لدعم الوحدة العراقية من اجل عراق متمدن حرّ موّحد

ملاحظة مهمّة:
(كنت قد وعدت القراء الاعزاء في مقالي السابق بنشر هذا quot;المشروعquot;، وها انا ذا أبّر بوعدي لأقول بأنني قمت بطرح هذا quot;المشروعquot; 30 تشرين الثاني / نوفمبر 2003 ووصل إلى أيدي بعض القادة العراقيين في مجلس الحكم بعد ذلك.. ولقد استأنس المشروع بآراء ومناقشة نخبة من الأصدقاء العراقيين المستقلين وهم شخصيات معروفة، وذلك خلال المدة مارس ndash; نوفمبر 2004 في عدة اجتماعات عقدت لهذا الغرض. إنني أعيد نشر quot;المشروعquot; اليوم لحاجة العراق والعراقيين الماسة إليه.. لنجد كم كانت الحاجة ماسّة إليه خصوصا وقد نبهّنا فيه الى المخاطر التي سيتعّرض لها العراق ان سار في درب المحاصصات والهوان. اشكر كل الذين شاركوني مناقشة هذا quot;المشروعquot; وقدمّوا آراءهم وأفكارهم قبل سنتين بهدف تأسيس عراق مدني حر موحدّ وجديد.. راجيا من القراء الكرام التمّعن والتأمّل في الذي شددّت عليه منذ سنتين، خصوصا وانني اعتبرته بمثابة مرسوم نانت الفرنسي التاريخي الذي خلّص فرنسا من الانقسام والانهيار في القرن السادس عشر، اذ كان ذلك quot; المرسوم quot; قد خلق الالفة الوطنية وغدا مرجعية تاريخية وطنية لفرنسا الحديثة).

التقديم
لقد كان للتغيير التاريخي الذي حدث في العراق، آثارا قوية ليس في داخل العراق وساحته وحده، بل في كل منطقة الشرق الاوسط. وشمل تأثيره العالم كله وخصوصا من خلال التطورات الصعبة في العراق اثر احتلاله. ناهيكم عن كل مجريات الاحداث الساخنة التي وقعت في العراق على امتداد خمسة اشهر من ذلك التغيير.. واتمنى ان يبرز من رحم هذا المخاض الصعب عراقا جديدا بات اليوم بأمس الحاجة الى وقفة موضوعية وطنية تتدارس بدقة وامانة وتجّرد كل ما جرى وما سيجري على ارض العراق بعد كل المكاسب التاريخية التي تحقّقت ازاء ما حدث من سوء في الاوضاع الامنية والسياسية..
واذا علمنا بأن العراق الجديد مقبل مع بدايات العام 2004 على تطورات سياسية يقال بأن الانتخابات العامة ستقف على رأسها، فلابد اذن من تدارك كل السلبيات والعثرات التي قد تحصل خلال المرحلة الانتقالية الاولى، ومن ثّم تدعيم الوحدة الوطنية من اجل ان يبقى العراق محافظا على كيانه السياسي وتلاحم جغرافيته وان تؤسس ضمانات حقيقية لمستقبله الديمقراطي الموّحد.. وذلك من اجل إعادة بنائه واستعادة روحه وارجاع دوره الفعّال على الساحتين الاقليمية والدولية، ومن اجل نيل استحقاقاته التاريخية وانفتاحه على كل العالم ودعم قدرته الحيوية على المشاركة في كل ما يجري في هذا العالم، خصوصا وان العراق يحتل مركزية جيوستراتيجية في قلب العالم.. وان له مجاله الحيوي الزاخر بالثروات البشرية والطبيعية.


