتحاد لعام 2012 تجمع بين اعتبارات التقشف وضرورات الإنفاق لدفع النمو. وعقد وزراء ودبلوماسيون محادثات في بروكسيل قبل المفاوضات laquo;التوافقيةraquo; المتوقعة مع البرلمان، الذي يريد 4 بلايين يورو اضافية (5.4 بليون دولار) على ما تريد الدول التعهد به. ومن دون الاتفاق بين هؤلاء لن يتسنى تمرير موازنة الاتحاد للعام المقبل.وفي اليابان، شدد وزير المال الياباني جون ازومي في مؤتمر صحافي أمس، على laquo;أهمية أن تضطلع ألمانيا بدور مركزي في وضع خطة تمويل صلبة يمكن اعتبارها جدار نارraquo;. ورأى أن laquo;الأوان حان لبرلين، كي تعمل بجدraquo; لوضع هذه الخطة.وعن فترة استمرار الأزمة، توقع مفوض الشؤون الاقتصادية والنقدية في الاتحاد الأوروبي أولي رين، في حديث إلى مجلة laquo;تالوزيلاماraquo; الفنلندية الأسبوعية، أن laquo;تحتاج أوروبا إلى سنوات للتغلب على أزمة الديونraquo;.

تفعيل صندوق الانقاذ

وفي إطار الدفع إلى الإسراع في المعالجة، دعا رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي، إلى laquo;تفعيل صندوق الإنقاذ الأوروبي في شكل كامل في أقرب وقتraquo;، مبدياً سخطه من التباطؤ في إحراز أي تقدم بهذا الشأن. وأشار في كلمة ألقاها أمام مؤتمر عن المصارف الأوروبية في فرانكفورت، إلى ان زعماء الاتحاد الأوروبي laquo;قرروا إطلاق الصندوق قبل أكثر من سنة ونصف سنة، ثم قرروا إتاحة قيمة ضمانات الصندوق بالكامل، وزيادة موارد الصندوق قبل أربعة أسابيعraquo;. وصدر موقف عربي يبدي استعداداً للاستثمار في الصندوق، إذ أعلن رئيس مكتب الاستثمار الكويتي في لندن عيد الريس الرشيدي، laquo;إمكان ان تستثمر الكويت في الصندوق لدى توسيعه، لكن ذلك سيعتمد على شروط الاستثمار غير الواضحة بعدraquo;.

وأكد عضو مجلس البنك المركزي الأوروبي خوسيه مانويل غونزاليس بارامو في مؤتمر صحافي أمس، ضرورة أن laquo;تضطلع حكومات منطقة اليورو بمسؤولياتها عن مشكلة الديون السياديةraquo;، لافتاً إلى أن البنك المركزي الأوروبي laquo;لا يمكنه تجاوز حدود تفويضه في ما يتعلق بمساعدة الحكومات من طريق شراء السنداتraquo;.