واشنطن: أعلن قادة الحزب الديموقراطي أنّ مجلس النواب الأميركي سيصوّت على حزمتين بقيمة ثلاثة تريليونات دولار تقدّم بهما الرئيس جو بايدن لتطوير شبكات المواصلات وتوسيع نطاق الرعاية الإجتماعية.

وكان قادة كتلة الديموقراطيين في مجلس النواب يأملون بإجراء تصويت إجرائي الخميس على خطة بايدن البالغة قيمتها 1,75 تريليون دولار للإنفاق الإجتماعي والتي يطلق عليها "إعادة البناء بشكل أفضل" (بيلد باك بيتر) وإقرار حزمة للبنى التحتية بقيمة 1,2 تريليون دولار مرّرها مجلس الشيوخ، لكن الخلافات القائمة بين النواب على التفاصيل أدّت إلى تأجيل العملية.

وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار للصحافيين إن "أجندة (بيلد باك بيتر) هذه إلى جانب مشروع قانون البنى التحتية المشترك بين الحزبين، سيحدثان تحوّلًا، وهما تاريخيان، ومن المهم إنجازهما".

وأضافت "بالتالي سيواصل الرئيس العمل مع أعضاء في الكونغرس لتحقيق ذلك".

وسيمهّد إعطاء مجلس النواب الضوء الأخضر لخطة البنى التحتية الطريق لتطوير تاريخي لطرقات البلاد وجسورها وممراتها المائية وشبكاتها للإنترنت السريع المتهالكة.

عقبة مجلس الشيوخ

لكن حزمة الإنفاق الإجتماعي لا تحظى بمباركة مجلس الشيوخ، ما يعني أنّ الطريق ما زال طويلاً أمامها لتتحوّل إلى قانون.

وتعدّ مسارعة مجلس النواب لتمرير مشروع القانون المرتبط بالرعاية الإجتماعية بعد تأخّره لشهور جرّاء خلافات داخلية تكتيكًا هدفه الضغط على مجلس الشيوخ على أمل دفعه للتحرّك في الشهر المقبل.

وتترك الخطوة أعضاء مجلس النواب أمام احتمال إعادة مشروع القانون إليهم من الغرفة العليا مع تغييرات كبيرة، فيما لا يحتاج التشريع المرتبط بالبنى التحتية إلا للحصول على دعم الأغلبية من مجلس النواب ليتم رفعه إلى بايدن.

أعربت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي للصحافيين في وقت سابق عن شعورها بـ"عدم الرضا بشكل كبير" جرّاء الفشل مرّتين في الأسابيع الأخيرة في تمرير مشروع قانون البنى التحتية، مؤكّدة أنها عازمة على الدفع باتّجاه إقرار مشروعَي القانونَين معًا على وجه السرعة.

ويراقب الرئيس عن كثب التطوّرات في الكابيتول إذ أمضى المساء بأكمله وهو يتّصل هاتفيًّا بأعضاء المجلس طالبًا منهم التصويت لصالح الخطتين، وفق ما ذكرت وسائل إعلامية تابعة للكونغرس.

هزيمة كبيرة للديموقراطيين

وعاد بايدن من رحلة في الخارج الأربعاء ليستقبل بهزيمة كبيرة مُني بها الديموقراطيون في انتخابات محلية في فيرجينيا وبفوز بفارق ضئيل خالف التوقّعات بمنصب حاكم نيوجرسي.

ويسعى الديموقراطيون إلى تجنّب تكرار هذا النوع من الإنتكاسات في انتخابات منتصف الولاية العام المقبل، رغم أنّ العديد من المراقبين غير مقتنعين بأنّه يمكن لتحرّك في الكونغرس منع ذلك.

وتوقّع زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب كيفن ماكارثي أن يتمكّن الجمهوريون، الممثّلون بـ213 نائبًا مقابل 221 للديموقراطيين، من انتزاع أكثر من 60 مقعدًا العام المقبل، في تكرار لموجة "حزب الشاي" عام 2010.

وبجميع الأحوال، تركت نتائج الثلاثاء الضعيفة الديموقراطيين أمام معضلة مفادها: هل أجندة بايدن تقدّمية بشكل مبالغ فيه بالنسبة للوسط أم أنه تم تخفيفها كثيرًا عن نسختها الأساسية الطموحة لدرجة أنها لم تعد تثير حماسة اليسار؟

وتستند الإجابات التي تقدّمها مختلف الفئات إلى مواقفها السياسية، إذ يدعو المحافظون إلى وضع حد للإنفاق الإجتماعي فيما يضاعف الليبراليون جهودهم لتمرير الخطتين.

ويبدو السناتور الديموقراطي جو مانتشين الذي يعرقل تمرير الخطة، تحت تاثير كلية وارتن التابعة لجامعة بنسلفانيا التي تقدّر أنّ كلفة "بيلد باك بيتر" البالغة 1,75 تريليون دولار سترتفع إلى حوالى أربعة تريليونات دولار إذا باتت بنودها دائمة.

وقال لـ"سي إن إن" الخميس "لا يمكننا أن نميل كثيرًا إلى اليسار. هذا ليس بلدًا يساريًّا وسطيًّا أو يساريًّا"، مشدّدًا على أنه لن يتأثّر بما يقرّه مجلس النواب.

"بيلد باك بيتر"

في الواقع، تشير الإستطلاعات إلى تأييد واسع لـ"بيلد باك بيتر" في أنحاء الولايات المتحدة، التي لم يفز رئيس جمهوري إلّا مرة واحدة منذ التسعينات بالتصويت الشعبي فيها.

وخلص تقرير لـ"موديز" الخميس إلى أنّ مشروعَي القانون سيضيفان 1,5 مليون وظيفة سنويًّا وسيؤدّيان إلى نمو الإقتصاد بنحو ثلاثة تريليونات دولار خلال العقد المقبل.

وأصرّ خمسة نواب معتدلين على ضرورة ضمان أنّ مشروع القانون "مسؤول ماليًّا" ويمكن للميزانية تحمّله قبل التصويت عليه، وهو أمر قد يستغرق أسبوعين.

لكن أبرز نقطة عالقة هي مسألة الهجرة، إذ يعارض ثلاثة نواب من أصول لاتينية أي نسخة لـ"بيلد باك بيتر" لا تقدّم مسارًا يتيح للمهاجرين غير المسجّلين الحصول على الجنسية.

لكن بيلوسي تتباهى على الدوام بأنّها لا تطرح للتصويت أي مشاريع ما لم تعرف سلفًا بأنّها تحظى بما يكفي من الدعم لتمريرها، ما يشير إلى أنه تم على الأرجح إرضاء النواب المتردّدين.

ونأى الجمهوريون بنفسهم من البداية عن المفاوضات عبر استبعادهم تقديم الدعم لأي مشاريع قوانين للإنفاق الإجتماعي من اليوم الأول.

لكن ليندسي غراهام، الجمهوري الرفيع العضو في لجنة الموازنة التابعة لمجلس الشيوخ، جمع الصحافيين الخميس ليصف لهم "بيلد باك بيتر" بأنه "كذبة ستؤجّج نار التضخّم".