مشروع مؤتمر وطني
من اجل كل هذا وذاك، اتمنى ان يتنادى كل الخيّرين من ابناء العراق الغيارى الذين خلصت إرادتهم للعمل من اجل جمع شمل أبناء الشعب العراقي قاطبة بعقد مؤتمر وطني لدعم الوحدة الوطنية العراقية، وان يمثّل فيه الشعب العراقي العظيم بكل شرائحه الاجتماعية المدنية واطيافه السياسية والثقافية على اختلاف دياناته واعراقه وقومياته ومختلف احزابه وتياراته والعديد من اصوات ابنائه المستقلين.. في مؤتمر موّسع جامع لها ولهم جميعا تغلب فيه المصالح الوطنية العليا على ما دونها من التطلعات.. كما ويهدف المؤتمر الى دعم وحدة العراق واستقلاله وحريته وازدهاره.. وان يتم تدعيم ذلك كله من خلال النهج المتمدن والديمقراطي وتحقيق السيادة وتطبيق القانون وضمان العدالة لجميع فئات الشعب العراقي، والاخذ بيده لتحقيق التحرر السياسي من الهيمنة الاجنبية والمضي في التقدم الاقتصادي واعمار العراق وتطويره بكل اجزائه ومكوناته.. وان ينعم ابناء وادي الرافدين بالعيش الكريم وبالامن والاستقرار وبالكرامة وبالتعايش السلمي بتساوي الحقوق بين جميع مكوناته الاجتماعية.. بعد ان طالت المعاناة وكثرت الصعاب والاهوال.. ناهيكم عن هواجس تنتابنا بأن العراق سيأخذ طريقا صعبا لا نتمنى حصوله مذ تنتقل الصراعات السياسية الى البنية الاجتماعية لتفككها وتتلاعب بمصيرها وعند ذاك لا ينفع الندم.

اهمية العراق المستقبلية
ان المشروع الذي اطرحه لعقد هذا المؤتمر يتطلع ان يخلص من خلال جلساته واعماله الى الخروج بتوصيات جدّ مهّمة لا تقتصر في تطلعاتها ورؤاها على معالجة الواقع المضني المرير للعراقيين حسب، بل تحاول ان تؤسس مبادئ عراقية يتفق العراقيون عليها وان تّقدم نماذج وأفكار ومقترحات للمرحلة القادمة من مسيرة العراق الجديد، وتفعيل مبدأ المصارحة بين كل القوى العراقية والخلاص من آثار المرحلة السابقة بشتى الوسائل والعمل على التفاوض مع الولايات المتحدة الامريكية لوضع خطوط مشتركة لانهاء احتلال البلاد والبدء باعمارها وفرض الامن والاستقرار في ربوعها والتعويل على الاجيال القادمة في حمل الامانة من اجل ضمان المستقبل وضمان مصير العراق في القرن الواحد والعشرين. ولابد ان يدرك العالم بأن ثمة دراسات وبحوث استراتيجية جديدة كانت ولم تزل تصدر عن العراق ومستقبل العراق الذي يشغل تفكير العالم كله اليوم تؤكد بأن العراق سيغدو فاتحة ارتكازية لتحولات الشرق الاوسط في الاجلين القصير والمتوسط. ان ما جرى في العراق منذ خمسة اشهر وما سيجري قريبا مع فاتحة العام 2004، يعلمنا بما لا يدع مجالا للشك ان العراق سيغدو بوابة العرب الاقليمية نحو العالم الاسيوي، وسيوظّف العراق بعد استقراره امنيا وسياسيا ودستوريا كل تحولات مجاله الحيوي الى خطوات واسعة النطاق في الثلاثين سنة القادمة من القرن الجديد. وفي حالة انعدام جمع الشمل على مبادئ عراقية اساسية يتفق عليها العراقيون في مثل هكذا مؤتمر، فسيأخذ العراق طريقه الى الجحيم لا سمح الله.
ان العراقيين جميعا مدعوّون اليوم للعمل على جعل العراق محورا جديدا للقوة الاقتصادية نحو الآفاق الرحبة، ويمتد المحور من قلب بغداد النابض بالحياة حتى جميع بلاد الشرق مرورا بالخليج العربي الذي يعد عمقا استراتيجيا للعراق. ان خطواتنا لابد ان تعّزز هذا الهدف، فمن مصلحة منطقة الخليج ان يشغل العراق بوابة العرب المستقبلية نحو العالم بكل تحولاته وتراكيبه الاقتصادية ولابد من الارتفاع فوق كل الجراح الماضية ومآسيها، كما ولابد من اعادة اللحمة الاقليمية وتحديث الرؤية العربية لمصالحها في العراق. ان اعادة السلم والاستقرار والصلح والامن بين دول الاقليم سيفتح الابواب والقنوات الرئيسية باتجاه العالم كله.. ومن دون ذلك، فان المنطقة ستتحّول بالكامل الى مناطق مقفلة عازلة Buffer Zones تقطع الطريق امام المصالح الاقليمية والعربية والدولية.

