لندن: كشف خبير إقتصادي أن الأزمة في اليونان ليست حقيقية بالمعنى المفهوم للأزمة ولكنها محاولة من الحكومة سواء القديمة أو الحديثة للتغطية على نظام مصرفي اشتهر بالبذخ الشديد سواء في الاقراض أو سياسة الرواتب.

وقال الخبير الاقتصادي المصري طارق عبد الجابر الذي أقام في اليونان فترة طويلة، إن اليونان هي البلد الاوروبي الوحيد الذي يحتضن 120 مليونيرا يمتلكون الكثير والكثير مما يصعب الحديث عنه، فكيف يكون بلد به هذا العدد من الاغنياء فقيرا هكذا يمكن ان تختل المعادلة، فما هو سر الازمة إذن؟

ويجيب طارق بقوله quot;لأن اليونان تختلف سياستها عن سياسة المجموعة الاوروبية ففي بروكسل يضعون شروطا لكل شيء بداية من الاقتراض الى الرواتب بينما في اليونان و من اجل اجتذاب الاستثمارات عملت الحكومات المتعاقبة على تسهيل الاقراض و اعطاء رواتب سخية لموظفي الدولة كما لا تنسى غسيل الاموال المزدهر في البلاد و يجتذب مليارات من دول عدةquot;.

وأضاف quot;بالتأكيد هناك أزمة لكن ليست أزمة بمعناها الحقيقي، وإنما هي مشكلة ثقة اقتصادية، فالشعب اليوناني كان أحد الشعوب الاوروبية التي رفضت اتفاقيات ماستريخت للوحدة الاوروبية، ولكن الحكومات أجبرت اليونان على الانضمام للتمتع بمزايا الوحدة الاوروبية من اعفاء جمركي وحرية التنقل بين بلدانه اضافة للمساعدات الاقتصادية التي كان هائلة وتقلصت حالياً لدرجة أن بعض اليونانيين خاصة من كبار السن مازالوا يتحسرون على ايام العملة اليونانية (الدراخمة) خاصة انها كانت اعلى من اليورو بكثيرquot;.

وبسؤاله، هل تعني أن اليونان دولة غنية فعلا، إذن ما سر ما يحدث لها من الاوروبيين خاصة بريطانيا التي تريد طردها من منطقة اليورو؟ أجاب طارق quot;اليونان فعلا غنية للغاية وبدليل أن الرواتب الحكومة تفوق القطاع الخاص، و كن المشكلة أنه لا الشعب ولا الحكومة يريدان الشروط الاوروبية بل ان قطاعات كثيرة من الشعب اليوناني يعتبرها وصاية عليه واغلبية الناس تقول ان اليونان تمر فقط بازمة تمر بها عديد دول العالم ثم ما تلبث ان تعود الى مكانتها السابقةquot;.

ويؤكد الخبير طارق أن اوروبا لاتضطهد اليونان ولكنه quot;تحجيمquot; فهناك دول الشمال الغنية، ودول الجنوب الفقيرة، والاوروبيون يريدون بقاء الحال على ما هو عليه حتى لا تختل المعادلة، موضحاً أن الاوروبيين يريدون أن تبقى اليونان فقيرة لتحتاج إلى مساعداتهم.

وأشار إلى أن الحكومات المتعاقبة في اثينا اطلقت يد الاستثمارات الاجنبية من اجل مزيد من الخصخصة مما ادى إلى الكثير من الصعوبات فاثر على التزام حكومة اليونان بالمقاييس الاوروبية المالية كما ان الحكومة اليونانية السابقة تهاونت في حق تحصيل الكثير من القروض مما ادى لافلاس عدد من البنوك الحيوية,

وذكر طارق أن الشعب اليوناني نفسه يعمل بمبدأ ان يكون في مستوى معين من الحياة بحيث quot;يأكل الكافيارquot; طوال الوقت بدلا من اكل الخبز العادي اضافة الى ان الشعب يرفض الاعتراف بوجود أزمة بل يكذب حكومته في اية خطوات اقتصادية مما يؤدي الى فقدان الثقة بين الطرفين وهو ما تجلى في اكثر من مناسبة خاصة قرب مقر البرلمان الذي تكثر فيه الاحتجاجات والعنف ضد قوات الامن.

ويوضح الخبير الاقتصادي أن الأزمة هي سياسية بالدرجة الأولى قبل ان تكون اقتصادية واثينا لا يمكنها ان ترفض شروط الاوروبيين المالية مثلما فعلت تركيا من قبل وهو ما يؤخر انضمامها الى المفوضية.

ويرى طارق أن الاوروبيين يريدون أن يكون اقتصاد اليونان تحت مراقبتهم دوما وهو ما يرفضه اليونانيون بشدة اقصد الشعب وليس الحكومة وكما قلت سابقا فالشعب اليوناني يرفض تماما السياسة الاوروبية ولكن الحكومات المتعاقبة ترى ان الاستمرار ضمن دول المفوضية هو الافضل لمستقبل البلاد.

وبسؤاله عما إذا كان هناك حل يخرج اليونان من هذه الازمة، قال quot;اليونان ستخرج منها بسلام لكن ليس الآن، فقط عندما يقتنع الشعب اليوناني بضرورة التخلي عن عاداته المالية المعروفة بالبذخ في الصرف، من الضروري أن نؤكد أن المعونات الاوروبية لليونان تذهب كلها لدفع رواتب العاملين بالحكومة لانها رواتب مرتفعة للغاية بعكس الكثير من دول القارةquot;.