أكد خبراء اقتصاد من الجزائر أن quot;تداعيات أزمة الديون الأميركية على احتياطي الجزائر من العملة الصعبة ستكون وخيمة على الاقتصاد الوطنيquot;، ففي الوقت الذي دعا فيه الخبير الاقتصادي بشير مصيطفى إلى quot;ضرورة تحويل الاحتياطي الجزائري من العملة الصعبة إلى اليورو أو اليوان الأكثر أمانًا، أو تحويله إلى الذهبquot;، استغرب في المقابل البروفيسور عبد الرحمن مبتول quot;من صمت السلطات المعنية وعدم فتح نقاش جاد وشفاف حول تداعيات هذه الأزمة التي تعصف بالاقتصاد الوطنيquot;.


تداعيات أزمة الديون الأميركية على احتياطي الجزائر ستكون وخيمة

بودهان ياسين من الجزائر: تتساءل حركة النهضة في الجزائر عن quot;سبب إقدام السلطة على ترك بنك الجزائر حق الانفراد في تسيير احتياط الصرف الجزائري من العملة الصعبة من دون الرجوع إلى المجموعة الوطنية وفتح نقاش وطني لتحديد الخيارات الائتمانية والاقتصاديةquot;.

وحسب الخبير الاقتصادي بشير مصيطفى، فإن quot;أزمة الديون الأميركية سوف تؤثر حتمًافي احتياطات الجزائر من العملة الصعبة في البنوك الأميركيةquot; لأن quot;انخفاض الدولار سوف يكون له تأثير في الجزائر، بحكم أن الأخيرة مبيعاتها بالدولار في حدود 60 % و40% هي باليورو، وبالتالي سيكون الدخل أضعف بالقيمة الحقيقيةquot;.

الأمر الثاني حسب مصيطفى quot;هو أن سعر الفائدة على الاحتياطي الجزائري الموجود في سندات الخزينة الأميركية سيكون أقل من سعر الفائدة في السوق، لأنه إذا ارتفعت أسعار الفائدة سترتفع الديون الجديدة، بينما الاحتياطي الجزائري الذي هو حوالى 43 مليار دولار على شكل سندات خزينة، سوف يكون سعرًا قديمًا، وهو أقل من السعر الجديد، ما يعني أن هناك خسارة بالنسبة إلى الخزينة الجزائرية تقدر بالفرق بين سعر الفائدة الجديد وسعر الفائدة القديمquot;.

هذا سيؤدي حسب الخبير مصيطفى quot;حتمًا إلى التأثير في مداخيل الخزينة العمومية لأن القيمة الحقيقية لسندات الخزينة تكون أقل من القيمة الاسمية لأنها تكون مقوّمة بدولار ضعيف، وسيكون للخزينة خسارة ناجمة من سعر التفاوت بين سعر الفائدة الحقيقي في السوق الحالية وسعر الفائدة القديم، لكن الأهم من هذا وذاك هو أنه يمكن أن لا تحصل الولايات المتحدة الأميركية على 2.2 تريليون دولار بسبب ضعف ثقة الصناديق السيادية وضعف ثقة أسواق المال.

في هذه الحالة ستضطر الولايات المتحدة إلى ضخ سيولة يعني أنها تعمل خطة quot;بولسونquot; نفسها التي طبقت بنجاح سنة 2008، وضخ السيولة تعتمد على طبع الدولار وأميركا طبعًا لديها حق الفيتو في طبع الدولار لأنه عملة سيادية بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية، مجمل المبادلات الخارجية يتم تقويمها بالدولار، خاصة في أسواق الطاقة وأسواق الذهب أيضًا، فتقويم الأصول بالدولار في الخارج يسمح للولايات المتحدة الأميركية بإصدار دولار، وتستورد ثروة أو بمعنى آخر تطبع الدولار، لكن تحوله مباشرة إلى سلع وإلى طاقة يعني استيراد خاصة النفط، فتحول الدولار الضعيف إلى نفط غال عن طريق فكرة تحويله إلى مخزونات إستراتيجيةquot;.

ودعا مصيطفى الدول التي تملك احتياطات بالدولار إلى quot;الإسراع في تحويلها إلى عملات أخرى، إما إلى اليورو أو quot;اليوانquot; الصيني اللذين يعدان أفضل استقرار، أو تحويله إلى الذهب الذي يشهد ارتفاعًا، حيث يقدر حاليًا 1500 دولار للأونصة، وهو رقم لم يبلغه من قبل، ونتوقع أن يصل إلى 1600 دولار للأونصةquot;.

إلى ذلك يرى الخبير الدولي البروفيسور عبد الرحمن مبتول أن quot;على السلطة أن تترك جانبًا عقلية البيروقراطية الخاصة بسنوات السبعينات، لأنه لا يوجد حاليًا ما يسمى بسر الدفاع، لأن دمقرطة القرارات السياسية والاقتصادية أصبحت واقعًا لا مناص منهquot;. واستغرب مبتول من صمت البنك المركزي الجزائري، وكذا وزارة المالية وعدم فتحهما نقاشًا جادًا وحقيقيًا حول الأزمة المالية التي تعصف بالعديد من دول العالم.

ففي quot;الوقت الذي نشاهد فيه مختلف القنوات العالمية تناقش أزمة المديونية وتداعياتها الخطرة وسبل الوقاية منها أو تجنب أقل الأضرار نجد أن الشائعة هي سيدة الموقف في الجزائر في ظل الصمت الرسمي، لذلك يجب حسب مبتول على المؤسسات المالية والرسمية في الجزائر أن تبرهن عدم صحة ما يقال عبر حوار ايجابي يتجاوز النقاش فيه الجانب النقديquot;.