الاهداف والتطلعات الكبرى وضرورات العراق الجديد
لعل من ابرز الاهداف والتطلعات الاستراتيجية الكبرى التي ينوي مشروع مؤتمرنا تحقيقها والتوّصل اليها تكمن في دعم الوحدة الوطنية العراقية، وتعزيز أواصرها من أجل الوصول الى الاسس الشرعية لتمثيل كافة ابناء الشعب العراقي وتحقيق كافة استحقاقاته بكل فصائله وشرائحه وفئاته وقسماته ضمانا لوحدة العراق الازلية.. ومن اجل الوصول الى كل ذلك، لابد لنا من آليات واساليب عمل لمواصلة الخطوات وتحقيق الاهداف التي نصبو اليها:

اولا: بناء عراق جديد يتمتع بسمات عراق ديمقراطي حر موّحد
عراق ينطلق بخطواته التاريخية التي تدعمها قوى سياسية وفكرية واجتماعية حرة وشريفة تحافظ على ابقاء العراق جسدا واحدا بروح واحدة تتمثّل فيه الوحدة العراقية الحقيقية بأعلى مداها من أجل ان ينعم كل ابناء العراق بخيرات بلادهم وتحقيق الأمن والأمان اذ يكفي العراقيين ما تحمّلوه من الآلام والمصاعب والمحن، وهم جميعا بحاجة ماسة الى الاستقرار الداخلي وتوفير الامن والاستقرار في ربوع العراق كلها.. وان مشروع مؤتمرنا يدعم كل الخطوات الديمقراطية التي تحققت، وسيعمل من اجل توفير الطمأنينة.. اذ يهم الناس اليوم أمنهم على حياتهم وشرفهم وصحّتهم ومعاشهم وممتلكاتهم وكل ما يتصّل بأمن العراق دولة ومجتمعا. ويناشد مؤتمرنا ضمن تطلعاته كل دول المنطقة الوقوف الى جانب الحكومة العراقية بمنع المتسللين والارهابيين عبر الحدود، لأن أمن العراق واستقراره صمّام امان لأمن المنطقة كلها. ان اي مشروع لدستور مدني دائم او تأسيس عراق اتحادي موحد او ما نسمعه اليوم لا يمكن ان يتحقق ابدا الا بعد مرور فترة نقاهة تاريخية للعراق اثر اتفاق العراقيين على مبادئ وطنية في مثل هكذا مؤتمر، وبمعزل عن اي قوى خارجية دولية كانت ام اقليمية.

ثانيا: العراق للعراقيين كلهم
ان العراق للعراقيين جميعا من دون اي تجاوزات او هيمنة او فرض وصايات او اجراء اي تهميش او استبعاد او تهجير او نفي.. وسلب اية حقوق للمواطنة.. فلقد عانى العراقيون من تلك السياسات الكثير وتعرّضوا لابشع عمليات التهجير والاستئصال والتهميش والنفي والتطهير العرقي.. الخ من العمليات المنبوذة التي تدينها الانسانية عموما. وعليه، فلابد من تدعيم وحدة العراق بوسائل وأساليب لها فعالياتها واستحداث المزيد من نقاط الالتقاء والاتفاق بين العراقيين جميعا.. وان يحاسب كل من آذى العراقيين ايام النظام السابق وكان سببا في تدمير حياتهم، وان يكرّس الدستور الدائم للبلاد على تحريم اي ممارسات للعنف او الاقتتال بين ابناء الشعب العراقي الواحد الموّحد.. وان ينص على اللجوء دوما الى لغة الحوار وبناء المجتمع المدني من اجل تحقيق سلام اجتماعي في الداخل يؤهّل العراق لمرحلة تاريخية جديدة.

