الأزمة الاقتصادية في مصر ستمثل أكبر تحدٍ للرئيس المقبل. وبغض النظر عن الشخصية التي ستفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فإنها ستواجه معضلة فقدان مصر أكثر من نصف احتياطاتها من العملة الأجنبية التي كانت في حوزتها قبل اندلاع الثورة في العام الماضي.


داعمون للمرشح إلى الانتخابات الرئاسية عبدالمنعم أبوالفتوح في القاهرة

لميس فرحات: تواجه مصر حالياً أزمة اقتصادية سيئة للغاية تستعصي على أفضل الدساتير التي عرفتها البشرية، لا سيما في ظل الركود الاقتصادي، وتدني الاستثمارات الداخلية والخارجية، في الوقت الذي يزداد فيه عدد السكان.

في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; إلى أن ملايين المصريين يعتمدون يومياً على الخبز والوقود المدعومين، الأمر الذي يضع ضغوطاً هائلة على خزائن الدولة، في الوقت الذي كشفت فيه شبكة بلومبيرغ الاقتصادية عن وصول الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية في آذار/مارس الماضي إلى 15.1 مليار دولار- أي أقل من نصف الاحتياطي البالغ 36 مليار دولار قبل الثورة - والذي سيكفي لسد حاجات مصر من الواردات لمدة 3 أشهر فقط.

بعدأشهر من الرفض والإنكار، قدّم الإخوان المسلمون مرشحهم للإنتخابات الرئاسية خيرت الشاطر، في وقت تكثر أقاويل عن أن الجنرال المتقاعد عمر سليمان، وهو نائب الرئيس المخلوع حسني مبارك، سيترشح في السباق الانتخابي.

في هذه الأثناء، لم يتخلّ العلمانيون عن الهيئة المكلفة بكتابة الدستور الجديد في مصر، التي تشدد على أنها ستنتهي من إعداده خلال الشهر المقبل، على الرغم من صعوبة تصديق ذلك. هذا إضافة إلى الاتهامات بالهيمنة على اللجنة من قبل جماعة الإخوان المسلمين وحليفها السلفي quot;حزب النورquot;.

وأشارت الـ quot;فورين بوليسيquot; إلى أن عملية الانتقال السياسي في مصر باتت أكثر فوضوية، وتحتاج إلىخبرة عالية لحلّ عقدها. ورفضت مصر قرضاً بقيمة 3 مليارات دولار، قدمه البنك الدولي بشروط جيدة نسبياً في يونيو/حزيران الماضي، وذلك لأسباب قومية ووطنية. وتسعى البلاد حالياً إلى تأمين المبلغ نفسه من صندوق النقد الدولي، على أن يتم التوصل إلى اتفاق في يونيو/حزيران الحالي، مقابل مواقف داعمة من القوى السياسية المصرية، مثل الإخوان المسلمين.

العداء للمقرضين الأجانب، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ليس بجديد على مصر، لكن المواقف السياسية لن تخدم البلاد التي تحتاج إلىالنقد بشكل ضروري. وهذا هو الواقع الذي ستواجهه مصر، بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات الرئاسية.

في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ quot;وول ستريت جورنالquot; إلى أن المفاوضات بشأن الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، تحوّلت إلى سلاح سياسي في الصراع على السلطة بين جماعة الإخوان المسلمين في مصر والنظام العسكري الموقت.

وأصبح الجدل حول القرض أداة مساومة في حملة واسعة النطاق للإخوان المسلمين، بهدف إجبار مجلس الوزراء المعيّن من قبل quot;حكم العسكرquot; على الإستقالة، وتسليم السلطة إلى وزراء معيّنين من قبل البرلمان، الذي تهيمن عليه جماعة الإخوان المسلمين.

ونقلت الصحيفة عن سعيد هيرش، الخبير الاقتصادي في كابيتال إيكونوميكس، ومقرها لندن، قوله: quot;نأمل أن يكسب الإخوان المسلمون رأس المال السياسي، وأن يكبروا قليلاً خلال الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة. ففي النهاية سيكون لديهم الكثير ليأسفوا عليه إذا لم يفعلوا ذلكquot;.

وفي حين أن مجلس الوزراء لديه سلطة الموافقة على القرض، أوضح المفاوضون في صندوق النقد الدولي أنهم لن يقبلوا بالصفقة ما لم تتم الموافقة على شروطهم، وهي quot;الحصول على دعم سياسي واسع النطاق داخل مصر لمنع الحكومات المقبلة من التراجع عن الإصلاحات الموعودةquot;.

ولطالما اعتبر الرأي العام المصري هذا النوع من التمويل بمثابة quot;وسيلة احتيالية تعتمدها الحكومةquot;، لكنّ مسؤولين حكوميين يقولون إن quot;الصناديق الخاصةquot; قد تستغرق سنوات لكشفها، وتتطلب قوانين منفصلة ومفاوضات مع الجهات الحكومية.