لم تنطلق ثورة مصر من القاهرة وإنما من المحلة التي تشتهر بصناعة المنسوجات وشهدت اضطرابات عمالية.


القاهرة: اعتبر تقرير نشرته اليوم الأربعاء صحيفة quot;لوس أنغلوس تايمزquot; الأميركية أن الثورة التي تشهدها مصر حاليًا لم تبدأ في القاهرة، وإنما كانت بدايتها في مدينة المحلة الكبرى، التي توجد في قلب دلتا النيل، وتشتهر بصناعة المنسوجات.

فلطالما اُعتُقِد لفترة طويلة أن الاضطرابات العمّالية التي تشهدها المدينة التابعة لمحافظة الغربية تعتبر تهديدًا أكبر من مطالب الأشخاص المتحضرين الذين يحتشدون الآن في ميدان التحرير.

وتابعت الصحيفة الأميركية بتأكيدها أن المدينة لطالما كانت مصدرًا للقلق والاهتمام بين المسؤولين، ولا سيما أن الموظفين الذين يبلغ عددهم 32 ألف موظف في شركات صناعة المنسوجات الحكومية، وكذلك عشرات الآلاف الآخرين، الذين يعملون في مصانع خاصة أصغر، يشكلون روح الحركة العمالية المصرية. ويحظى قادة الحركة بتاريخ طويل من النضال في مقاومة المضايقات والصمود داخل جدران السجون.

وقد تحوّلت الاحتجاجات الوطنية، التي نجحت في المحلة، دون غيرها، ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية والبطالة والتعذيب على يد الشرطة إلى أعمال عنف في الشوارع في العام 2008، وهو ما تسبب في إلهام إحدى الحركات الشبابية التي بذلت في نهاية المطاف جهودًا ترمي إلى إخراج الرئيس مبارك من السلطة.

مع ظهور تقارير تتحدث عن أن الاضطرابات العمالية بدأت تتموج في أنحاء البلاد كافة هذا الأسبوع، قال القادة العماليون في مدينة المحلة إن تحسن مستويات المعيشة لم يعد أمرًا كافيًا.

في هذا السياق نقلت الصحيفة عن محمد مراد، وهو سياسي يساري وعامل في مصلحة السكك الحديدية، قوله إن quot;شعاراتنا الآن ليست مطالب اتحاد العمال. بل مزيد من المطالب العامة التي ترمي إلى التغييرquot;. وفي الوقت الذي تقول فيه قوات الشرطة إنها لم تكن تسمح بخروج التظاهرات التي لا يزيد عدد المشتركين فيها عن بضعة مئات عن نطاق السيطرة، إلا أن الأحداث التي شهدتها المحلة في السادس من نيسان/أبريل من العام 2008، حظيت بشهرة واسعة في كل أنحاء البلاد، بسبب مقاطع الفيديو التي بثّت على اليوتيوب، والفايسبوك، وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي.

وعاود مراد ليؤكد أن quot;هذه الانتفاضة هي الأولى التي تنجح في كسر حاجز الخوف في أنحاء مصر كافة. فلا يمكن لأحد أن يقول إن مصر الآن هي نفسها تلك الدولة التي كانت قبل الخامس والعشرين من يناير/كانن الثاني الماضيquot;. وفي الوقت الذي تحركت فيه بحذر جماعات معارضة أكثر ثباتًا في أعقاب ثورة الياسمين التي شهدتها تونس، وأطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي، في منتصف الشهر الفائت، بدأت تحث الحركة الشبابية سكان القاهرة على الخروج إلى الشوارع. وبعدها، انتقلت حمى الاحتجاجات إلى شوارع المحلة كذلك، ولم تبدأ في الهدوء إلا مع بداية هذا الأسبوع.

ثم تحدثت الصحيفة عن الخطوة الوقائية التي سعت من ورائها الحكومة إلى شراء ولاء موظفيها، بعدما أُعلِن عن زيادة الرواتب بنسبة قدرها 15 %، بتكلفة تبلغ ما يقرب من مليار دولار سنويًا. وهو ما يعني أن رواتب الـ 25 ألف عامل في شركة مصر للغزل والنسيج في المحلة، التي تقدر الآن بـ 160 دولارًا، ستزداد بقيمة 24 دولارًا شهريًا.

بعد لفتها إلى تلك الإضرابات التي شهدها عدد من الشركات والمصانع خلال السنوات الأخيرة، أوردت الصحيفة عن زعيم عمالي في المحلة، يُدعى حمدي حسين، ويبلغ من العمر 59 عامًا، قوله quot; نشعر بإحباط لعدم وجود صوت لنا في تلك المفاوضات التي تتم الآن في القاهرة. فقد اختارت الحكومة إلى الآن أي الجماعات التي ترغب في التحدث إليها. لكن ذلك قد يتغير من خلال تكوين لجنة وطنية لحماية الثورة هنا في المحلةquot;.

وأضاف quot;هي محاولة للتأكد من تمثيل مطالب الفقراء في أي تغييرات، وكذلك استهداف الأعضاء الفاسدين في الحزب الحاكم، ولا سيما قادة الاتحاد المدعومين من الحكومة. وهناك دور آخر للجنة، يتمثل في مواجهة جماعة الإخوان المسلمينquot;.