القوات الأميركية إنسحبت من العراق والإقتصاد ينتظر الوعود بحل أزمته

حين اتخذت الولايات المتحدة قرارها بغزو العراق، فإنها أقدمت على ذلك من منطلق اعتقادها بأن بمقدورها تحويل البلاد إلى دينامو اقتصادي يتغذى على الاحتياطات النفطية، التي تعتبر من بين الأكبر في العالم، لكن القتال لم يتوقف مطلقاً في حقيقة الأمر، ولم تتحقق أيضاً على الإطلاق الرؤية الأميركية.


القاهرة: مع رحيل القوات الأميركية من العراق، قالت صحيفة واشنطن بوست الأميركية إن التساؤل الذي يطرح نفسه الآن هو: ما الذي يمكن للعراق أن يبنيه من تلقاء نفسه؟، ثم أعقبت الصحيفة بقولها إن المؤشرات ليست جيدة حتى الآن، في ظل انغماس قادة البلاد في أزمة سياسية، واستمرار شنّ الهجمات. وهي العقبات التي شددت الصحيفة على خطورتها، ودورها المؤثر في مساعي تحقيق الاستقرار.

فذلك المستثمر، الذي يدعى سعد جليل، بدأ العام متفائلاً، بعدما قام بشراء أسهم قيمتها 1600 دولار في بنك الشرق الأوسط للاستثمار في العراق. لكن مع حلول ثالث أيام التداول، بدأ يوقف نشاطاته، وهو يراقب انخفاض السوق.

ونقلت الصحيفة عن جليل، 52 عاماً، وكان يمتلك في السابق متجراً لبيع الأقلام وأدوات الكتابة، قوله: quot;كل ما يفعله الناس هو الانتظار والترقب، نظراً إلى الأوضاع السياسية والأمنية التي تشهدها البلادquot;.

ثم لفتت الصحيفة من جهتها إلى أن البورصة العراقية، المدرج فيها 45 شركة تداول نشطة فقط، تعيش حالة من الاضطراب على خلفية مناخ الأعمال المختل هناك، الذي يقول عنه المحللون، إنه يفتقر القوانين المناسبة لتنظيم الاستثمارات والضرائب وقضايا الملكية.

وعلى بعد بنايتين، نوهت الصحيفة إلى وجود الركام والبقايا المتفحمة، التي نجمت من الهجوم بالسيارة المفخخة، الذي تم شنّه في الثاني والعشرين من شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، خارج وكالة حكومية لمكافحة الفساد، وأسفر عن مقتل أكثر من 10 أشخاص.

مع هذا، لا يزال جليل متفائل بشأن مستقبل بلاده، وأكد أنه سيعود إلى مزاولة نشاط التداول هذا الأسبوع. وأضاف quot;سيشهد العراق تغييراً كلياً في غضون 3 أعوامquot;.

إلى ذلك، أشارت الصحيفة إلى إحصاءات البنك الدولي، التي تقول إن العراق يرتكز على ما يقرب من 143 مليار برميل من الاحتياطات النفطية المؤكدة، ونوهت بأن البنك أوضحأخيرًا أن تنامي صادرات النفط سيدعم الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 12 % هذا العام، ليكون بين مصاف المعدلات الأسرع في العالم.

غير أن جزءًا من هذا النمو يعكس نشاط الأعمال الدراماتيكي في المنطقة الكردية، التي تتمتع بحكم شبه ذاتي. والأكثر من ذلك، أن التحدي الذي يواجهه العراق يكمن في أن عائدات النفط تمرّ من خلال الحكومة، التي لم تنفق عادةً الأموال بشكل جيد، ولم تفعل ما يكفي لتنويع الاقتصاد، بحسب ما ذكره مسؤولون أميركيون وآخرون عراقيون.

يحتل العراق المرتبة 159 من أصل 227 دولة في ما يتعلق بنصيب الفرد من الدخل، تبعاً لبيانات إحصائية أميركية. كما يحتل العراق المرتبة 164، وفقاً للبنك الدولي، من بين 183 دولة من حيث سهولة القيام بأعمال، حيث انخفض تصنيفه 5 مراكز عمّا كان عليه في العام الماضي. فضلاً عن سوء تصنيفه في مؤشر الفساد، وفقاً لإحصاءات خاصة بمنظمة الشفافية الدولية. وبدلاً من تركيز جهودهم لتحسين وضعية البلاد، لفتت الصحيفة إلى انشغال قادة البلاد السياسيين بمحاربة بعضهم البعض.

وتابعت الصحيفة بنقلها عن مستثمر رفض الإفصاح عن هويته، قوله: quot;لا يوجد لدى أحد فكرة عمّا يحدث في العراق في الوقت الراهنquot;.

وقال تجار صغار إن المتسوقين لا ينفقون الكثير، وسط ترقب من جانبهم لما يمكن أن يتمخض عنه المستقبل، وتزايد حالة الغموض، التي تكتنف كثير من الجوانب والقطاعات في البلاد.

وقال هنا أنطوني كوردسمان، المحلل لدى مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية ومؤلف دراسة حديثة عنوانها quot;الأزمة الأوسع في النطاق في العراقquot; quot;إذا استمرت تلك الهجمات الإرهابية، قد يزداد التباطؤ، الذي يشعر به التجار سوءًا بشكل سريعquot;.

ثم ختمت الصحيفة حديثها بالإشارة إلى استمرار رغبة العراقيين في مواصلة العمل، رغم تردي الأوضاع الأمنية، واستمرار الهجمات، وهو ما بدا واضحاً من خلال رغبة بعض المستثمرين في استمرار التداول، وإن تمنوا تحسن الأوضاع سياسياً وأمنياً.