ثالثا: استقلالية العراق وبناء ارادته السياسية
لابد من العمل على تحقيق هذا الهدف الذي يعد حقا مشروعا، وان الحق لا يمكن ان يؤخذ الا بالعقل والحكمة وبالاساليب السياسية والحوارات التفاوضية واستخدام مختلف الطرق والأساليب السلمية من دون إراقة قطرة دم عراقية واحدة، فلقد دفع العراقيون على امتداد خمسين سنة من حياتهم السياسية والوطنية اثمانا باهضة جدا من دمائهم الزكية. ولابد ان يدرك كل العراقيين بأن اراقة الدماء سوف لن تجدي نفعا، بل تزيد من وتائر الشد والجذب وتكريس الكراهية واختلاق الفتن واطالة مسلسل الكوارث والنكبات. لقد نجح العراقيون في تاريخهم الناصع بتحقيق فرصهم الحقيقية في الماضي من خلال اساليب متعّددة يعتبر العراقيون مهرة وخبراء فيها، ومنها مبدأ: quot; خذ وطالب quot;، ومبدأ quot; الفرص المرتقبة quot;، ومبدأ quot; المفاوضات القوية quot; في ظل احتدام سياسي ومطالبات شعبية وتظاهرات وتجمعات وكتابات وخطابات.. الخ

رابعا: دعم حكومة وطنية مؤقتة
لابد لمشروع مؤتمرنا من دعم مبدأ اعطاء الفرصة التاريخية لتشكيل حكومة مؤقتة يؤلفها الاذكياء الاقوياء وينبغي ان يكونوا جميعا من المستقلين بعيدا عن المحاصصات مهما كان نوعها.. حكومة وطنية مؤقتة تعمل بالممكن وبما يتاح لها من الزمن لاثبات مصداقيتها في العمل على وحدة العراق وديمقراطيته باعتبارها تعنى بشؤون العراق واخراجه من ازمته الحالية وتحاشي دخوله في مخاض من الدم واعادة تأهيله مستقبلا بما ينسجم والمبادىء والقيم التي تحدثنا عنها. ان حكومة مؤقتة لابد انها ستغطي قرابة ستة اشهر في السلطة من حياة المرحلة الانتقالية حّتى تتجدد لمرحلة ستة اشهر اخرى، ومن ثم تتجدد لثلاث سنوات كاملة حتى تؤهّل العراق وتنقله بشكل اكيد من طور الحكم الانتقالي الى طور تجربة الانتخابات العامة. وستقع على كاهل الحكومة المؤقتة الحالية اعباء كبرى. وعليه، فلابد من الاستعانة بكل كفاءات العراق ومساعدتهم بما يكفل ضمان مستقبل العراق الجديد بصورته الدستورية الدائمة خصوصا وان الدستور الدائم لابد ان يأتي والعراق قد نال استحقاقاته واعاد الثقة لابناء شعبه وخلّصهم من بقايا الماضي الصعب.. خصوصا وان على عاتق الحكومة المؤقتة التقّدم خطوات الى الامام على طريق اعادة بناء العراق الحر الموحد.. كما ويطمح المؤتمرون وضع دستور دائم للبلاد مع ارساء تقاليد مدنية ديمقراطية عراقية راسخة تغدو بمثابة ركائز اساسية لمستقبل الاجيال القادمة. ان تشجيع مشروع مؤتمرنا للانتخابات القادمة يتطلب الاشارة على أي حكومة مؤقتة ترتيب مستلزماتها عند اقرب فترة يستعيد العراق فيها استقراره وبنائه وان تعتني الحكومة بالسكان والاسراع باجراء احصاء سكاني شامل ودقيق للعراقيين في الداخل والخارج، كما وعليها مهمة اصدار قانون الانتخابات الذي سيحدد من داخله اعداد الناخبين وصناديق الاقتراع على اسس سليمة وعادلة ونزيهة في الداخل والخارج..