محافظ البنك المركزي الجزائري محمد لكصاصي
بشير مصيطفى
عبد الرحمن مبتول

وتساءل مبتول بالمناسبة عن quot;صحة المعلومات التي تناقلتها مختلف وسائل الإعلام والصحافة المالية الدولية وبعض المواقع الجزائرية والدولية بخصوص قيمة احتياطي الصرف الجزائري، حيث قدرته بـ173 مليار دولار في نهاية شهر يوليو/تموز، أي بفارق 13 مليار دولار عن المعطيات الرسمية المتضمنة في النشرية رقم 19 المؤرخة في شهر يوليو 2011، والصادرة من بنك الجزائر ومعطيات البنك العالميquot;.

وأضاف مبتول أن quot;أكبر مشكل لاحتياطي الصرف المودع في الخارج، والذي من المفروض أن يكون مربحًا، ويستعمل في الأهداف التنموية على المستوى الداخلي مرتبط بمستوى التضخم بنسب الفوائد وقيمة الدولار وأداء سندات الخزينة التي ستعتمد على الإستراتيجية الصينية واليابانيةquot;.

من جانبها أصدرت حركت النهضة بيانًا رسميًا استلمت quot;إيلافquot; نسخة منه، مؤكدة أنها تتابع quot;بقلق كبير تطورات أزمة الديون الأميركية وانعكاساتها على احتياط الصرف الجزائري من العملة الصعبة والخسائر التي تنجر على الاقتصاد الوطني مع تدهور قيمة الدولار في السوق المالية الدولية، التي أدت إلى خسارة كبيرة لأرباح توظيف احتياط الصرف الجزائر في سندات الخزانة الأميركية، حيث تراجعت الأرباح على الفوائد إلى ما يقرب إلى 0.25 % مع ارتفاع التضخم العالمي الذي فاق 1 %.

وهو ما ستكون عليه خسارة كبيرة للاقتصاد من دون تسجيل تحرك رسمي لاتخاذ إجراءات سريعة لتأمين أموال الشعب وسكوت خيّم على بنك الجزائر وكذا السلطات العمومية حول التطورات الجارية لتطمين الشعب الجزائري إلى أمواله، مثلما قامت بقية الدول التي تراعي حساسية الظرف ما ترك الرأي العام في حيرة من أمرهquot;.

واعتبرت النهضة أن quot;إقدام السلطة على ترك بنك الجزائر حق الانفراد في تسيير احتياط الصرف الجزائري من العملة الصعبة من دون الرجوع إلى المجموعة الوطنية وفتح نقاش وطني لتحديد الخيارات الائتمانية والاقتصادية أدى إلى رهن احتياط الجزائر من العملة الصعبة ولحق بالجزائر خسارة كبيرة، حيث لم تستفد الجزائر من 2010 لغاية 2011 من دولار واحد من الأموال المودعة، بل تكبدت في المقابل خسارة تناهز 10 ملايين دولار نتيجة تقلبات سعر الصرف العالمية والازدياد المفرط في فاتورة الواردات من شهر يناير/كانون الثاني إلى اليوم تكفي لانجاز 400 ألف وحدة سكنية، أو مبلغ تغطية 50 % من فاتورة استيراد الجزائر من السداسي الأول لسنة 2011، لو تم سحبها وتوظيفها في خيارات أخرى اقتصاديةquot;.

وتتساءل الحركة عن quot;أسباب ودواعي إيداع 30 % من الناتج الداخلي الخام في سندات الخزانة الأميركية، وهو ما أوقع احتياط الجزائر في خطر منذ بداية سنة 2008 إلى اليوم وفي انخفاض مستمر، إلى أن وصلت إلى تخفيض تصنيف الائتمان من درجة 3 أ إلى 2 أ + بدلاً من تنويع عمليات التوظيف خارج الدولار مثل ما تعمل به اقتصاديات البلدان التي تحافظ على احتياطاتها، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع حجم واردات الجزائر بشكل غير مسبوق إلى ما يقرب 50 مليار دولار للمرة الأولى في تاريخ الجزائرquot;.

وتضيف الحركة في بيانها quot;إننا نتساءل عن سر إبقاء عملة التصدير بالدولار والمبادرات التجارية للاستيراد باليورو، وهو ما كلف الخزينة العمومية في فارق سعر الصرف الذي وصل فيه تراجع الدولار اليوم إلى 43.5 %، وهو ما أدى إلى خسارة كبيرة للجزائر سنويًا بين 9 إلى 11 مليار دولار ابتداء من سنة 2008 إلى اليوم، أي خسارة ما يقرب بين 30 إلى 35 مليار دولار تكفي لتغطية ورادات الجزائر لمدة سنة أو انجاز ما يقرب مليون ونصف وحدة سكنيةquot;.

ودعت الحركة في الأخير البنك المركزي إلى quot;التحرك العاجل للبنك وسحب الأموال من سندات الخزانة الأميركية واستثمارها داخل البلاد في خلق الثروة للاقتصاد الوطني، والتي هي ملك للأجيال المقبلة، وليس من حق جيل اليوم أن يتصرف فيها ويضعها في ملاذ آمنquot;، كما دعت إلى quot;تنويع مصادر التوظيف الائتماني مع فتح نقاش وطني حول الموضوع مع الكفاءات الوطنية ذوي الخبرات الاقتصادية لوضع الخيارات الإستراتيجية وتجنيب البلاد كوارث أكبر، خصوصًا مع الوضع الاجتماعي الهش والمتدهور وعجز الحكومة في تسيير الوضع وعدم قدرتها في حفظ موارده المالية والاقتصاديةquot;.