وسط إحتفال العالم الإسلامي بعيد الفطر، ووسط فرحة العراقيين الغائبة و المفقودة بسبب شلالات الدم و فقدان الأمن، و ضياع البلاد والعباد في خضم الحرب الأهلية الطائفية غير المعلنة، ومع شحذ الطائفيين و المتخلفين و عملاء النظام الإيراني والتيارات السلفية المتوحشة لسكاكين التقسيم و التشطير و التقطيع لأواصر الوحدة الوطنية تحت مسميات (الفيدرالية) و (الأقاليم) و غيرها من المسميات و الصيغ المشبوهة التي لا تتناسب على الإطلاق وظروف العراق الراهنة والمعقدة و الصعبة، جاءت تصريحات السيد عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإيرانية في العراق وزعيم كتلة الأئتلاف المهاجمة و بشدة لكل المعارضين والمخالفين لوجهة نظره بشأن قانون (إدارة الأقاليم) الذي أقره البرلمان العراقي بطريقة هي أشبه بالمؤامرة !، لتزيد النار إشتعالا ولتؤكد على حجم و درجة الخلافات الداخلية في العراق ووسط أوساط الإئتلاف الشيعي ذاته المختلف على كل شيء و الداخل في صراعات دموية شرسة، فالسيد الحكيم و هو يتغنى بفضائل الديمقراطية الوليدة التي أوصلته و جماعته و تياره للحكم والتحكم و بفعل تضحيات القوات الأمريكية التي أزاحت النظام البائد و هيأت الفرصة الحقيقية للتغييرات الجذرية و التاريخية في العراق وحيث ولدت العملية السياسية التي تشهد تعثرا واضحا وفشلا مريعا بسبب فشل الأحزاب السياسية العراقية المنهجي التي لم تستطع أن تتخلص من أمراض المعارضة المزمنة وبعض هذه الأحزاب قد إندثر فكرا و موقعا في عالمنا المعاصر إلا أنه في الحالة العراقية لم تزل الديناصورات حية تسعى في صورة سوريالية غريبة ومثيرة للغثيان، أقول أن السيد الحكيم لا يتردد من توجيه سهام النقد بشكله التخويني المرير لكل المعارضين لرأيه الهادف لخلق كانتونات طائفية مريضة وسقيمة تحت مسمى (الفيدرالية)!! في وطن لم يستقر بعد بشكل نهائي وفي ظل ترتيبات إقليمية ودولية غير مريحة بالمرة، فالحكيم قد أعلنها صراحة بقوله : (أن المعارضين هم إما مجتهدون خاطئون أو جهلة أو أعداء للشعب العراقي)!! وفي هذا التقويم المتعسف خلط الحكيم الأخضر باليابس و تعمد مساواة جميع المواقف ووفق تبريرات إنتهازية لا تخلو من الإبتزاز والمراوغة و اللف و الدوران ومحاولة الإلتفاف على مشاعر الجماهير ومداعبة عواطفهم بسقف الشعارات الدينية و الطائفية التي يعتمد عليها تيار الدين و الطائفية السياسي الفاشل في بناء الدول و المجتمعات وفق رؤية عصرية و حداثية جامعة!، فالحكيم مهما بلغ من العلم لا يحق له على الإطلاق التعدي على آراء الآخرين، وهو لا يملك بالتالي (وكالة إلهية) لتقرير الحقيقة المطلقة!! فضلا عن كونه لا يتمتع بأي نوع من أنواع (العصمة)!! وهو رغم نسبه العائلي المحترم لا يملك أن يكون (المنقذ من الضلال) و لا يستطيع تجاهل الأصوات الوطنية المخلصة المعارضة للفيدرالية الطائفية التي لا تهدف في حقيقتها سوى أن تكون الشرارة الأولى و الطلقة المباشرة في تقسيم العراق وشرذمته ! فهو يريد خلق كيان طائفي سقيم مرتبط به وبأسرته ووفق محاولة إنشاء الأقاليم ذات القيادات المقدسة وبشعب غالبيته من البسطاء و المحرومين الذين هم المادة الأساسية التي تعتاش عليها قطط العمائم السمان التي إكتنزت الذهب و الفضة ولم تعرف أي معنى للمعاناة لا في الغربة ولا في الوطن، فأعراس بيوتات الدين و الطائفية كانت رائجة في أيام (طهران) و (دمشق) أيام زمان فيما جماهير الشعب العراقي من المهاجرين والمهجرين تبيع البصل والثوم وتعيش على الفضلات في مرحلة الثمانينيات!! ولن أتكلم عن معاناة العراقيين في معسكرات اللجوء الإيرانية وملفاتها المؤلمة لم تقفل بعد!! كما لن أتحدث عن ممارسات التعذيب التي كانت تجري بتنسيق مع جهاز (إطلاعات) الإيراني أو مخابرات الحرس الثوري في الأهواز وغيرها!! فتلك ملفات مغلقة لم يحن أوان نبشها بعد؟ رغم أنها معروفة للعراقيين؟ كما لم أتحدث عن ملايين الدولارات التي حصلت عليها تلك العوائل المقدسة من دول الجوار؟ وأين تم توظيفها؟ وكيف إستفاد الشعب العراقي منها؟ فتلك قصة أخرى طويلة للغاية وتحمل عناصر مفاجئات عديدة؟.
والسيد الحكيم لا يملك بالتالي حق مصادرة آراء الآخرين من المعارضين العراقيين الشرفاء المعادين للفاشية بكل أشكالها قومية بعثية كانت أم دينية طائفية و تحت أي لبوس جاءت؟ من حق المعارضين من الحريصين على وحدة العراق التاريخية الدفاع عن آرائهم دون أن ينتظرون تقويما أو (تكفيرا) من أي جهة كانت، فخيمة الديمقراطية المفترضة تتسع للجميع ولكن حينما تدس العمائم أنوفها في العمل السياسي فإن تلك الديمقراطية تتحول لمهزلة قولا و فعلا، فالإسلامي (السني) ورئيس البرلمان العراقي (المحروس) أساء للديمقراطية حينما وصف المعارضين بالأحذية!! فيما لم يتردد السيد الحكيم من تخوين وحتى تكفير المعارضين لجريمة التقسيم والتي تشكل عصابات (المهدي) و (بدر) و (روح الله الموسوي) و (ثأر الله) و (بقية الله)... وغيرها من الدكاكين إحدى أهم الأدوات التقسيمية براياتها الطائفية و شعاراتها السقيمة.... من حق الحكيم أن يحزن على مصير العراقيين السوداوي وهو يغالب فرق الموت التكفيرية والإيرانية بدلا من أن يجتهد في تكفير و تخوين الأحرار.
التعليقات