خامسا: تجسير العلاقة بين السلطة والشعب
يتطلع المؤتمر الى تشكيل لجان خاصة برعاية مؤتمرنا من اجل الالتقاء الدائم والمستمر مع ابناء الشعب العراقي. ان شعبنا في الداخل متعطش لمثل هذا التجسير، فضلا عن روابط وشيجة لابد من تأسيسها بين السلطة والقوى السياسية وبين شرائح المجتمع، بعيدا عن الابراج العاجية التي قد يتخذها المسؤولون فتبعدهم عن ابناء جلدتهم. وهنا لابد ان يكون الشعب موضع ثقة العهد الجديد وسينتج عن ذلك جني فوائد ومنافع لا تحصى. ان هذه النقطة الارتكازية ستنتج عنها لأول مرة بعد عقود زمنية وعهود سياسية مضت، زرع الثقة وترسيخ أساليب التعامل بين المسؤولين العراقيين الجدد وبين ابناء الشعب العراقي. ان على الدولة العراقية الجديدة ان تجد الحلول الناجعة والعاجلة لاصلاح ما يمكن اصلاحه وتحديث ما يمكن تحديثه.. وان يشعر المجتمع العراقي ان الدولة في خدمته لا كما تعّود دوما في ان يكون في خدمة الدولة خائفا خائرا كسيحا.. فلقد دفع العراقيون اثمانا باهضة من دمائهم وحياتهم وزمنهم ومعاناتهم وقهرهم وثرواتهم.. وكل ما يملكونه من اجل (الدولة) في الانظمة السابقة ابان عهود العراق الماضية.

سادسا: اعمار العراق وتطويره
يتطلع مشروع مؤتمرنا التأسيسي بالمساهمة في اعادة اعمار العراق من اجل بناء عراق متطّور ومزدهر له قوته في بنيته الفوقية (= القوى البشرية الكفوءة) وبنيته التحتية وان يغدو المجتمع العراقي بكل اصنافه وبيئاته والوانه مجتمعا متطورا مستفيدا من تجاربه التاريخية ومآثره الحضارية وحيويته وقابلياته ومواهبه. وان تبدأ الحياة العراقية باستعادة مآثرها الحية التي اشتهرت على امتداد التاريخ بفلكلورياتها وتنوع ثقافاتها ومنتدياتها ومقاهيها وجمعياتها.. وان تنطلق الثقافة العراقية من عقالها لتقّدم المزيد من الابداعات في مختلف حقول المعرفة والفن والادب.. وان تتاح الفرص الواسعة للتعبير عن الرأي وللكتابة والتجمع.. كما ان بيئات العراق المتنوعة الجميلة والمقدسة بحاجة ماسة الى العناية والتطوير لكي تغدو قبلة العالم كله خصوصا وان هناك مناطق عراقية جميلة وساحرة قابلة لأن تغدو من اشهر المناطق السياحية في العالم والمحيط الاقليمي.. ان حاجة العراقيين ماسة اليوم للبدء سريعا بتنفيذ خطط خمسية لشركات كبرى في تطوير مجال الزراعة العراقية ومجال الصناعة العراقية والقطاع الاقتصادي العام وبضمنه تجارات العراق المحلية والاقليمية والدولية وتحديث النظام المصرفي فضلا عن قطاع الخدمات والسياحة والبلديات.. من هنا ستتوفر أيدي عاملة ويتم تشغيل الآلاف المؤلفة من العراقيين الذين ينتظرون فرصهم بالحياة الجديدة.

