من المنتظر أن يصادق مجلس النواب، خلال الدورة الاستثنائية الحالية، على مشروع قانون المالية لسنة 2012. وينشغل حاليا الخبراء الاقتصاديين لأحزاب الأغلبية بدراسة ما جاء به هذا المشروع، في انتظار التقدم بمقترحاتهم إلى صلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية.


الدار البيضاء: يركز مشروع قانون المالية لسنة 2012، حسب المعطيات الأولية المتوفرة، على تشجيع الاستثمار العمومي، والمحافظة على الأوراش الكبرى، وإعطاء الأسبقية للقطاعات الاجتماعية، وتخصيص دعم مالي إضافي بالنسبة للقطاعات الحيوية، خاصة الفلاحة، والصحة، وغيرها..ورغم أن هذا المشروع بني على أساس التوجهات الكبرى المعتمدة في قانون المالية السابق، إلا أنه يواجه إكراهات جديدة فرضتها المتغيرات المسجلة على الساحات الوطنية، والإقليمية، والدولية.وقال رضوان زهرو، أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق بالمحمدية، إن quot;مرحلة التحضير والإعداد لقانون المالية، وإن كانت تتم على طول السنة، إلا أن المناقشة والتصويت تعتبر المحطة الحاسمة بالنسبة للمشروعquot;، مبرزا أن quot;هذه المرحلة تحتاج إلى وقت وعدم التسرع، وإلى التزام سياسي عبر الانخراط الكامل لجميع الأحزاب في مناقشة قانون المالية، خاصة إذا علمنا أن أي مشروع قانون مالية يعتبر بمثابة نموذج مصغر لسياسة اقتصادية واجتماعية للدولة خلال سنة كاملة، إذ أنه يحدد التيارات والتوجهات العامة والكبرىquot;.


وأضاف رضوان زهرو، في تصريح لـ quot;إيلافquot;: quot;مجلس الحكومة بصدد مناقشة المضامين الكبرى لقانون المالية للسنة المقبلة. وأعتقد أن هذه المضامين بنيت على اختيارات وتوجهات السنة الماضيةquot;، مشيرا إلى أن quot;طريقة البناء غير واقعية، لأنها لا تأخذ بعين الاعتبار الكثير من المستجدات التي طرأت على الساحة الوطنية والدولية، خلال الفترة الأخيرةquot;.فقانون المالية، يشرح المحلل الاقتصادي، quot;يندرج في ظل مناخ سياسي جديد وطنيا، وإقليميا، ودولياquot;، مؤكدا أن quot;هناك حاليا دستور جديد يتضمن مجموعة من المقتضيات التي تؤطر العمل الحكوميquot;. وذكر رضوان زهرو quot;أن المقتضيات الدستورية الجديدة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، إذ أنها تشكل الإطار العام الجديدquot;، مبرزا أنه quot;يجب على الحكومة، عند إعداد هذا القانون، أن تأخذ بعين الاعتبار كل هذه المضامين وتستوعب ما جاء في الدستور، والعمل وفق المذاهب والأحكامquot;.


وأضاف الخبير الاقتصادي : quot;عندما نقول بأننا سنأخذ بعين الاعتبار التوجهات واختيارات السنة الماضية، فإننا نكون أمام أمر غير واقعي، إذ أن هناك معطيات كثيرة تتغير، فهناك دستور جديد، وحراك اجتماعي وشعبي يعرفه المغربquot;.واعتبر رضوان زهرو أن quot;هذا الحراك ترفع خلاله مجموعة من المطالبquot;، مشيرا إلى أنه quot;رغم أن بعضها سياسي، إلا أن الكثير منها اجتماعي، والقانون المالي للسنة المقبلة يجب أن يكون مشروعا اجتماعيا بامتياز. فمغرب ما قبل 20 شباط/فبراير ليس هو مغرب ما بعده، ومغرب ما قبل 9 آذار/ مارس ليس هو مغرب ما بعدهquot;. وأوضح المحلل الاقتصادي: quot;هناك أصوات تطالب بالنزاهة والشفافية، ومحاربة الرشوة، وبدولة الحق والقانون، والتكافؤ والتضامن مع الفئات المعوزة، والشغل، ومحاربة البطالة في صفوف الشباب، إلى جانب تحسين القدرة الشرائية للمواطنينquot;.


وأشار أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق بالمحمدية إلى أن quot;مشروع قانون المالية للسنة المقبلة يجب أن يأخذ بعين الاعتبار هذه الأمور الاجتماعية، إذ أن الطبقات الشعبية، على وجه العموم، تريد أن تتحسن ظروفها الصحية، وأن تكون البنية الاستشفائية في المستوى، كما أن العالم القروي يحتاج أيضا إلى النهوض به ولا يظل هذا الأمر مجرد شعارquot;.واعتبر رضوان زهرو أن المشروع يجب أن يأخذ بعين الاعتبار هذه المعطيات، إذا كنا بالفعل نريد الاستجابة إلى عدد من المطالب، وإلا فإننا سنفوت الموعد مرة أخرىquot;.وأضاف المحلل الاقتصادي quot;هناك العديد من الإكراهات، فالوضع الاقتصادي غير مستقر، كما يسجل تراجع في معدل النمو العالمي، والمغرب إمكاناته وموارده محدودة، ويعتمد بالأساس على الفلاحةquot;، وزاد مفسرا quot;أعتقد أن من بين الإكراهات الأساسية التي ستؤطر مشورع قانون المالية والقوانين الأخرى، ضرورة الحفاظ على التوازنات الكبرىquot;.


وذكر أن quot;التكلفة الاجتماعية ستكون كبيرة، بغض النظر عن الخصاص الاجتماعي الملحوظ ، الذي يحتاج إلى تضحيات من طرف الجميع. لذلك أعتقد أن التوقعات تكون من دون شك دون الطموحات فمعدل النموسيكون ضعيفا جدا، بالنظر إلى الوضعية الاقتصادية الدولية والوطنيةquot;.كما أن العجز الاقتصادي، يشرح رضوان زهرو، quot;سيكون كبيرا، وتغطية هذا العجز لاشك في أنها ستدفع الدولة إلى سلك إما خيار الاستمرار، أو أنها ستلجأ إلى المديونية الخارجية. وهذا بطبيعة الحال عنده تكلفة تتمثل في المس بالنسيج الداخلي للدولة، أي أن جزء كبير من هذا النسيج سعيتمد على الدينquot;.خيار آخر أمام الدولة يتمثل، حسب رضوان زهرو، في quot;مواصلة الخوصصة لما تبقى من المؤسسات، أو على الأقل النسب المتبقية منها، أو أن الدولة ستقلص الأوراش الكبرى التي هي الآن بصدد الإنجازquot;.