إيلاف من الرباط : صادق مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان )، الجمعة، في قراءة ثانية، بالغالبية، على مشروع قانون المالية (الموازنة) للسنة المالية 2025، ووافق على المشروع 178 نائبا برلمانيا، مقابل معارضة 57 نائبا.

وأكدت وزيرة الاقتصاد والمالية المغربية، نادية فتاح، عقب التصويت الإيجابي على القانون، على التزام الحكومة بتعزيز ركائز الدولة الاجتماعية، معلنة عن تخصيص 100 مليار درهم (9.26 مليار دولار) لتغطية التوافقات التي وقعتها مع النقابات العمالية في إطار جلسات الحوار الاجتماعي، من أجل دعم التغطية الصحية، ومواصلة برنامج الدعم المالي المباشر للمواطنين الفقراء، ودعم الراغبين في شراء السكن.

من جهته، أعلن الوزير المنتدب المكلف الموازنة، فوزي لقجع، عن تخصيص 10% من الناتج الداخلي الخام لصالح الفئات الهشة والطبقات المتوسطة، مع زيادات مهمة في الأجور شملت 3800 درهم (351 دولارا) للأطباء، و3000 درهم (277 دولار) لأساتذة التعليم العالي، وزيادات تتراوح ما بين 1500 و4800 درهم (138 و444 دولار) لموظفي وزارة التربية الوطنية.

ويأتي القانون الجديد بأهداف واضحة لدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المغربية في ظل التحديات المحلية والعالمية، مع التركيز على العدالة الاجتماعية والاستدامة، إذ يتوقع هذا القانون تحقيق نسبة نمو تتراوح بين 3.3% و4.6%، مستفيدا من انتعاش قطاعات حيوية مثل السياحة، وزيادة عائدات العملة الصعبة، وتحسن الموارد الضريبية.

وخصصت الحكومة للاستثمار العمومي مبلغ 340 مليار درهم (31.482 مليار دولار)، بزيادة قدرها 1.5% عن العام الجاري، لدعم مشاريع استراتيجية تشمل النقل والطاقة والماء.

الاستثمار في رأس المال البشري
في إطار تعزيز التنمية البشرية، خصص قانون المالية موازنة لبناء 181 مؤسسة تعليمية جديدة، مع التركيز على المناطق القروية لتعميم التعليم الأولي بحلول 2028. كما يتضمن القانون إنشاء مراكز استشفائية جامعية في جهات بني ملال، كلميم، والعيون، بهدف توسيع التغطية الصحية وتحسين الخدمات.

ولتحقيق العدالة الاجتماعية، أقر قانون الموازنة للعام المقبل إعفاءً كلياً للمعاشات والإيرادات العمرية المدفوعة ضمن أنظمة التقاعد الأساسي ابتداءً من يناير 2026، بالإضافة إلى تخفيض بنسبة 50% من الضريبة المستحقة على المعاشات خلال سنة 2025. كما شمل القانون فرض ضريبة بنسبة 30% على مكاسب ألعاب الحظ عبر الإنترنت ذات المنشأ الأجنبي، وإحداث مساهمة تضامنية بنسبة 2% على هذه المكاسب داخل المغرب.

ولمواجهة التحديات، يواصل المغرب تعزيز صناديقه الوطنية، إذ خصصت الحكومة 21.5 مليار درهم (2 مليار دولار) لصندوق محمد السادس للاستثمار لدعم المشاريع الاقتصادية الكبرى، و15 مليار درهم (1.39 مليار دولار) للصندوق الخاص بتدبير آثار الزلزال، بهدف إعادة إعمار المناطق المتضررة. كما يدعم قانون المالية مشاريع الطاقات المتجددة، ويعزز تدبير الموارد المائية لمواجهة تحديات الجفاف وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية، مما يعكس التزام المغرب برؤية بيئية مستدامة.

ولملاءمة الاقتصاد الوطني المغربي مع التحولات التكنولوجية الحديثة، وضع القانون التحول الرقمي ضمن أولوياته، من خلال تعزيز البنية التحتية الرقمية وتطوير المهارات التقنية، لتحفيز الإنتاجية وخلق فرص شغل جديدة.

ويعكس قانون الموازنة المالية المغربية للعام المقبل رؤية طموحة لتحقيق التنمية المستدامة، وتحفيز النمو الاقتصادي من خلال استثمارات استراتيجية، مع مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية. لكن يظل تنفيذه الفعلي والتغلب على تحديات البطالة والتضخم مفتاحاً لتحقيق كل هذه الطموحات.