سابعا: ضرورات العراقيين الأساسية
يتطلع مشروع مؤتمرنا لما يمكن ان يتحقق للعراقيين جميعا الذين هم بأمس الحاجة الى الجانب الامني وتطبيق القانون بصرامة ضد كل المتجاوزين والمجرمين واتاحة الخدمات البلدية والكهربائية واسالة الماء وصناعة الخدمات النوعية وتطوير المواصلات وسكك الحديد والاسواق الحديثة من اجل الارتفاع بمستوى الحياة العراقية وجمالياتها في المدن والأرياف وذلك من خلال توظيف كل الإمكانات والإنفاقات في تطوير البلاد والارتفاع بها الى مستوى البلدان المتقدمة. ويطمح المؤتمرون ان اجتمعوا ان يتم التنافس بين المشروعات الكبرى والمشروعات الصغرى على اساس استخدام الافضل من الناحية النوعية وخصوصا في قطاع الخدمات والتخطيط الحضري ومشروعات الصرف الصحي وبناء المدن الجديدة والمواصلات المتطورة البرية والنهرية والجوية والعناية باخضرار العراق وإعادة الحياة لاهواره وغاباته ونخيله وجباله وسهوله وكل جمالياته. وعلى العراقيين حكومة وشعبا ان يعملوا معا من اجل استقدام أفضل الشركات العالمية لتطوير المدن والإسكان والخدمات والبلديات والاتصالات والأسواق الحديثة والمراكز التجارية.. الخ

ثامنا: الإعلاميات العراقية المتنوعة

يتطلع مشروع المؤتمر الى تطوير آليات الإعلاميات العراقية الداخلية والخارجية المرئية والمقروءة والمسموعة بحيث تعمل جميعها على نقد الأساليب القديمة والممارسات المشينة التي أضرت بالواقع، وان يعمل كل العراقيين على إزالة عوامل الكراهية والأحقاد إن وجدت بين مجموعات وطوائف وأحزاب ومذاهب وعشائر وجهويات. ومن ابرز المستلزمات على القادة والساسة والمثقفين والاعلاميين العراقيين ان يضبطوا السنتهم عن أية تصريحات ومقالات ووجهات نظر تجريحية او مثيرة لاحاسيس كل الاطراف وخصوصا اللعب بالمشاعر الطائفية. إن الديمقراطية هي الحل الامثل لكل مشكلات الشعب العراقي شريطة ان لا تغتالها اي حكومة مدنية او أي ثكنة عسكرية ولا أية أكثرية ولا أية أقلية او أي احزاب ومجموعات طائفية.. وشريطة أن لا تطبخ بسرعة والشعب العراقي مغّيب بآلامه ومشكلاته وتخّلف أوضاعه.. وشريطة ألا تمارس فيها أي تزويرات ولا اي تدخلات، فالاحتكام الى صناديق الانتخابات والاقتراع السري والعلني لاختيار ممثلي العراق الحقيقيين هو الأسلوب الأمثل الذي يجّنب العراق والعراقيين كل البلايا والرزايا في المستقبل شريطة ان تتبارى القوى السياسية المدنية بعيدا عن اي قوى دينية او طائفية التي ان دخلت الميدان فستكون سببا في خراب العراق.


تاسعا: استدعاء القيم النبيلة والوسائل العراقية
ثمة قيم عراقية أصيلة معروفة في تكويناتنا الاجتماعية نحن العراقيين، بل ونكاد نكون الاستثناء في حملها، فلقد عرف العراقيون منذ قديم الأزمان بها ويشهد بذلك عليها تاريخهم ومأثوراتهم اذ تميزوا بالشهامة والشجاعة والغيرة والحمية والنخوة والجيرة وحسن التعامل والتعايش السلمي والكرم والسخاء وإغاثة الآخر ومساعدته ونجدته والمحبة والاعتزاز بالأرض والديار وعشق الكلمة وقول الشعر وترديد الأمثال الجميلة.. كما واشتهروا بحب العمل والإنتاج والسعي من اجل بناء الحياة واعمار المدن وتقاليد المجالس وآداب التعامل وحسن التربية.. الخ كلها قيم أصيلة ونبيلة لها سموها وتجلياتها، فلابد من الدعوة الى إحيائها وتوظيفها لما ينفع مصالحنا الوطنية العليا والدنيا باستخدام كل الطرق والوسائل في جميع المناسبات الوطنية والدينية والاجتماعية والقومية والدولية.. واعتماد اسلوب منهجي في تحليل قضايا الساعة. وان يشارك كل العراقيين الذين يتمتعون باحساس وطني قوي وبثقافة عليا وبمؤهلات مرموقة.. في الدعوة لكل هذا العالم المشاركة في اعادة اعمار العراق.

