أحدث القرار الذي إتخذه مؤخراً الشاذلي العياري محافظ البنك المركزي التونسي والقاضي بالتقليص من القروض الاستهلاكية التي تمنحها البنوك التونسية، وتوجيه القروض نحو الاستثمار ضجة كبيرة في البلاد وتسائل خبراء في الحقل المالي والاقتصادي عن دور هذا الإجراء في مساعدة الاقتصاد والخروج من أزمته.

تونس: جاء هذا القرار في خطوة من البنك المركزي للضغط على القروض الإستهلاكية وترشيد هذا الصنف من القروض الذي إعتبره محافظ البنك إجراء ظرفياً لوقف نزيف التضخّم الذي تعاني منه البلاد وهو ما إعتبره البعض إجراء تعسفياً.
سداد النفقات
أفادنا الأستاذ المنجي بوحوالة خبير مالي وإقتصادي وبخصوص هذا القرار أن جميع الناشطين في المجال المالي والبنكي يقرون بأن التونسيون يقبلون بصورة كبيرة على القروض الإستهلاكية لقضاء حاجاتهم اليومية وسداد نفقاتهم وديونهم الخاصة.
وأكد أن المعطيات المستقاة من مركزية المخاطر بالبنك المركزي التونسي تفيد بأن البنوك التونسية أسندت خلال السداسية الأولى من العام الجاري لفائدة التونسيين نحو 13 مليون و757 ألف و977 ديناراً في شكل قروض لإقتناء مساكن وسيارات وقروض جامعية وقروض إستهلاكية، مقابل 11مليون و568 ألف و815 دينارا وهي قروض من الأكيد أن قيمتها سوف تتراجع بصفة ملحوظة بعد صدور المنشور الشهير عدد 17 عن محافظ البنك المركزي التونسي.
وتتوزع حسب محدثناً هذه القروض على 11 مليون و386 ألف و433 دينارا لقروض السكن، و2 مليون و14 ألف و781 دينارا للقروض الاستهلاكية، علاوة على إسناد قروض بقيمة مليون و695 ألف دينار للقروض الجامعية، وأكثر من 355 ألف دينار قروض موجهة لإقتناء السيارات.
وقال الخبير أن هذه الأرقام التي تم تقديمها تؤكد بصورة واضحة أن المستهلك التونسي يلجا إلى القروض كحل بديل لمجابهة ارتفاع الأسعار ومتطلبات الحياة التي تزداد يوما بعد يوم مقابل ضعف مقدرته الشرائية ، خاصة وان البنوك توفر تسهيلات وصيغ متعددة لسداد هذه القروض البنكية التي انحصرت أساسا في مجال التجارة وإصلاح السيارات والمواد المنزلية بقيمة 7.7 مليون دينار، ثمّ يأتي في مرتبة ثانية القطاع العقاري والكراء والخدمات المتصلة بالمؤسسات بقيمة 4.3 مليون دينار، فقطاع النزل والمطاعم والمقل والاتصال بقيمة 3.8 مليون دينار.
وقال أن هذا الإجراء الذي أقدم محافظ البنك على اتخاذه يعتبر خطوة أساسية لمساعدة الاقتصاد الوطني على الخروج من دائرة القلق الضيقة بانتظار تطورات جديدة في السياسة النقدية والمالية للبلاد واعتبر أن هذا الإجراء ظرفي لن يستمر طويلاً.
إحتواء التضخم
ومن جهتها أفادت الأستاذة بلقيس الشابي خبيرة في مجال البنوك والتصرف أن البنك المركزي الذي أكد أن الاقتصاد الوطني لا يحتمل نسبة تضخم أكثر من 5 بالمائة أجبر المصارف التجارية على وضع احتياطي إلزامي لتقليص القروض الاستهلاكية، معتبرة أن هذا الأمر يساعد على احتواء التضخم خاصة أن نمو الإقراض يسير نحو 10بالمائة، أغلبها يتجه نحو الاستهلاك والبقية نحو المعدات والاستثمار خاصة إذا علمنا أن نسبة القروض المسندة للأسر التونسية بما في ذلك القروض المهنية والقروض المسندة من الدولة و قروض الصناديق الاجتماعية ما تزيد عن 50 بالمائة من الدخل الفردي للأسرة.
وتتخوف محدثتنا من تواصل ارتفاع نسبة التضخم التي ستؤدي حسب رأيها إلى تدني المقدرة الشرائية للمواطن وانخفاض قيمة الدينار وتراجع نسبة الادخار الذي كان يمثل ما بين 22 و24 بالمائة من الناتج الإجمالي لينخفض حاليا إلى 16 بالمائة وهو ما قد يسبب عجزا في تمويل استثماراتنا مستقبلا لنقص الودائع.
واعتبرت الأستاذة بلقيس أن هذه الخطوة التي اتخذها محافظ البنك المركزي هي خطوة ايجابية تهدف إلى إصلاح السياسة النقدية و إعادة التوازنات المالية للبلاد خاصة أن البنوك التونسية مدانة للبنك المركزي التونسي بحوالي 5.5 مليار دينار.