الأسواق التركية تعاني نتيجة العقوبات على إيران |
أدت العقوبات الإقتصادية على إيران إلى تراجع التجارة التركية ، حيث تم إلغاء العديد من الصفقات التجارية مع طهران وعجز بعض العملاء عن سد مدفوعاتهم.
إعداد لميس فرحات: عندما حاز التاجر التركي يسار كابيولداس على عقود تقدر بعشرات الآلاف من الدولارات في ايران، ظن ان شركة تجارة الملابس التي يملكها ستعوّض أخيراً عن الخسائر الناجمة عن تباطؤ التجارة في أوروبا وأسواق الشرق الأوسط.
لكن بعد شهرين فقط، ومع فرض عقوبات جديدة تسببت بفقدان العملات الاجنبية وارتفاع معدل التضخم في ايران، تم إلغاء كل الصفقات التي أبرمها كابيولداس. فقد عجز بعض العملاء عن سد مدفوعاتهم. وبقيت الآلاف من الملابس الجاهزة للسوق الإيراني المحافظ في مستودع شركته ليأكلها الغبار.
quot;كنا نعتقد ان ايران ستكون الحل بعد أن أدت الثورات إلى وقف أعمالنا في ليبيا وتونس ومصرquot;، يقول كابيولداس من مكتبه فوق متجر لبيع الملابس في حي عثمان بيك في اسطنبول، حيث يتنافس أكثر من 4000 تاجر للنسيج على الحصول على حصة في سوق الأسهم في مساحة تبلغ حوالي ميل مربع واحد.
وفي الآونة الأخير، نجحت هذه الشركات في جذب الشباب في إيران، الذين يتوقون لارتداء الملابس الأكثر معاصرة والتصاميم من المنتجين في تركيا، التي تعتبر رائدة في صناعة الملابس في المنطقة.
quot;لدينا الآلاف من المعاطف الطويلة للسيدات التي كانت جاهزة للشحن إلى طهران، ولا يمكن أن نبيعها في أي مكان آخر. ماذا سنفعل بها الآن؟quot;، يتساءل كابيولداس.
في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ quot;وول ستريت جورنالquot; إلى أن الموجة الجديدة من العقوبات على الاقتصاد الايراني، أدت إلى موجة من الذعر في تركيا، بعد أن شعرت المؤسسات التجارية في منظمة حلف الشمال الأطلسي بتداعيات الأزمة على نشاطها التجاري.
انخفضت الصادرات التركية الى ايران، بع أن ارتفعت 12 ضعفاً في العقد الماضي لتصل إلى أكثر من 3.5 مليار دولار في العام الماضي، بنسبة 25٪ في كانون الثاني، في الوقت الذي أدت فيه العقوبات الاقتصادية على ايران إلى تدني القيمة الحقيقية للعملة الايرانية (الريال) بنحو 55٪ مقابل الدولار.
وتوقفت جميع البنوك التركية، باستثناء واحد، عن تجهيز المدفوعات للعملاء الإيرانيين، في حين أدى ارتفاع التكاليف إلى تناقص عدد الايرانيين الذين يزورون تركيا.
ورفضت تركيا تبني عقوبات اكثر صرامة من جانب واحد ضد ايران، من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مؤكدة بدلاً من ذلك على التزامها بتدابير الأمم المتحدة، الأقل تأثيراً، والتي صدرت في العام 2010، مشيرة إلى أنها ستستمر بشراء النفط والغاز الإيراني، وإن كان ذلك على معدل منخفض.
لكن الأعمال التجارية المتدهورة تهدد العلاقة بين أنقرة وطهران، والتي بدأت تشهد انقسامات على نحو متزايد على أساس طائفي خلال صراعات الشرق الأوسط.
ونقلت الصحيفة عن ارزو سيلاليفر، أستاذ العلاقات الدولية في اوساك، المنظمة الدولية للأبحاث الاستراتيجية، في أنقرة quot;الآن العلاقات التجارية التي نمت بسرعة في السنوات الأخيرة تتعرض لضغوط سياسية.
وتراجع التجارة هو واحد من المكونات التي تشير إلى الخلافات المتنامية بين تركيا وايران حول قضايا الشرق الأوسط. إنهم الآن يحاولون فقط الحفاظ على الحد الأدنى من المصالح المتبادلةquot;.
في العام الماضي، أدت الضغوط التي تفرض على الريال الإيراني بسبب العقوبات، إلى حدوث انخفاض حاد في الليرة التركية، التي تراجعت بنسبة 20٪ تقريبا مقابل الدولار.
لكن عندما أعلنت الولايات المتحدة عن عقوبات جديدة تستهدف البنك المركزي الايراني في يناير/ كانون الثاني وغرقت العملة الايرانية، بدأت الليرة التركية في الارتفاع، مما جعل التكلفة النسبية لبعض المنتجات التركية ما يقرب من ضعف سعرها في غضون بضعة أيام، كما يقول التجار.
وتفاقمت هذه الزيادة السريعة في الأسعار بسبب رفض المصارف التركية، باستثناء هولكبانك المملوكة للدولة، قبول الصفقات التجارية التي تشمل زبائن إيرانيين خوفاً من تعرضها للتجميد في الأسواق الدولية على خلفية نظام العقوبات الجديد.
وفي محاولة لتخطي هذه العراقيل بات رجال الأعمال الإيرانيين يدفعون فواتيرهم نقداً، إذ يتنقلون عبر الحدود وفي أيديهم حقائب المال.
نتيجة لذلك، تستعد الأعمال التجارية في جميع أنحاء تركيا، التي كانت تتوقع ارتفاع مبيعاتها في الفترة التي تسبق مهرجان السنة الفارسية الجديدة هذا الاسبوع، لتراجع مستمر، وفي بعض الحالات، تأجيل الأوراق المالية.
ويفسد وكلاء السفر أيضاً بأن عدد السياح وحجوزات الفنادق انخفضت إلى ما يصل إلى 80٪ عن العام الماضي، بعد أن انخفض إنفاق السياح بشكل حاد.
quot;العقوبات أدت إلى إضعاف عملتهم، والآن تشعر الشركات إيرانية بالذعر لأن أعمالنا تتم بالدولار الأميركيquot;، قال علي أولفي أورهان، رئيس جمعية تجار الغزل والنسيج في سوق عثمان بيك.
وأضاف: quot;أعضاء الجمعية يضرروا بشدة لأن الايرانيين اختفوا بشكل أساسي. وحتى لو أتوا الينا، فالكثير منهم لا يستطيع سداد المدفوعاتquot;.
وعلى الرغم من أن العلاقات التجارية الثنائية بين تركيا وايران لا تزال مستمرة، إلا أنها على نطاق ضيق، وفي حجم أقل من قبل بكثير. بالنسبة لبعض التجار في تركيا، فقد أدى الانهيار الدراماتيكي للعلاقة التجارية النشطة التي كانت تربط أنقرة بطهران، إلى حال من الغضب والإحباط، في الوقت الذي تهدد فيه السياسة معيشتهم.
quot;هذا العام كنا نتوقع وصول نحو مليوني سائح ايراني، بمناسبة العام الفارسي الجديد، لكن هذا لن يحصلquot;، يقول سعد الله رنجبار، الذي يملك شركة رحلات سياحية في تركيا.
وأضاف: quot;لقد عملت هنا لمدة 30 عاماً وأنا لم أر قط شيئاً كهذا، والسبب كله يعود لخلافات سياسيةquot;.
التعليقات