عاشرا: منح العراق الفرص السانحة
يتطلع مشروع المؤتمر من خلال ما تحقق الى حد اليوم للشعب العراقي مقارنة بما عاناه هذا الشعب الى منح الفرص الحقيقية الكاملة لكل شرائحه وفئاته وطبقاته للمساهمة بكل حيوية وشفافية في مناقشة القضايا المهمة والمصيرية التي تعنى بواقع البلاد ومستقبلها ومصيره كشعب، اي ان العراقيين لابد ان يشاركوا في ابداء آرائهم وطرح افكارهم في ما يخّص معالجة أوضاعهم ونقد ما يرونه من أخطاء الى حين استكمال بناء المؤسسات خلال مرحلة النقاهة للعمل على تأسيس مسوّدة الدستور الدائم، والاتفاق على آلية الانتخابات وضمان نزاهتها او مستحقات الديون العراقية ومسائل التعويضات المالية، اضافة الى مساهماتهم في حل مشكلات العراق الصعبة التي ورثوها عن المراحل السابقة.

حادي عشر: العلاقات الخارجية
يطمح مشروع المؤتمر الى بناء علاقات خارجية قوية للعراق مع جيرانه ومع كافة دول العالم، وكم سيكون امرا ارتكازيا بدخول العراق في مجالات التعاون الاقتصادي والسياسي مع دول مجلس التعاون الخليجي الشقيقة وبناء علاقات متميزة مع دول المجلس.. فضلا عن عقد اتفاقيات مع الدول المجاورة. ونطمح ايضا ان ينجح العراق دولة ومجتمعا في تعامله مع جامعة الدول العربية على أسس جديدة تأخذ باعتباراتها تطلعات العراق الجديد وكرامة الانسان العراقي، والزام الجامعة العربية على ان تنظر للعراق وفقا لهذا المبدأ. وان ينجح العراق لأن يكون عضوا في منظمة الغات للتجارة العالمية. باختصار: لابد ان يكون العراق صاحب ارادة سياسية حرة في بناء علاقاته الخارجية.

ثاني عشر: تطوير التربية والتعليم العالي
يطمح مشروع المؤتمر الى الأخذ بأساليب التطور المدنية الحديثة في مجالات التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي والتقدم التقني بتطوير الأساليب والمجالات والمرافق الأكاديمية والمجمعية والثقافية في كل إرجاء العراق، وفتح الأبواب على مصراعيها لتأسيس مدارس وكليات ومعاهد جديدة متقدمة بأساليبها ومناهجها.. مع تطوير المدارس بكل مستوياتها والجامعات العراقية والمعاهد الفنية ومراكز اللغات والمتاحف والمعارض والمكتبات العامة ودور الثقافة.. وتجديد مرافقها ومواكبتها لكل ما جرى من تطورات مذهلة في العالم من هذه الجوانب.. فضلا عن إلغاء وتبديل كل ما ورثه العراقيون من تقاليد وأعراف بائسة. ويتطلع المؤتمرون إلى أن الحاجة باتت ماسة عند العراقيين لاستئصال كل فكر شوفيني وتراثه وشعاراته الفاشية وتقاليده الدموية المخيفة وتخليص الثقافة العراقية من أساليبه الشوفينية في عبادة الفرد وتأليه العنصرية ودكتاتورية الحزب الواحد والفرد الواحد!

