الفقر ما عاد حكرًا على دول العالم الثالث

بينما تخطف اليونان واسبانيا - وإلى حد البرتغال وإيرلندا - الأضواء الإعلامية المسلطة على laquo;الفقر الأوروبيraquo; الجديد، يعاني الناس في ربوع أخرى، كانت تعتبر آمنة نسبيًا، من شبح الإفلاس التام في أي لحظة، وهذا رغم أنهم عاملون يتلقون دخلاً منتظمًا... والحديث هنا عن بريطانيا.


لندن: يجد 7 ملايين من أصحاب الأجور البريطانيين أنهم في حالة من الضيق الاقتصادي شهرًا وراء الآخر بحيث أن فاتورة إضافية واحدة تكفي لخراب ديارهم بأكملها.

هذه الصورة المخيفة يرسمها مسح أجرته مؤسسة laquo;إكسبيريان بابليك سيكترraquo; بتكليف من صحيفة laquo;غارديانraquo; البريطانية. ووجدت الدراسة أن نحو 3.6 ملايين أسرة تجاهد أواخر كل شهر من أجل طعامها وطعام أطفالها. ويذكر أن المسح شمل بشكل رئيسي أصحاب الوظائف والمهن الذين لا يعتمدون على أي شكل من إعانات الدولة لكنّ أجورهم، laquo;ما عادت ذات أثر يذكر في ظل التطورات المالية الراهنةraquo;.

ووجد المسح أن لتناقص الأجور - مصحوبًا في الوقت نفسه بارتفاع متزايد في تكاليف المعيشة - عواقب مهولة تدفع بالملايين نحو حافة الفقر وربما الفقر المدقع. وتضم هذه الفئة العريضة قطاعات كانت ميسورة الحال في السابق مثل الأزواج من دون أطفال وبدخل إجمالي سنوي يتراوح ما بين 12 ألف جنيه و29 ألفًا، والأزواج بطفلين وبدخل إجمالي يبلغ ما بين 17 ألف جنيه و41 ألفًا.

وبسبب الارتفاع الحاد في تكاليف المعيشة - في خضم الأزمة المالية العالمية عمومًا والأوروبية خصوصًا، وخفض الإنفاق الحكومي على الخدمات العامة وغيرها - يعيش هؤلاء الناس في محنة حقيقية الآن. فأي فاتورة كبيرة إضافية لما يتحملونه شهريًا يمكن أن تنزلق بهم الى هاوية الفقر والعوز بسهولة وفي أي لحظة. والسبب في هذا هو إما غرقهم في ديون عميقة، أو العيش في دور اشتروها بأسعار تزيد عن قيمتها حاليًا، أو افتقارهم التام الى أي قدر من المدخرات، أو بعض هذه أو كلها مجتمعة.

ونقلت الصحيفة قول برونو روست، من المؤسسة التي أجرت المسح، إن هؤلاء الناس laquo;يتألفون في الأغلب من الطبقة العاملة الجديدة. لكنهم يجدون أن كدهم في سبيل لقمة العيش يذهب أدراج الرياح التي تهب يمنة ويسرة مع سيادة الظروف الاقتصادية العسيرة التي تعصف بالجميع هذه الايامraquo;.

ويمضي قائلاً: laquo;وجدنا ايضًا أن هذه الشريحة تتألف في الغالب الأعم من أناس يرفضون الاعتماد على إعانات الدولة من حيث المبدأ. ويقول هؤلاء إن بيع دورهم والسكن في منازل المجالس البلدية المخفضة الإيجار يعني، بالنسبة لهم، فشلهم التام في أهدافهم في الحياةraquo;.

مظهر لسوء الحال في أحد أحياء لندن

وتأتي نتائج هذا المسح بعد اسبوع من بيان أصدرته الذراع البريطانية لجماعة laquo;أوكسفامraquo; وجاء فيه أن اولئك صاروا يصنّفون laquo;فقراءraquo; (أي الذين تقل مداخيلهم عن 60 في المئة من متوسط الأجور القومي) يشملون أعدادًا من العاملين وأصحاب المهن تزيد عن عدد العاطلين في هذه الفئة نفسها.

ويذكر أن laquo;اوكسفامraquo; مظلة لـ15 جمعية خيرية دولية تعمل لمحاربة الفقر في نحو 90 بلدًا حول العالم، ولذا فإن بيانها يحمل ثقلاً غير عادي ويشكل مصدرًا للقلق الحقيقي على حالة الاقتصاد البريطاني ككل.