أعلنت السلطات الايرانية انها ستلقي القبض على من يتاجرون في العملات الاجنبية في السوق السوداء في أحدث محاولة لوقف تراجع العملة المحلية (الريال) بسبب العقوبات الاقتصادية الغربية على طهران على خلفية طموحاتها النووية.


إعداد لميسفرحات: هبط الريال الايراني لمستويات قياسية مقابل الدولار بعد أن وقّع الرئيس الاميركي باراك أوباما مشروع قانون يقر عقوبات على البنك المركزي الايراني ما دفع المواطنين للتهافت على شراء العملات الصعبة التي أصبحت أكثر ندرة، وسبب هلعاً اقتصادياً ومالياً في البلاد.

وفيما هوّنت ايران من تداعيات العقوبات الغربية وقالت إن ما من نقص في الدولارات، حمّل مسؤولون ايرانيون المضاربين مسؤولية ارتفاع سعر الدولار وأبدوا أملهم في أن توقف الاجراءات الجديدة اولئك الذين يسعون إلى تحقيق مكاسب سريعة نتيجة تراجع الريال الايراني.

وقال نائب محافظ البنك المركزي الايراني ابراهيم درويش quot;سيحاكم المتعاملون في السوق السوداء وسيقبض على من يحملون عملات أجنبية من دون ايصال اعتبارا من اليو، ممضيفاً ان quot;حيازة عملات أجنبية من دون ايصال من منفذ رسمي هو عمل غير قانوني وعقوبته غرامة تعادل مثلي المبلغ المضبوطquot;.

وذكرت مكاتب صرافة في ايران أنها أوقفت مبيعات الدولار كلياً لأن البنك المركزي أصدر تعليمات بألا تبيع بسعر أعلى من 14 ألف ريال. وتعرض مكاتب الصيرفة شراء الدولار بسعر 13900 ريال لكنه لا يلقى قبولاً بعد أن ارتفع سعر الدولار في السوق المفتوحة خلال الاسبوعين الماضيين الى ما بين 16 و17 ألف ريال.

في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ quot;وول ستريت جورنالquot; إلى أن تراجع الريال المفاجئ تسبب بهلع بين المواطنين الايرانيين من التجار إلى البائعين المياومين الذين هرعوا للبحث عن طريقة يحمون بها مدخراتهم وأموالهم.

ونقلت الصحيفة عن عبد الله، وهو تاجر (47 عاماً) في بازار طهران الكبير قوله quot;إن الوضع الاقتصادي في ايران كارثة. التجارة في الحد الأدنى والجميع في حالة من الذعرquot;، مشيراً إلى أن واردات وصادرات الأحجار شبه الكريمة والفضة وصلت إلى أقل من 100 دولار في اليوم في المتاجر التي تتحمل تكاليف تخزين وايجار تبلغ 400 دولار. وأضاف: quot;اننا نتجه ببطء نحو الافلاسquot;.

منذ بدأ تراجع الريال في ديسمبر/ كانون الاول، يقول الإيرانيون ان الكثير من الناس هرعوا الى تحويل رؤوس أموالهم إلى الدولار أو الذهب، وعمد كثير من ايرانيي الطبقة المتوسطة الى بيع ممتلكاتهم وسحب أموالهم من حسابات التوفير.

من جهة أخرى، تعتبر الحكومات الأميركية والأوروبية ان سقوط العملة الإيرانية مؤشر على نجاح الجهود الرامية إلى استخدام العقوبات لإضعاف النظام الإيراني، الذي يتهمه الغرب بالسعي إلى امتلاك أسلحة نووية.

وأشار مسؤولون اميركيون إلى أن العقوبات المتزايدة ستنجح في كبح قدرة إيران التجارية بينما يزداد التضخم وتجف احتياطيات طهران من النقد الأجنبي. وأكدوا ان سياسات بلادهم لا تهدف إلى ايذاء الشعب الايراني، لكنهم يأملون أن يؤدي السخط الداخلي إلى ضغوط على الحكومة الايرانية لتقديم تنازلات بشأن برنامجها النووي.


وقال الإيرانيون ان التحركات الدولية تشعرهم بالغضب واليأس، بحجة أن الشعب يدفع ثمن العقوبات وليس الحكومة، خصوصاً من ناحية فرض عقوبات على النفط الايراني. والمثال على ذلك هو العقوبات التي فرضت على كوبا وكوريا الشمالية والعراق في عهد صدام حسين التي لم تؤد الى انهيار الحكومة، بل إلى إفقار الشعب.

واعتبرت الـ quot;وول ستريت جورنالquot; ان تحرك الولايات المتحدة لمعاقبة الشركات التي تتعامل مع البنك المركزي يهدد قدرة إيران على بيع النفط، كما ان حظر الاتحاد الأوروبي على النفط الايراني سيدخل حيز التنفيذ في وقت لاحق من هذا العام، لتخسر ايران بذلك بعض كبار عملائها.


أدت الإجراءات الاميركية والأوروبية إلى تهديدات من جانب إيران لإغلاق مضيق هرمز، الذي يعتبر ممراً عالمياً لنحو خمسة خطوط نفط عالمية. ونظمت ايران مناورات عسكرية في المضيق تحدياً لأميركا الأمر الذي أدى إلى تصاعد التوترات فيما يصارع اقتصاد إيران من أجل البقاء مع معدل تضخم مرتفع ونمو متباطئ.

على الرغم من انخفاض معدل تبادل العملات في السوق السوداء الايرانية، وضعت الحكومة سعر الصرف الرسمي للريال بقيمة ثابتة لم يطالها أي تغيير (نحو 14000 ريال للدولار الواحد). لكن هذه الخطوة أضاف للاضطرابات الاقتصادية، من خلال السماح للشركات والأفراد الذين لهم صلة بالحكومة بشراء الدولار بالسعر الرسمي والربح من خلال بيعه في الأسواق غير الرسمية.

وقال بعض الصناعيين الايرانيين، لا سيما أولئك الذين يصدرون بضائعهم ، انهم يستفيدون من ارتفاع أسعار العملات الأجنبية. ويشيرون إلى ان الصناعات التي لا تعتمد على المواد الخام المستوردة، بما في ذلك الزجاج والسجاد والمواد الغذائية، تبلي بلاءً حسناً، لكن الآخرين قد يضطرون إلى رفع السعر النهائي للتعويض عن المواد الخام التي يستقدمونها من الخارج.

في الأسبوع الماضي، أبلغ المصرف المركزي البنوك الايرانية يفرض زيادة حادة على أسعار الفائدة على الودائع لدى البنوك وذلك من 14% إلى 21% لتشجيع الإيرانيين على إبقاء أموالهم بالعملة الوطنية وقمع السوق السوداء.

لكن على الرغم من هذه الخطوات، وفي ظل ارتفاع معدلات التضخم بشكل غير رسمي بقدر 19 ٪ تقريباً، يستمر الطلب على الدولار. يوم الاحد، اعلنت الحكومة حظر التداولات غير الرسمية، أما يوم الاثنين، فأعلن نائب حاكم المصرف المركزي ابراهيم درويش ان السلطات ستغلق السوق السوداء وتفرض سعر الصرف الرسمي على مكاتب صرف العملات الأجنبية.

quot;لا تبيعوا في السوق السوداءquot;، قال درويش في الاذاعة الحكومية، مشيراً إلى العملات الأجنبية مثل الدولار الأميركي، مضيفاً: quot;يحظر أي استثمار في مجال العملات الأجنبية والدولارquot;.