ثالث عشر: إطفاء المديونية العراقية
لابد ان يقف العالم كله مع العراق الذي خرج من حرب ضروس وهو ضعيف ومغرق بالديون وبالمشكلات الداخلية والخارجية. وعليه، لابد من الوعي باحتياجات البلاد الأساسية والعمل على اطفاء ديونها كافة.. وتوظيف حجوما كبرى من رؤوس الاموال بتأسيس استثمارات ومشروعات كبرى تعتني بتحديث البنية التحتية وهذا ما يؤكد بالضرورة ان ما يحتاجه العراق اليوم هو السيطرة على الجانب الامني وفهم الثقل المريع من المشكلات الداخلية التي تتطلب حلولا سريعة لكل مشكلاته مع الخارج.

رابع عشر: من اجل مؤتمر وطني دوري متواصل
يتمنى مشروعنا العمل على تنظيم المؤتمر التالي بعد مؤتمرنا التأسيسي على ارض العراق، وقبل ابان مرور سنة واحدة فقط على المرحلة الانتقالية للمساهمة عمليا وبأساليب مدنية نزيهة ونظيفة وشفافة في بناء بيئة عراقية ديمقراطية حقيقية، ونشر روح الاخاء والمحبة والتضامن والتعايش بين كافة ابناء الشعب العراقي، فضلا عن المساهمة الفاعلة في كل خطوة نحو الإمام تؤدي الى منح الشعب العراقي فرصه الحقيقية في حرية الاختيار والمشاركة في انتخابات حرة ونزيهة ومراقبة لأول مرة في تاريخ العراق.. على ان يكون دور مؤتمرنا مستمرا وفاعلا ودائما بعد انتهاء انعقاده والعمل بمبادئه و بتوصياته والاليات التي يتفق عليها المؤتمرون حتى قيام جمعية عراقية وطنية منتخبة. وهنا لابد من القول بأن المؤتمر يتوسم في كل العراقيين المشاركين فيه بأن كل ما ينبثق عنه من توصيات تعتبر ملبية لطموحاتهم ولو بحدها الأدنى وتكون ملزمة أدبيا لكل من شارك في المؤتمر.

وأخيرا: ماذا نقول؟
بعد كل هذا الذي تم عرضه وتبيانه لابد من القول بأن المؤتمر العراقي لدعم الوحدة الوطنية العراقية انما يعدّ ضرورة تاريخية وحاجة أساسية لبداية تاريخية وحقيقية للعراق في القرن الواحد والعشرين، وسيقوم المؤتمر بمثل حجمه المقترح بمراقبة أهم التطورات السياسية في العراق وخصوصا التطورات الداخلية والخارجية (الاقليمية والدولية)، كما سيتابع لاحقا ومن خلال الدورات اللاحقة كل خطوات المسألة الدستورية والانتخابات والاستفتاءات وصناديق الاقتراع وكيفية الارتقاء بالعراق وجعله نموذجا لبيئة سياسية متميزة لها تحديثها السياسي، وبيئة اقتصادية متطورة لها قوتها وتأثيرها.. مرة أخرى، سنقدّم واجب الشكر والعرفان لكل من قام برعاية هذا المطلب الحيوي.. ولما كان الوضع الحالي في العراق يتطّلب مساعدة صادقة وأخوية من كل من يؤمن بأهداف هذا quot; المشروع quot;، ولكل من له ثقل ودور في الأوساط الشعبية العراقية..
تمنياتنا من صميم القلب لعراقنا الحبيب بالأمان والتقدم والازدهار، وللشعب العراقي كل الرقي وتحقيق الامنيات.. كما ونرجو ان يصغي كل العراقيين الى صوت العقل ليجتمعوا على كلمة سواء وان لا تكون هناك ثمة اجندة خارجية ابدا على المؤتمر، اذ ان هناك خياران امام العراقيين، فاما مثل هذا الطريق السوي لبناء العراق، واما طريق آخر سيودي بالعراق والعراقيين الى المهالك لا سمح الله.. حفظ الله العراق والعراقيين ووفقهم لما فيه بناء العراق.
والله من وراء القصد.


د. سّيار الجميل