منذ صغري وأنا أحفظ العبارة التالية التي تتكرر في مناهجنا السعودية، في مواد الفقه والحديث والتفسير وحتى التدبير المنزلي بأن: quot;الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع واذا صلحت صلح المجتمع كله واذا فسدت فسد المجتمع quot;، وعندما يحلو لنا أن نتعالى على الغرب وندافع عن تخلفنا في جميع المجالات فاننا نتحدث عن قيم العائلة وتماسك الاسرة والترابط وغيرها من القيم التي نسيها -في نظرنا -ذلك الغرب (المنحل) أخلاقيا.
البارحة امتلأت الجرائد ونشرات الأخبار بخبر اجازة المجمع الفقهي الاسلامي لمسألتي زواج المسيار والخلع، مما يوحي بأن معظم المسلمين سيجدونها فرصة (ليسيّروا) كما يريدون بحجة أن ذلك هو شرع الله الحلال حتى لو كانوا ينسون الله في كل شيء ويتذكرونه فقط في مسألتي التعدد والمسيار، فعندما يأتي الحديث عن هذه القضايا حينها يكون الشرع فوق الجميع والويل لمن يعترض أو حتى يناقش؟
المجمع الفقهي أحل زواج المسيار واعتبر أنه كامل الشروط من ناحية الشرع، لكن ماذا عن شرط الاشهار؟ قد يكون لهم اجابة شرعية مقنعة لكن هناك قضية أخرى وهي:
أن ليس كل ماهو حلال شرعا هو حلال من الناحية الأخلاقية والمنطقية، فزواج طفلة في الثانية عشر مثلا هو حلال في الشرع لكنه جريمة أخلاقية وفق المنطق والظروف الحالية، وزواج طفل في الخامسة عشر أيضا حلال شرعا لكنه كارثة اجتماعيةعلى أرض الواقع، والاسلام حث على استخدام العقل وعلى أن تستفتي قلبك.
في الغالب زواج المسيار يكون مقترن بالتعدد حيث يتزوج الرجل بهذه الطريقة لأنه يخفي الأمر عن زوجته، فأين مبادئ الصدق في الاسلام ومبدأ (لا ضرر ولا ضرار)وأن (الظلم ظلمات يوم القيامة )؟؟
أعرف امرأة اكتشفت أن زوجها متزوج ولكن ما أدهشها أنه لم ينم ليلة واحدة خارج المنزل، فقد كان يخبرها أن لديه دوام اضافي (أوفر تايم )لمدة ساعتين، ولم يكن يكذب كثيرا فقد كان لديه أوفر تايم زوجي حيث يقضي ساعتين في أحضان زوجة المسيار، ثم يعود الى بيته وكأن شيئا لم يكن، لكن ذلك لم يدم طويلا حيث اكتشفت الزوجة الأولى وأصرت على الطلاق فخسر زوجته الأولى التي كان يحبها فعلا بسبب نزوة حمقاء.
شيء آخر مزعج في مثل هذه الزيجة وهو اختزالها للعلاقة الزوجية في ناحية واحدة فقط، يزور الرجل المرأة في بيت أهلها ويقضي حاجته ثم يخرج فأين هو معنى الأسرة في مثل هذا الزواج؟
الأسرة التي هي quot;اللبنة الأولى في المجتمع quot;؟؟ حيث يبدو مثل هذا الزواج أقرب الى البغاء الحلال منه الى الزواج بمعناه الأشمل كعلاقة انسانية وعشرة وبيت يبنى يوما بيوم.
شيء آخر لم يناقشه المجمع، ماذا عن الأولاد هل سيستمرون في أسرة مسيار ؟ومن الذي سيتحمل توجيههم وتربيتهم ومصاريفهم، ألن يتسبب ذلك في قذف أطفال الى الحياة دون ضمان لنشأة طبيعية معقولة بين أبويهم ؟
وأخيرا قال الشرع كلمته متمثلة في المجمع الفقهي -الذي لم يضم امرأة واحدة !!-وبقي على علماء النفس والاجتماع أن يدلو ا بدلوهم لمناقشة هذه القضية وآثارها بشكل علمي وواقعي
على أية حال حسنا فعل المجمع الفقهي حين أباح المسيار والخلع في جلسة واحدة وأنصح كل امرأة تريد أن تحمى نفسها أن تشترط على زوجها في عقد الزواج وتقول له: quot;اذا أنت سيّرت أنا سأخلع quot;؟
- آخر تحديث :
التعليقات