صلاح سليمان من برلين: في ظل الوضع المتراجع للسياحة في مصر، تحاول وزارة السياحة المصرية وهيئة تنشيط السياحة بذل أقصى جهد لإعادة الزخم إلى صناعة السياحة المصرية، التي أصبحت تفتقد أحد أهم العوامل المشجّعة على جذب السيّاح، وهو عامل الأمن، خاصة وأن السائح عادة لا يبحث عن المخاطر، فهو يريد أن ينعم بإجازة سعيدة، لا تعكّر صفوها أحداث سياسية أو اجتماعية.

لهذا تحاول مصر في مهرجان بورصة برلين السياحي العالمي، الذي افتتح فعالياته اليوم، أن تعيد الزخم إلى صناعة السياحة في البلاد، ذلك أنها ضيف شرف المهرجان لهذا العام، وأصبحت تمتلك فرصة كبيرة في ذلك الإطار، بالنظر إلى كمّ الدعاية والمكانة الممنوحة لها في المعرض، حيث يتيح لها ذلك العمل على طمأنة السيّاح، وتقديم العروض الجذابة لهم، حتى يتحقق ما تسعى إليه، في ظل ذلك الإهتمام الإعلامي الكبير والتواجد الصحافي المكثف، إذ يصل عدد الصحافيين إلى أكثر من 7200 صحافي، منهم 1800 ينتمون إلى 94 بلد من خارج ألمانيا.

على مدار ثلاثة أيام، ستكون المنافسة حامية أمام مصر في تلك البورصة السياحية، التي تعتبر الأكبر على مستوى العالم كله، فأكثر من 11000عارض من أكثر من 180 بلداً، سيفترشون قاعات وأردهة المعرض، حيث يربو عدد الزوار على 170000 زائر، بينهم على الأقل 111000متخصصًا.

أما الزائرون الآتون من خارج ألمانيا فمن المتوقع أن يصل عددهم إلى ما فوق الـ 30% من إجمالي عدد الزوار. جدير بالذكر أن عدد الزوار في السنة الماضية وصل إلى 169295 زائراً، وفق مصادر المعرض الإحصائية.

تبقى هناك صعوبة في أن يصل عدد الزوار هذه السنة إلى مستوى عدد السنة الماضية، خاصة وأن الكثير من بلاد العالم السياحية يعاني توترات أمنية أو اقتصادية، كما في حالتي مصر واليونان.

تقام قاعات العرض في برج الإذاعة في برلين، حيث يلتقي منظمو الرحلات وعارضو نظم الحجز وممثلو هيئات السياحة وشركات الطيران والفنادق، وحتى شركات تأجير السيارات. وسوف تُعرض المنتجات السياحية على مساحة عرض تبلغ 160000 مترًا مربعًا.

يعتقد بعض الزوار الألمان أن الربيع العربي ربما سيجذب بعض محبّي السياحة لمشاهدة الأجنحة العربية، التي باتت بلدانها مثار اهتمام العالم منذ بداية الربيع العربي، مثل مصر وتونس، لكن الهاجس الأمني في تلك البلاد سيظل عقبة تعرقل توافد السياح إلى تلك البلاد.

من جهة أخرى، وقبل افتتاح المعرض بيومين، فإن النائب البرلماني كلاوس بريميج رئيس لجنة السياحة في البرلمان الألماني، قد انتقد اختيار مصر كضيف شرف لهذا العام. وفي تصريح له، قال على السائحين الألمان أن يراجعوا أنفسهم في الذهاب لقضاء عطلة في بلد لا يحترم حقوق الإنسان، ويضيّق على الأقليات الدينية فيه، ولا يظهر فيه أي آثار للتحول الديمقراطي الحقيقي، غير أن وجود وزير السياحة المصري، ومعه فوج كبير من الخبراء والمتخصصين، سيحاول جاهداً إبراز الجوانب الإيجابية في مصر ما بعد الثورة، لهذا فإن فرقة الأوبرا المصرية ستحيي الحفل الرئيس للمعرض،‮ ‬وسوف يقدم عدد آخر من فرق الفنون الشعبية المصرية عروضًا مختلفة، منها فرقة سماع المصرية، التي تقدم التراتيل الكنسية والأناشيد الصوفية، وسيكون كل ذلك أمام كبار منظمي الرحلات الدوليين‮.

في حين أنه في اليومين الأخيرين، ستكون ‬الأبواب مفتوحة أمام الجمهور للقيام بجولات مسلية، تمنحهم معلومات مفيدة حول ثقافة بلدان العالم السياحية، بدءًا من رقصة الفلامنكو الإسبانية الشهيرة وتدخين الشيشة العربية حتى حفل الشاي الياباني.

ويعتبر الألمان ملوك السفر الحقيقيين في العالم، وبغضّ النظر عن بؤر التوترات العالمية، فإن ثمة نمو تم رصده في حجم حركة السياحة الألمانية، يقدر بنحو 3 %، وذلك أيضاً رغم الأزمة الاقتصادية العالمية وتبعاتها.

فالألمان أنفقوا أكثر من 63 مليار يورو على رحلاتهم إلى العديد من الأماكن السياحية الآمنة، مثل إسبانيا وتركيا في العام الماضي، هذا في الوقت الذي يعتبر فيه الألمان بلادهم واجهة سياحية للضيوف الأجانب، إذ سجل المكتب الفيدرالي للإحصاء في العام السياحي 2010 للمرة الأولى أكثر من 60 مليون ليلة مبيت.

وتحظى ألمانيا كذلك بإقبال من السياح الأجانب، لا سيما كبرى المدن الألمانية، كما إن إقليم بافاريا وحده يزوره سنويًا ثلاثة ملايين سائح، وهذا يدفع ألمانيا إلى أن تتبوأ المركز الثاني بعد إسبانيا على خارطة البلدان الأوروبية السياحية، متفوقة بذلك على كل من فرنسا وإيطاليا.

يعوّل خبراء السياحة المصريون والألمان على الوصول بنسبة السيّاح الألمان الراغبين في زيارة مصر إلى وضع ما قبل الثورة انطلاقًا من أن الإضطرابات في مصر بعيدة تمامًا عن المناطق السياحية، ولا يشعر بها السائح، مثل منطقة البحر الأحمر وجنوب سيناء.

من جهته، يرى وزير السياحة المصري، في تصريحاته على هامش المعرض، أن الدولة المصرية تقف بكل قوة وراء صناعة السياحة، باعتبارها العمود الفقري للاقتصاد القومي، وهناك خطة قومية يتم تنفيذها لتطوير وتحديث البنية الأساسية لقطاع السياحة، هذا وتسعى الحكومة المصرية إلى فتح أسواق جديدة أمام السياحة العالمية من أجل إستقطاب أعداد جديدة من السائحين، وتأمل أن يصل العدد إلى 30 مليون سائح بنهاية عام 2017.

ووفق الوزير المصري، فإن هناك تخطيطًا من أجل إنشاء مناطق سياحية جديدة، قادرة على استيعاب أعداد متزايدة من الحركة السياحية، وخاصة في الساحل الشمالي الغربي من مصر، إضافة إلى تحديث خط السياحة النهرية، الذي يصل أسوان والأقصر بالقاهرة.