تم ترجيح اسباب للأزمة المالية التي تجتاح منطقة اليورو،تفيد بأن العديد من البلدان المتقدمة تواجه مشاكل في موازناتها وهيكل اقتصاداتها بسبب البطالة وخلل في أسواق الإسكان وضعف القيادة السياسية، واتخاذ صناع القرار خطوات دون دراسة بدلاً منالتعامل مع هذه المشاكل الهيكلية،مما رفع خطر العدوى السلبية.


بيروت: تناولت صحيفة الـ quot;فورين بوليسيquot; الأزمة المالية والإقتصادية التي تجتاح منطقة اليورو، متسائلةً: من كان يظن قبل 18 شهرًا فقط أن الدولة الأكثر نخبة في الاقتصادات الأوروبية يمكن أن تكون أسوأ تصنيفاً من باكستان.

وأضافت الصحيفة: quot;هذا هو الحال بالنسبة إلى اليونان التي تطفو اليوم على شفا عملية إعادة هيكلة الديون، إضافة إلى دولتين في منطقة اليورو (ايرلندا والبرتغال) المحتجزتين في وحدة العناية الاقتصادية المركزة في أوروبا، وتتلقيان مساعدات كبيرة لإنقاذهما من أزمة الديون.

وأشارت الـ quot;فورين بوليسيquot; إلى أن وكالة quot;ستاندرد اند بورزquot; للتصنيف الإئتماني شككت في تصنيف الولايات المتحدة، المورد الوحيد للسلع العامة العالمية، مثل عملة الاحتياط الدولية (الدولار) والنظام المالي الذي يقوم بدور الرابطة الدولية لتدفق رأس المال.

ووضعت الوكالة تصنيف الولايات المتحدة الائتماني تحت المراقبة السلبية، مشيرة إلى إمكانية حدوث خفض وفقدان مكانتها، مما يؤدي إلى تغيير المسار المالي لهذه الدولة. في هذا السياق، تشير الصحيفة إلى أن معدلات البطالة في الولايات المتحدة وصلت إلى 9 %، فيما بلغت البطالة بين الـ(20 و24 عامًا) معدلاً مثيراً للصدمة وصل إلى 14.5 %، كما إن مشاكل البطالة الهيكلية ذات الصلة تتزايد بمعدل يفوق الطبيعي.

وأضافت الـquot;فورين بوليسيquot; أن الوضع الاقتصادي المتردي الذي تشهده المنطقة يعود إلى ثلاثة أمور على وجه الخصوص، لها تأثير كبير على اقتصادات هذه الدول، وأنه في حال استمرارها ستعيد تشكيل العالم الذي نعيش فيه لسنوات مقبلة.

السبب الأول هو أن العديد من البلدان المتقدمة تواجه مشاكل في موازناتها وهيكل اقتصاداتها. وهذا ليس فقط بسبب أزمة البطالة وتدهور الأوضاع المالية العامة إلى مستويات خطرة مثل ما يحصل اليوم في اليونان، بل أيضاً بسبب خلل في أسواق الإسكان وضعف القيادة السياسية في خضم الفوضى السياسية الحزبية.

أما السبب الثاني، فهو أنه بدلاً من التعامل مع هذه المشاكل الهيكلية، فضّل صناع القرار السياسي بالاستمرار على الحال كما هو عليه، بل واتخذوا خطوات إضافية من دون دراسة أدت إلى تفاقم المشاكل، فأصبحت أكثر رسوخًا، وارتفع خطر العدوى السلبية.

في هذا الإطار، أشارت الصحيفة إلى أن أوروبا هي المثال الأكثر وضوحاً، حيث اعتمدت مرارا نهجاً لمعالجة أزمة السيولة المطبق على ديون اليونان، الأمر الذي نقل التزامات ضخمة من القطاع الخاص إلى دافعي الضرائب اليونانيين والأوروبيين، ونقل المرض والضعف إلى مؤسسات كانت تعمل بفعالية من قبل مثل البنك المركزي الأوروبي.

السبب الثالث، هو أن العديد من الاقتصادات الناشئة وصلت إلى معدلات تنموية عالية من دون رادع حتى الآن يقيها مصائب الدول المتقدمة، وهذا ما يحصل في البرازيل والصين واندونيسيا وبلدان عدةأخرى. في هذه العملية، لقد وصلت اقتصادات هذه الدول إلى معدلات قوية، وانتقلت إلى معدلات أقوى لدرجة إن اقتصاداتها بدأت تحتمل ما يفوق قدرتها في وقت كانت فيه الدول الأكثر تقدماً تقبع تحت العجز والضعف.

واعتبرت الـ quot;فورين بوليسيquot; أن إعادة تأهيل الاقتصادات المتقدمة وموازناتها سوف تستغرق سنوات عدة، كما إن استعادة الظروف الملائمة لتحقيق معدلات نمو مرتفعة وخلق فرص العمل قد يستلزم وقتاً أطول.

في هذه الأثناء، سيصبح توزيع الدخل والثروة أكثر تطرفاً وفوضوية، مما سيحول الأزمة الإقتصادية إلى أزمة اجتماعية وسياسية. وفي مقارنة بين الدول التي تعمل على سد الفجوات في الدخل والثروة مقابل الأزمات التي تعانيها الدولة المتقدمة، أشارت الصحيفة إلى أن الدول الناشئة ستتمكن من تحسين أوضاع الفقراء وسحبهم من الظروف المعيشية الصعبة التي يقبعون تحت ضغوطها وستوفر لهم فرصاً اقتصادية أكبر وتحسن فرص حصولهم على التعليم والرعاية الصحية والتغذية.

ونتيجة للنمو المستمر،رأت الـ quot;فورين بوليسيquot; أن البلدان الناشئة ستقوم بالضغط نحو مزيد من السلطة في الاقتصاد العالمي الذي تسيطر عليه اليوم الدول المتقدمة، الأمر الذي سيؤدي إلى نشوء نزاعات على الحكم وصناعة القرار.

وختمت الـquot;فورين بوليسيquot; بالقول إنه سيتم الضغط على المؤسسات الدولية لإجراء إصلاحلاتٍ أكثر جدية، وستضطر أطراف المفاوضات المتعددة إلى أن تكون أكثر احترامًا للقوة الإقتصادية المتنامية للدول الناشئة.